بيزنس صفحات الفيس بوك.. دعاية مستترة والمواطن آخر من يعلم

ليس كل ما تراه من نجاح ودعم أو هجوم أو مشاهدات على فيس بوك حقيقيا بالضرورة، فالأوضاع تغيرت مع تزايد انتشار مواقع التواصل الاجتماعي خلال السنوات العشر الأخيرة، لا سيما فيس بوك داخل مصر، وأصبح الترويج والدعاية لمختلف الأشخاص والأعمال والمنتجات عبر هذه المنصات له ميزانيات مخصصة مسبقا ضمن الخطة الإنتاجية الأساسية، وربما يكون التسويق من خلالها تفوَّق الآن على نظيره في التليفزيون أو الصحف والمواقع المعروفة. بيزنس صفحات الفيس بوك

ربما توحي كلمة “تسويق” أن الموضوع متعلق بإعلانات ومنتجات فقط، لكن الأمر أكبر من ذلك بكثير، بل تشعّب على فيس بوك لجوانب لا يمكن الوصول إليها إلا من خلاله، سواء في الترويج لمدح أو ذم شخصيات أو جهات أو تأييد أو معارضة مواقف، وربما تسليط الضوء على قصص غير معروفة لأهداف معينة، أيضا في الأعمال الفنية ودعم بعض النجوم، أو الهجوم عليهم، فمن يمكنه فعل ذلك بأي وسيلة أخرى خلاف السوشيال ميديا، وتحديدا الفيس بوك؟ كيف توهم الناس أن التريند جاء نتيجة تفاعل شعبي من المواطنين العاديين، وليس لأنه نتيجة استغلال صفحات يتابعها الملايين مقابل مبالغ نقدية محددة، وبالتالي يظهر الأمر وكأنه تلقائيا وغير مدفوع؟!

نرشح لك: تسويق الأفلام وصناعة السينما المتكاملة.. “122” نموذجًا

 

تجدر الإشارة هنا إلى أننا لا نتحدث عن “الإنفلونسرز” الذين حققوا شهرة كبيرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ويقومون بالإعلان عن منتجات وخلافه مقابل أموال مدفوعة استغلالا لشعبيتهم لدى المتابعين، فهؤلاء يعرفهم الجميع، لكن الإشارة هنا للصفحات العامة غير المعروف القائمين عليها، التي يتابعها ملايين المصريين، والتي يظن الكثيرون أنها لا تقوم بأعمال تسويقية وأن ما يكتب عليها محتوى غير موجه، وهو بالطبع ليس كذلك، فالأمر تحوّل لبيزنس كبير ودعاية مستترة ذات تأثير أكبر من الدعاية المعلنة التقليدية، والمفارقة اللطيفة هنا أن القائمين على هذا البيزنس كلهم من جيل الشباب.

ما قصة تلك الصفحات؟

قبل أن يتوسع فيس بوك في مجال الإعلانات والربح من زيادة أعداد المتابعين والمشاهدات عبر الحسابات الشخصية والعامة، تمكّن بعض الشباب من إنشاء عدد من الصفحات العامة أو المخصصة في مجالات معينة سواء الرياضة أو الأزياء أو الفنون أو الترفيه والكوميكس… إلى آخره من الأنواع، لكنها لا تنتمي لجهات أو مؤسسات محددة أو معروفة، فقط يمتلكها أشخاص، وفي الغالب يدير الواحد منهم أكثر من صفحة.

ربما بدأ الأمر كرغبة في الانتشار وحصد أكبر عدد من المتابعين، أو ما يعرف بـ”شهوة الشهرة”، وبالفعل تمكنوا من حشد ملايين المتابعين، لكن لاحقا ومع تغير سياسات فيس بوك ومع تغير الأوضاع ككل، تحوّلت هذه الصفحات لبيزنس كبير لدى أصحابها، بسبب لجوء الكثيرين إليها طلبا للدعاية والإعلان من خلالهم، خاصة وأن جمع هذا القدر من المتابعين الآن أصبح صعبا في ظل السياسات الجديدة.

لذلك لم يعد إنشاء الصفحات بغرض الشهرة بقدر ما يكون الربح المادي العامل الأول والأساسي في ذلك، لذا لا تستغرب عندما تجد صفحة تقوم بمشاركة الكثير من المنشورات من صفحة أخرى جديدة، فالأمر أشبه بمبنى جديد يقوم به شخص ويضيف إليه طابقا جديدا من آن لآخر، وربما يستعين بصفحات أخرى في دعمه حتى تصل الصفحة الوليدة لأكبر عدد من المتابعين، وبالتالي تنضم لهذا البيزنس وتحقق أرباحا كثيرة… وهكذا.

