"أخبار العالم" لتوم هانكس.. قصة إنسانية تصنعها الأخبار

رباب طلعت

طرحت شبكة “نتفليكس” قبل يومين أحدث أفلام الفنان الكبير توم هانكس، أحد النجوم الأكثر شعبية في هوليوود “News of the World – أخبار العالم” الذي يلتقي فيه مجددًا مع مخرجة فيلمه الشهير “الكابتن فيليبس”، والذي حقق إيرادات وصلت إلى 10 ملايين و 875 ألف دولار منذ طرحه في 25 ديسمبر من العام الماضي، وعلى الرغم من تراجع إيراداته في السينما إلا أنه اعتلى قائمة الترند في مصر في نفس يوم طرحه وحتى اليوم.

الفيلم كان أحد الأفلام التي قررت شركة Universal’s طرحه في السينمات في موعده يوم 25 ديسمبر 2020، في فترة العطلات على الرغم من المخاوف التي حاوطت ذلك القرار بسبب استمرار أزمة فيروس كورونا، إلا أن الشركة المنتجة عقدت صفقة آمنة مع Netflix لطرحه عليها عقب العرض السينمائي الأول، لتعويض تراجع الإيرادات الذي نال من كافة الأفلام المعروضة خلال أزمة فيروس كورونا (كوفيد – 19).

نرشح لك: 4 أسباب تدفعك لمشاهدة وثائقي نتفليكس “تاريخ الكلمات البذيئة”.. أبرزها نيكولاس كيج


صدفة.. تغير حياة قارئ الأخبار

تدور أحداث الفيلم عام 1870، في مرحلة تلي نهاية الحرب الأهلية في الولايات المتحدة الأمريكية، حول العقيد المتقاعد جيفرسون كايل كيد (توم هانكس) أحد المحاربين في ثلاثة حروب، وأنهكته الحرب وقرر الغياب عن بلدته التي تقع في ولاية تكساس، بعد وفاة زوجته أثناء انشغاله في الحرب، وتحول لقارئ أخبار، يروي على الناس في المقاطعات الصغيرة الأخبار التي لا تصل لهم، على هيئة قصص عم الملكات والكوارث والجرائم والمغامرات والاكتشافات التي تدور حول العالم، ويقابل فتاة ألمانية الأصل، تربت وسط أحد القبائل الهندية بعدما قتلوا أسرتها، فلا تجيد إلا لغتهم، وتتصرف بعدوانية تجاه البيض ولا تثق فيهم، بعدما قتلوا بدورهم أسرتها الهندية التي نشأت فيها لتتيتم للمرة الثانية، ويجدها “كيد” بعد مقتل أحد الهنود الحمر كان يحاول إيصالها إلى خالتها في مقاطعة بعيدة، وبعد مرور الكثير من الأحداث تعلق بها، وقرر تبنيها واستكمال حياتهما سويًا، لتتغير حياتهما معًا، هو يجد عزائه عن سنوات الحرب وفقدان الحبيبة فيها، وهي تجد أبًا حنون يشبع شغفها بالقصص التي يرويها، ويعلمها ما لم تتعلمه وسط الهنود ولم تكن لتتعلمه مع خالتها وزوجها الشرسين.

الأخبار.. البطل الحقيقي للقصة

على الرغم من أن الحبكة الدرامية الظاهرة من العمل تدور حول الصدفة التي تغير الحياتين، إلا أن الأمر لا يبدو كذلك عندما يمعن المشاهد النظر في العلاقة الوطيدة بين اسم الفيلم “أخبار العالم” وراوي تلك الأخبار، يعلم جيدًا أن الأخبار هي البطل الأساسي في العمل، فكيد (توم هانكس) المسافر عبر صحراء طويلة متنقلًا من بلدة لأخرى ليروي للسكان المحليين، ما يدور حول العالم، قد اكتسب من قصصه الصحفية الكثير، فاكتسب من تعامله مع الكثير من الناس باختلافاتهم الثقافية الإنسانية والمحبة التي غمر بها الطفلة التي أسماها جوانا (هيلينا زنجل)، ولا أقصد بالناس هنا من يروي عليهم القصص فقط بل أولئك الذي عايش قصصهم بين صفحات الصحف، تعلم أيضًا الانتقاء، فهو لا يقرأ أي شيء، هو يقرأ ما يهم سكان كل بلدة وما يحرك مشاعرهم ويثير ضحكاتهم تارة وثورتهم تارة وفضولهم تارة أخرى.

“كيد” أيضًا محارب، ولم تفقده الأخبار تلك الصفة بل أضافت عليها الكثير، فأصبح يعلم أن سلاحه الكلمة، وللدفاع عن نفسه وطفلته لا يحتاج لمسدس أو بندقية في كل الأوقات فنجاته من الممكن أن تكون على يد أبطال قصصه، فالكلمة سلاح نفاذ لا يخطئ أبدًا، بالإضافة إلى أنه تعلم منها الصدق والتفاهم وإيجاد منطقة مشتركة بينه وبين الجميع سواء مستمع أو تلك العابرة التي غيرت حياته.

الأخبار.. السلاح الذي لا يفنى

وذلك التأثير الكبير للأخبار الذي تجلى على بطل العمل، وعلى المستمعين له خلال المواقف المختلفة التي مر بها واستعان بالأخبار لتوجيههم، يسقط الضوء بشكل غير مباشر على تأثير الصحافة والإعلام كمحرك ومؤثر للشعوب، بل وسلاح ذو حدين فهو قادر على تحريك ثورات وإشعال حروب وإسكات مجتمعات على الظلم وتزييف الحقائق كما له القدرة على تغيير الشخصيات وتوجهاتهم، فالطفلة الثائرة الهمجية كانت تستمع للقصص بشغف أعاد ثقتها في الراوي وسمحت له بتغيير طباعها العدوانية، وخلقت منها فتاة متحضرة بعثت من جديد فيها الحياة التي غادرتها بعدما شهدت قتل عائلتيها مرتين.

تلك القصص التي ترويها الأخبار أيضًا أزالت الغمامة عن أحد أفراد العصابة وجعلته يعلم جيدًا أن ضعفه أمام جرائم رئيسها ومساعديه ضد أبناء بلدته وأقاربه ليس الحل ليحافظ على سلامته، وأن هناك الكثير ينتظره خارج تلك البلدة، وأن الوحش الذي ظنه يمكنه التغلب عليه بالقتال لا بالانصياع لأوامره وتحوله من رجل طيب لمعين للشرير.

قصص تطور القطارات، وصراع الملكات، وغيرها أيضًا كان الملهم الأساسي لمعرفة بعض السكان بما يدور حولهم في العالم وما هم محرومون منه لأنهم من أبناء الجنوب الفقراء الذين دمرتهم الحروب ولا أحد ينظر لهم ولقراراتهم، فالأخبار وحدها هي التي منحتهم الصوت ليطالبوا بحقوقهم.

نرشح لك: في شهر.. مسلسل “نتفليكس” يحقق رقما قياسيا في المشاهدة