تعلموا المعارضة حتى لا تقعوا في بئر الخيانة

عبد المنعم حسين

عندما تهاجم الوطن وتشمت فيه مع أي سوء يصيبه بحجة معارضة حاكم واختلافك معه انتبه لأنك تتخطى خط التماس ما بين الوطنية والخيانة.

من بديهيات الوطنية عشق الوطن وعدم الاختلاف معه ولكن يكون الاختلاف حوله، بمعنى أن علاقة الوطني الشريف بوطنه علاقة جذور، علاقة أمومة وأبوة وأخوه ونسب، هى علاقة عقيدة أشمل وأوسع لأنها تحتضن كل الأديان والمعتقدات، الوطن والوطنية هى علاقة زواج كاثوليكي فمن يجمعهم الرب لا يفرقهم بشر.

نرشح لك: تعليق صاحب أشهر صورة بعد تعويم السفينة الجانحة


تعلموا الوطنية من التاريخ القديم والقريب، هل كان منا من هو أشرس وأجرأ من الشاعر أحمد فؤاد نجم الذي ملأ الدنيا بقصائد “من باب الأدب” سأكتفي بأنها هجاء ولن نسميها بتسميتها الحقيقية، ورغم أنه أمضى الكثير من عمره في سجون مصر وغربة المنفى مع رفيقه الشيخ إمام إلا إنهما لم يطاوعهما لا قلبهما ولا فنهما في سب مصر أو الشماتة في مصر.

الواقع أننا كلما أردنا أن نتغنى لمصر وبمصر جرينا نحو أغانيهما وأشعار نجم الغارقة في بحر حب مصر تلاطمه أمواج الوطنية الشريفة، فما زالت مصر هى بهية أم طرحة وجلابية، وعندما أردنا أن نشكر العاملين بقناة السويس جرينا إلى فلاحينك ملاحينك.

وكذلك الحال مع الخال عبد الرحمن الأبنودي الذي تغنى بسماها وترابها وترعتها وأوبرتها ورأها وهى تغسل شعرها، ولم يتغنى بسجنها ولا زين قصائده بشماته في أي مكروه يصيب الوطن، بل جاب الشوارع والحارات ليشد من أزر الشعب ليقوم بعد الهزيمة وينتصر، ومازلنا نتغنى بكلماته في حب مصر.

حتى صلاح جاهين بعد نكسة يونيو وإحساسه بالانكسار بعد كل ما كتبه في حب مصر، اختار العزلة على أن يكتب حرف واحد يسب به مصر أو يشمت فيها.

هكذا حال الوطنية يا عزيزي والأمثلة كثيرة وعديدة، ودائمًا أبدًا الاختلاف يكون حول الوطن لا مع الوطن.

أما اليوم يُساء للمعارضة ومعناها السامي النبيل بعبرات الشماتة والفرح بأي مكروه، لم تكن المعارضة يومًا تعرية وطن ولكنها دائمًا ستر وحماية وطن.

تعلموا المعارضة من الوطنيين الحق قبل أن تقعوا في بئر الخيانة.

نرشح لك: الرئيس “السيسي”: رد فعل المصريين على أزمة السفينة كان لافتًا