تواصل إعلام دوت كوم مع عدد من القائمين على تلك الصفحات على فيس بوك، والذين يفضّلون عدم الكشف عن هوياتهم أو عن أسماء الصفحات التي يمتلكونها، المهم أنه بحسب تصريحاتهم فإنهم بدأوا في استغلال صفحاتهم تجاريا في السنوات الأخيرة، بعدما زاد الطلب على الدعاية من خلالهم، وتحققت أرباح غير متوقعة، وبالتالي تشكَّلت شبكات قوية فيما بينهم لها القدرة على كثير من الأشياء، أولها وأهمها “التجارة بالبوستات” ومنح الدعم والترويج لمن يدفع، وكذلك “بيع الصفحات“، فمن يبدأ مشروع أو يدخل في مجال ما ويريد الشهرة لن يبدأ من الصفر عبر مواقع التواصل، يمكنه أن يشتري صفحة كاملة بمتابعيها ويغير اسمها ونشاطها لما يريده.

باختصار سياسات فيس بوك الجديدة تقول إنه يمكنك الإعلان والانتشار عبر الموقع كيفما شئت، لكن ادفع لفيس بوك وليس لأي شخص آخر. والآن… هذه الصفحات تقوم بدور الشخص الآخر، لأنها تكون أرخص من أسعار الموقع، أو على الأقل نتائجها مضمونة. لذلك الأمر أشبه بالمعركة بينهم وبين فيس بوك الذي يهدد بإغلاق الصفحات التي تتربح من خلاله دون أن يكون له نصيب من تلك الأرباح، فيعمل مثلا على تقليل مدى التفاعل أو ما يعرف بـ”الريتش”، أي تقليل عدد المتابعين الذين يصل إليهم المنشور في التايم لاين الخاص بهم.

معايير تحديد الأسعار

 بحسب تصريحات القائمين على الصفحات، فإن أسعار المنشورات ليست ثابتة، بل تختلف وتتباين وفقا للعديد من العوامل، أولها “نوع الصفحة” هل متخصصة في الفن أو الأزياء أو الرياضة أم صفحة عامة؟ هل خاصة بالفتيات فقط وكل ما يتعلق بهن؟ أم تعتمد على الكوميكس والمحتوى الترفيهي؟… وهكذا، كلما كان مجال الصفحة مناسبا لأنواع كثيرة من المنشورات كلما زادت أسعارها.

يختلف السعر أيضا بحسب عدد المتابعين، فكلما زاد العدد زاد السعر، والأهم من عدد المتابعين هو “الريتش“، فكلما كان الريتش أعلى كان أفضل لرفع السعر، فضلا عن وضع شروط وقواعد تلتزم بها أغلب الصفحات من البعد عن المحتوى السياسي الصرف، أو المحتوى الإباحي، أو المتطرف، حتى لا تحدث أزمات تؤدي للمساءلة القانونية، فضلا عن تراجع الجمهور عن التفاعل مع الصفحة بسبب محتواها.

السؤال هنا: من يضع هذه القواعد؟

هل يعرفون بعضهم البعض؟

ما أسعار المنشورات؟

وهل تختلف عندما تتعلق بالمشاهير؟

الإجابة نعم، أغلبهم على تواصل مع بعضهم البعض، ويتفقون فيما بينهم على الحد الأدنى والأقصى للأسعار، فلا تقل عن مبلغ معين ولا تزيد عن مبلغ معين حتى يضمن الجميع الربح، ولا تصل المنافسة بينهم إلى صراعات غير مرغوب فيها.

هناك صفحات تكون الأسعار فيها مرتفعة للغاية عن غيرها، لا سيما المتخصصة في الأزياء أو ترشيحات الأكل والمطاعم وأماكن الفسح والخروجات، أما الصفحات العامة العادية فتكون أسعارها من متوسطة لمنخفضة، ويتحدد السعر أيضا بحسب المطلوب، فمثلا السعر الأعلى لـ “الكروس بوست” أو ما يعرف بالنشر المتعدد عبر عدد من الصفحات بشكل متزامن، يليه “الأبلود” أي الرفع المباشر على الصفحة مع عمل “منشن“، بينما يكون الشير هو الأقل سعرا بينهم.

