كيف هدد "كوكتيل البطيخ" بعض المسؤولين في حكومة بوريس جونسون؟

محمد إسماعيل الحلواني

كشفت شبكة “سكاي نيوز” أن هيئة الخدمات الصحية الوطنية تواجه تحديًا قانونيًا بشأن صفقة بيانات تتعلق بشركة “بالانتير للتكنولوجيا” المثيرة للجدل في وادي السيليكون.

وحصلت الشركة، التي اشتهرت بعلاقاتها الوثيقة بالأجهزة الأمنية ووكالات الهجرة في الولايات المتحدة، على أول صفقة لها على الإطلاق للتعامل مع بيانات هيئة الخدمات الصحية الوطنية في مارس 2020 مقابل مبلغ رمزي قدره 1 جنيه إسترليني.

نرشح لك: تحويل رواية “جاتسبي العظيم” إلى مسلسل رسوم متحركة

وتجبر القضية المرفوعة ضد هيئة الخدمات الصحية على إعادة النظر في العقد، الذي تم تمديده في ديسمبر 2020 ويبلغ الآن 23.5 مليون جنيه إسترليني.

وتعد الدعوى القضائية أحدث ما أثير بشأن المشتريات أثناء جائحة كورونا، وهو ملف ساخن للغاية خلال الأشهر الأخيرة، تزامنًا مع اتهامات للحكومة البريطانية بتفضيل معارف المسؤولين.

وكشفت مجموعة من رسائل البريد الإلكتروني الحكومية الداخلية عن اجتماعات رفيعة المستوى جرت بين مسؤولي شركة بالانتير للتكنولوجيا وكبار مسؤولي الحكومة وهيئة الخدمات الصحية الوطنية قبل الوباء، مما أثار تساؤلات حول دور العلاقات الشخصية في ترسية العقد على الشركة.

وتزعم أوراق الدعوى أن هيئة الخدمات الصحية الوطنية في إنجلترا أخفقت في تقدير تأثير الصفقة على المرضى والجمهور وأغفلت إجراء تقييم جديد لتأثير حماية البيانات، وهو ادعاء تنفيه الهيئة بشدة.

وقالت كوري كريدر، الشريكة المؤسسة لشركة “فوكس جلوف”: “هذه شركة تقنية عملاقة تسعى إلى إنشاء جسر دائم لدى هيئة الخدمات الصحية الوطنية ونعتقد أن للجمهور الحق الكامل في معرفة ذلك ومناقشته قبل فوات الأوان”، تجدر الإشارة إلى أن كريدر هو الذي حرك الدعوى القضائية نيابة عن موقع “أوبن ديموكراسي openDemocracy” الإخباري.

وذكر المتحدث باسم هيئة الخدمات الصحية الوطنية أن الشركة موردٌ معتمدٌ للقطاع العام في المملكة المتحدة، وقد أنجزت هيئة الخدمات الصحية الوطنية تقييم تأثير حماية البيانات في أبريل 2020، وسيتم نشر تحديث لذلك التقييم في الوقت المناسب”.

على الرغم من أن شركة “بالانتير للتكنولوجيا” لا تخزن أي بيانات صحية بنفسها، إلا أن الشركة المدعية فوكس جلوف تشتكي من استخدام برنامج تحليل البيانات الخاص بالشركة المدعي عليها “بالانتير للتكنولوجيا” في مهام مثل توزيع لقاح كوفيد، كما تدعي أن هيئة الخدمات الصحية الوطنية بموافقتها على ذلك فإنها تعرض بيانات الجمهور للخطر.

وقالت كريدر لشبكة سكاي نيوز: “تعلمنا حملات اللقاحات الحكومية أنه لا توجد صحة عامة بدون ثقة الجمهور”، مستشهدة بانتقاد مجموعات حقوق الإنسان لشركة بلانتير على خلفية عملها مع قوات الشرطة الأمريكية، وهيئة الهجرة والجمارك كمصادر محتملة للقلق.

تستند الدعوى القضائية إلى مجموعة من الوثائق الداخلية للحكومة البريطانية التي تم إصدارها إلى مكتب الصحافة الاستقصائية بموجب قانون حرية المعلومات، والتي تُظهر كيف تقربت شركة بالانتير للتكنولوجيا بكبار الشخصيات من هيئة الخدمات الصحية الوطنية والشخصيات الحكومية قبل فترة طويلة من منحها عقدًا مع الهيئة الحكومية.

كشفت رسائل البريد الإلكتروني أنه في يوليو 2019، استضاف لويس موسلي، رئيس شركة بلانتير في المملكة المتحدة، ديفيد بريور، رئيس هيئة الخدمات الصحية الوطنية وأقام عشاء عمل على شرفه، وشرب المسؤول كوكتيلات البطيخ، والتي قدّرها اللورد بريور ثمنها لاحقًا بـ 60 جنيهًا إسترلينيًا.

في مساء اليوم التالي، أرسل موسلي رسالة بريد إلكتروني إلى اللورد بريور، شاكراً إياه على “المناقشة الرائعة والمثيرة للأفكار”. وأضاف: “إنني على قناعة تامة أكثر من أي وقت مضى بأن المملكة المتحدة في وضع فريد يمكنها من ريادة الجيل القادم من الاكتشافات والعلاجات الطبية”.

بعد ساعات، رد اللورد بريور، مشجعًا موسلي على الاتصال به مجددًا فكتب: “هل بإمكانك أن ترى الطرق التي يمكنك من خلالها مساعدتنا في هيكلة وتنظيم بياناتنا؟”.

على الرغم من هذا الرد غير الملزم، استمر موسلي في الاتصال باللورد بريور. في أوائل أكتوبر 2019، التقى رئيس شركة بالانتير للتكنولوجيا مع ماثيو جولد، الدبلوماسي السابق الذي تم تعيينه رئيسًا لهيئة الخدمات الصحية الوطنية. وقال للورد بريور عبر البريد الإلكتروني: “كان الاجتماع إيجابيا للغاية”، ودعاه إلى مقر شركة بلانتير في سان فرانسيسكو في يناير 2020.

وقبل اللورد بريور الدعوة. وفي 14 يناير 2020، التقى هو وفريق صغير من مساعديه مع “مؤسسة بلانتير لعلوم الحياة الصحية”، وهي مجموعة تضم حوالي 10 من مهندسي شركة التكنولوجيا والمتخصصين في العلوم الصحية. ومع ذلك أكد المتحدثين باسم الشركة وهيئة الخدمات الصحية أن الاجتماعات المشار إليها “لا علاقة لها بمنح أي عقود للشركة”.

وعلقت السيدة كريدر على هذا الأمر بمزيد من الشك، قائلة: “ما فائدة كوكتيل البطيخ إن لم يكن لحشد التأييد والتأثير والنفوذ؟”