الموت لعام 2020.. حقيقة عام كامل تحت ستار الكوميديا السوداء

دنيا شمعة

ربما يتلخص عام 2020 بالنسبة للكثيرين في عدة كلمات بسيطة مثل “كورونا”، “عزل منزلي”، “حجر صحي”، “لقاح”، “إيجابي”، و”سلبي”، لكن 2020 لم تقف عند هذا الحد فقط بالنسبة للبقية، الذين شغلتهم كلمات مفتاحية أخرى ك”صراعات سياسية”، “تفرقة عنصرية”، “انتخابات رئاسية”، “علاقات ملكية”.

لم ينحصر العالم الواقعي خلال 2020، في المفهوم الذي صدرته السوشيال ميديا للشعوب خصوصًا بالعالم العربي، فقد امتد ليشمل أشياء غير محاربة وباء عالمي اسمه “كورونا”، وهذا ما تحدث عنه فيلم “الموت لعام 2020″، الذي صدر منذ أيام على منصة “نتفليكس”، من إخراج آل كامبل، وأليس ماثياس، في إطار يجمع بين الإخراج الوثائقي والكوميديا السوداء، لمحاولة تلخيص عام يصفه بأنه أكثر عام تاريخي بالتاريخ.

نرشح لك: هل تستحق 2020 الموت؟.. (تحليل لجديد نتفليكس)

يعرض الفيلم بإخراج رائع، إجابة سؤال “ماذا لو أتحنا الفرصة للجميع لسرد القصة من منظوره؟”، كيف يرى السياسيين المتطرفين، والسود المعارضين، وخبراء علم النفس، والمؤرخين الذين يعتبرون محاولات الإصلاح هي أدوات تشويه للماضي، والمواطنين العاديين، بل وحتى صناع محتوى مواقع التواصل الاجتماعي، أحداث هذا العام؟

-البراءة.. مجرد أداة تسويق قوية

أثبت الفيلم منذ أول دقيقة لما يستحق عام 2020 الموت، فبدايةً من حرائق الغابات في أستراليا التي جعلت منها مكان غير صالح للحياة، مرورًا بالبداية الفعلية للفيلم في عرض الحقيقة، وهي تقديم الطفلة غريتا تانبيرغ للعرض الرئيسي في مؤتمر “دافوس”، ومن غير الأطفال ودموعهم يستطيع إقناع أكبر المستثمرين بأي شيء حتى لو كان إقناعه بشراء جبل جليدي وجعله مخبئًا له من نهاية العالم.

-في كوكب أمريكا الموازي..

الجزء الأكبر في الفيلم يذهب لاستعراض الموقف الأمريكي العالمي خلال 2020، حيث لخص حال الولايات المتحدة الأمريكية في جملة: “الدولة بأكملها كانت تحترق.. ليست الغابات فقط، بل البلدان والمدن أيضًا”، أبرز الفيلم أن أمريكا كانت لديها معاركها الخاصة البعيدة تمامًا عن احتراق العالم جراء ظهور “كورونا”، بدايةً من مقتل “سليماني”، و محاكمة عزل دونالد ترامب، مرورًا بقضية مقتل چورچ فلويد وانتفاضة السود، التي جسدها الفيلم ببراعة خلال مشاهد بسيطة أظهرت حقائق الكثير من الأشياء حتى كيف أن العلامات التجارية التي ساندت السود في قضيتهم، كان هدفها الأساسي هو عدم خسارة الشريحة الأكبر من عملائها، وليس دعم مبادئهم، نهايةً بالانتخابات الرئاسية، كل هذا دون الالتفات لهواء ملأته رائحة العدوى.

-ستار الملكية الزائف

لن نجد تعريفًا أبسط للملكية البرلمانية أو الدستورية في بريطانيا، كما نجد في هذا الفيلم، بسؤال بسيط للممثلة التي تقوم بدور ملكة بريطانيا، “أين كنتي عندما سمعتي خبر هاري وميغان؟” لتجيب: “كنت متموضعة لرسمة جديدة لي ورأيت الخبر عبر حساب “ميغان” على انستجرام”، وتلخيص دورها خلال تفشي فيروس كورونا في بريطانيا، في إلقاء الخطابات على “يوتيوب” بدلًا من شاشة التلفزيون.

-صافرة الإنذار المكتومة

استعرض الفيلم رحلة كورونا مع البشر، وليس رحلتهم معه، وهو الاستعراض الأمثل لطريقة تعامل غالبية الحكومات والشعوب مع كورونا خلال 2020، فمع بداية سيطرة الفيروس على مدينة ووهان الصينية، التي وبوصف الفيلم حاولت إطلاق صافرة الإنذار للعالم لكن لم تستطع لأنها كانت على جهاز التنفس الصناعي، مرورًا بمرحلة “الإنكار” التي أظهرها الفيلم جيدًا، بمشاهد أرشيفية أوضحت كيف تجاهل العالم وجود كورونا لفترة طويلة نسبيًا، فبدلًا من تغطية أخبار الوباء المميت تابعنا “هل توم هانكس وزوجته بخير بعد الإصابة بالفيروس؟”.

-هل نريد حقًا العودة للحياة العادية؟

أخر أيام 2020 لخصها الفيلم بتجسيد عدم اهتمام العالم بمعرفة الخطوات تجاه الوصول للقاح، وتشبيه الوصول للقاح فعليًا بإنجاز أصعب من إنجاز الوصول للقمر، بالرغم من أنه وحتى مع وجود معجزة علاجية، لا يوجد ضمان بأن الجميع سيرحب باللقاح، حتى مع توفير الفرصة للرجوع للحياة العادية وروتينها القاسي السريع، والذي قد يكون سببًا في عدم ترحيبهم به.

-عمل يستطيع الكل مشاهدته

كل هذا تم استعراضه بطاقم رفيع المستوى من الكوميديانات بين ليزا كودرو، تريسي أولمان، ليزلي جونز، هيو جرانت ، صمويل إل جاكسون وحتى صوت الراوي المتهكم الساخر  ، الذين جعلوا من هذا العمل مناسبًا للجميع، فقد سخروا من كلا الجانبين، اليمين واليسار، مما أعطى الفرصة للجميع للمشاهدة.

عرض الفيلم حوالي 70 دقيقة، من المشاهد التمثيلية في شكل وثائقي لكل فئات المجتمع حتى صانعي محتوى مواقع التواصل الاجتماعي الذين صنعوا من الحديث عن الوباء مادة للمكسب، وربات المنزل المنقطعات عن العالم الخارجي لينظرن عليه فقط من نافذة “جروب الماميز” ومنشورات الفيسبوك، واستعراض أبرز عناوين الأخبار في الصحف العالمية والنشرات الإخبارية خلال العام، وإبراز النظريات التي تبناها العام بإثباته لها كالنظرية التي تثبت أن المرء يحتاج 6 أشهر من التعرض لوسائل التواصل الاجتماعي، حتى يتحول من شخص عادي إلى متطرف ميئوس منه، لتصنع “نتفليكس” بهذا الفيلم حصادًا حقيقيًا لأبرز أحداث 2020.