تقول إحدى القائمات على إدارة بعض الصفحات الشهيرة على فيس بوك، لـ إعلام دوت كوم، أن الأمر ليس إلزاميا وبعض الصفحات يحدد أصحابها الأسعار بحسب رغباتهم، لكن الأغلبية على تواصل ويحددون متوسط الأسعار فيما بينهم، فهذا البيزنس الكبير يقوم عليه عشرات الأشخاص بأقصى تقدير، وليس عددا كبيرا كما يتوّهم البعض، بحسب تصريحاتها.

تؤكد أيضا أن سعر المنشور الواحد قد يبدأ من عشرات الجنيهات حتى يصل لـ 1500 جنيه، لكن عندما يكون الأمر حملة ترويج لمطعم أو مكان قد ترتفع الأسعار لـ 3 آلاف جنيه للمنشور الواحد، بحسب عدد متابعين الصفحة والريتش ونوعية المنشور وخلافه مما سبق ذكره في عوامل تحديد السعر.

دعم الأعمال الفنية

انتشر في السنوات الأخيرة استغلال الصفحات العامة على فيس بوك للترويج للأعمال الفنية المختلفة، أو بعض النجوم تحديدا، ليبدو الأمر وكأنه إشادة عفوية من الجمهور، وأنه نجاح غير مدفوع، لكن الأمر ليس كذلك، بل يتم التعاقد عليه من البداية، ولا يتم الدفع بحسب المنشور الواحد بل تكون حملة كاملة يتم وضع شروطها وتحديد السعر بناء على المطلوب فيها والتعاقد رسميا عليها مع شركات الإنتاج أو أيا كانت الجهة التي ستدفع الأموال، فمثلا حملة ترويج لفيلم أو مسلسل جديد تكون الشروط فيها متضمنة عدد البوستات ونوعيتها، وفي حال الترويج للبرومو أو فيديوهات معينة من العمل الفني بنظام الكروس بوست، فيتم التعاقد على عدد المشاهدات.

أي مثلا يتم التعاقد على عدد مشاهدات ولنفترض 5 ملايين، بمقابل مادي محدد، ويكون ذلك عبر عدد محدد من الصفحات وليس جميعهم بالتأكيد، لأنه كلما زاد عدد الصفحات تضاعف المقابل المادي، وإن تم الوصول لهذا الرقم يتم دفع المبلغ، وإن لم يتحقق ذلك يخصم من السعر المتفق عليه بحسب نسبة المشاهدات التي لم تتحقق، لكن لا يحدث ذلك في أغلب الأوقات بل يتم تنفيذ الشروط كاملة والوصول لعدد المشاهدات المطلوب.

 

كيف يتم دفع الأموال؟

وما أكثر الفئات استخداما لهذه النوعية من الدعاية؟

الدفع يتم عبر خدمة “فودافون كاش”، نظرا لكونها الأسهل والأفضل لعدم كشف تفاصيل ومعلومات عن القائمين على الصفحات.

أما الفئات الأكثر استخداما للدعاية عبر الصفحات هم نجوم الفن، سواء لدعم مواقف شخصية تخصهم، أو لدعم أو ترويج مسلسلات وأفلام أو برامج جديدة لهم، وقد يتخذ الأمر شكلا معاكسا، فمثلا يدفع أحدهم مقابل أن تنتشر حملة سلبية للسخرية منه أو انتقاده، فيرد هو بعدها ليبدو بمظهر المضطهد الذي يعاني من التنمر وخلافه، وعادة ما يكون ذلك مصاحبا لطرحه أعمال فنية جديدة، وبالتالي يحتاج زخما حوله ليحقق النجاح المطلوب.

يلي نجوم الفن، الأشخاص العاديون الذين يرغبون في الشهرة والانتشار، فيدفعون للصفحات مقابل الشير من حساباتهم الشخصية، حتى يزداد عدد متابعيهم، ثم يأتي الترويج للمنتجات في نهاية الفئات التي تلجأ لهذه الدعاية، فهو أقلهم طلبا، لأنه يتم الاستعانة فيه بالانفلونسرز عبر حساباتهم الشخصية بشكل أكبر، وليس الصفحات.

 

أمنية حامد مؤسسة صفحة “ما يطلبه المشاهدون” تقول إنها أنشأت الصفحة في أبريل 2020، بهدف مشاركة الجمهور اهتماماتها الفنية، لكن تزايد عدد المتابعين في وقت قياسي، وتجاوزوا 700 ألف متابع خلال 10 أشهر، فضلا عن شهرة الصفحة لدى بعض الفنانين وتفاعلهم معها، مثل الفنانة درة التي تدخل في مناقشات مع متابعي الصفحة، حتى وإن كان المنشور به نقد لأدائها الفني في أعمال معينة. وكذلك ظهور العديد من التريندات من خلال الصفحة، آخرها “ده هاني”.

تؤكد أمنية أنها لم تبدأ بعد رحلة الدعاية عبر الصفحة، رغم تلقيها عروضا للإعلان، لكنها تؤجل هذه الخطوة الآن حتى يتجاوز عدد متابعي الصفحة المليون متابع، فضلا عن الاستقرار على معايير قبول المنشورات المدفوعة، مشيرة إلى أنها لن تقبل بالتأكيد الإعلان عن منتجات أو أمور بعيدة عن المحتوى الفني للصفحة، لكن مقبول الترويج لأفلام أو مسلسلات أو مسرحيات، وحين تفعل ذلك لن يكون بطريقة فجَّة تنفر الجمهور من التفاعل.

تجربة “أمنية” مع الدعاية للنجوم كانت قبل تأسيس “ما يطلبه المشاهدون“، حين كانت أدمن في عدد من الصفحات الفنية الشهيرة، موضحة أن عددا من الوسطاء كانوا يتواصلون مع هذه الصفحات للترويج لأعمال فنية أو نجوم بعينهم، سواء كان هذا الوسيط من طرف الفنان أو منتج العمل، وعادة ما تكون لتلميع الوجوه الجديدة من النجوم الشباب … “يدفع ويقولك اكتب كلمتين حلوين عن الفنان ده، وساعات كانوا بيبعتوا الكابشن جاهز مع الصور، بس بيبان جدا، خاصة لما ينزل على أكتر من صفحة بنفس الصيغة، ما دام هتعلن وتدعم حد اعملها بطريقة ذكية بحيث ميبانش”.

أضافت أن تلميع الفنانين ليس من خلال أعمالهم الفنية فقط، لكن أيضا من خلال إظهار الجانب الخيري لديهم، فيرسل الوسيط صورا من زيارة الفنان لجمعية خيرية أو مستشفى، أو يطلب مشاركة بث مباشر سيقوم به الفنان عبر حساباته الرسمية… “الأزمة إن في منهم فنانين كبار مش محتاجين لده، تاريخهم الفني كبير أو حتى موهبتهم مش محتاجة ده”.

 تواصل “أمنية” حديثها بأن أدمنز الصفحات يعرفون بعضهم البعض بالفعل، لكن ليس لتحديد الأسعار فقط فيما بينهم، لكن أيضا لحماية حقوق الملكية الفكرية، نظرا لاهتمامهم بنفس التريندات والأحداث.. “عشان محدش ياخد بوستات التاني .. ليه يبقى حد عمل لقطة أو بوست وأنت تسرقه على صفحتك وتاخد ريتش وتفاعل مش بتاعك!”.

وحول كون الإعلان عبر الصفحات مستترا وغير واضح للمتابع، أكدت أنه ليس من مصلحة القائمين على الصفحات أن يتم الأمر بشكل علني وواضح، وإلا فإنه سيخسر مصداقيته لديهم، وبالتالي لن تكون هناك حاجة للترويج من خلاله.. “من مصلحة الجميع إنه يكون الإعلان مستتر، لما يتم بطريقة غير مباشرة هيوصل للناس أسرع.. والباقي متروك لضمير الشخص صاحب الصفحة، يعني في ناس ممكن تاخد فلوس وتقول على حاجة وحشة جدا إنها حلوة، وناس تانية ضميرها يمنعها تعمل ده وبتوافق على الإعلان عن الأمور الجيدة بالفعل فقط.. مسألة ضمير في النهاية”.

من جانبها، أوضحت دينا بدر المسؤولة عن إدارة العديد من الصفحات، أبرزها تحمل اسم “الوجع”، أنه لم يكن هدفها في البداية الدعاية والربح من خلال الإعلانات، بل أنشأت الصفحة لتشارك الجمهور اهتماماتها وتصل لأكبر قدر من المتابعين، دون أن يتعرف عليها أحد بشكل شخصي، لكن بعد الانتشار الواسع وسرقة المنشورات الخاصة بها، قررت وضع لوجو خاص بها على الصور والكوميكس التي تنشرها، وهو ما نلاحظه مؤخرا في أغلب الصفحات عموما، للحد من انتشار ظاهرة سرقة البوستات فيما بينهم.

توضح دينا أنها بدأت مؤخرا الترويج لبعض النجوم ولعدد من الأعمال الفنية، بناء على طلب كثير من النجوم، لا سيما الوجوه الجديدة من الشباب، لافتة إلى أن الأسعار تتباين حسب نوع الإعلان وطريقة الدعاية، هل مثلا ستكون مسؤولة عن الترويج للمسلسل بالكامل، أم يقتصر الأمر على مجرد مشاركة البرومو أو بوست معين؟ فضلا عن قيامها هي بإنتاج المحتوى أم سيتم إرسال المنشورات جاهزة لها وستقوم برفعها فقط؟! ففي بعض الأوقات يُطلب منها أن تتابع العمل الفني وتستخرج منه بنفسها ما يثير تفاعل الجمهور، وبالتالي يتباين السعر وفقا لكل هذه العوامل.

أين الأزمة؟

ربما يقول البعض وما الجديد في ذلك؟ هكذا يقوم التسويق أساسا؟ “بيزنس زي أي بيزنس فيه عرض وطلب” ما الأزمة؟ الأزمة ليست في الربح المادي بالتأكيد، بل بالعكس يعد نجاحا جديدا ذكيا يحسب لشباب عاديين لا يعرفهم أحد، لكن الأزمة تكمن في أن الإعلان العادي معروف وواضح للجميع أنه إعلان ومدفوع ثمنه، لكن الدعاية هنا عبر الصفحات تكون مستترة ولا يدري الكثيرون أن البوست المكتوب في مدح أو ذم فلان ليس مجانا، فضلا عن إيهام الجمهور بأن ما حققته من تفاعل وانتشار نتيجة جودة ما قدمت وليس لأنك قد دفعت ثمنه!

فمثلا برومو فيلم يتم دفع أموال لعدد من الصفحات مقابل أن يحقق مليون مشاهدة خلال أيام، وبعدها يتم إرسال بيان للصحف بأن برومو الفيلم الفلاني حقق نسبة مشاهدات كذا بمجرد طرحه على مواقع التواصل الاجتماعي، هذا تزييف وخداع للناس، لأنك لم تحصل عليه بتفاعل حقيقي، أو ما يعرف بالـ”Organic Reach“، أي نسبة وصول المحتوى بدون دفع إعلانات. بيزنس صفحات الفيس بوك

التأثير على الأحداث

هذا النوع من التسويق والدعاية يؤثر سلبا على كثير من القضايا والأحداث، فتجد شخصية معروفة تواجه اتهامات معينة مثلا عن فشلها الإعلامي أو الفني أو ربما تواجه اتهامات في قضية ما وتحتاج لتعاطف جماهيري أو العكس، وبالتالي تصنع هذه الصفحات أحيانا توجها مخالف للحقيقة دعما لهذه الشخصية، أي يتم إيهام وخداع الجمهور بما لا علاقة له بالواقع.

أيضا المنافسة ليست عادلة بين صفحات الفيس بوك، وبين القنوات أو الصحف أو المواقع الإلكترونية أو أي جهة معروفة ولها اسم وسمعة ومعروف القائمين عليها، لأن هذه الجهات إن ارتكبت خطأ فمحسوب عليها ويخصم من رصيد سمعتها في السوق، أم الصفحات فملهاش كبير.. من ستتهمه بأنه يروّج للفنان فلان، أو ابن رجل الأعمال فلان المتهم في قضية كذا، أو الفنانة الشابة التي لا يعرفها أحد لكن توهم الجمهور أن نجاحها مكسر الدنيا، أو لاعب الكرة الذي يتصدر المشهد عقب المباريات أيا كان أداؤه جيدا أم سيئا… وغيرهم الكثير.

 لن تتأثر سمعة الصفحة إن كان الأمر صادقا أم لا، لكن الجهات المعروفة ستتأثر سمعتها بالتأكيد إن قبلت ذلك، مثلما حدث مع جريدة شهيرة مؤخرا، بعدما حوّلت صفحتها على فيس بوك لمجرد منشورات لا علاقة لها بالصحافة من قريب أو بعيد، وأصبح الحديث عن أدمن الصفحة أكبر من رئيس تحرير الجريدة نفسه!

الغلبة في النهاية بالتأكيد لهذه الصفحات، لأنها بلا قيود تمنعها من الترويج لأي شيء، ما دامت تبتعد عما يعرضها للمساءلة القانونية، أما وسائل الإعلام التقليدية فليست كذلك، لأن قيودها (باختلاف أنواعها وأسبابها) لا تعد ولا تحصى، وبالتالي النتيجة محسومة، إلى أن يدرك المواطن العادي أن ما يكتب على هذه الصفحات ليس لله في لله، بل كل شيء مدفوع ثمنه… وبأسعار لا يتوقعها أحد. بيزنس صفحات الفيس بوك

نرشح لك: تصدر الترند.. تطبيق جديد يقلق فيس بوك وتويتر في أمريكا