مؤمن المحمدي يكتب: ألف مشهد ومشهد (40).. أنسي أبو سيف عين الحياة

الواحد مش بـ يحب جمل التفخيم، علشان كده كل ما أعوز أكتب جملة تقديم لـ أنسي أبو سيف، أمسحها. أصل الراجل ده ما ينفعش تقال عليه غير حاجات من نوعية: الأسطورة، ركن من أركان السينما المصرية، رجل المستحيل، عين الخيال، ….. فـ اختار إنت أي وصف رائع، وخلينا نتكلم عنه شوية، وعن الديكور في إبراهيم الأبيض.

أنسي خريج دفعة 1967 من معهد السينما، دفعة داوود عبد السيد مثلا. وعلشان تعرف المواطن ده، فـ هو اشتغل مع شادي عبد السلام في الموميا وهو طالب، وأول ما اتخرج عمل “يوميات نائب في الأرياف” مع توفيق صالح، والفيلم ده مش هين لما نتكلم عن الديكور، لـ إن معظمه متصور جوه بلاتوهات، المشاهد الخارجي فيه كانت قليلة لـ أسباب إنتاجية. ومن ساعة الأرياف، وطول تاريخه في السينما، أنسي ما عملش فيلم مش مهم وكبير وعلامة.

أنسي بـ يفضّل إنه يتقال عليه مهندس مناظر، أكتر من مهندس ديكور، هو بـ يبني المشهد بـ كل تفاصيله، مش بـ يبني ديكور على ذائقته الفنية. والكلام عنه ممكن ياخدنا بعيد، وأكيد هـ نرجع له أكتر من مرة، وهـ نقول كتير.

في إبراهيم الأبيض، أنسي كان رمانة ميزان الفيلم، لـ إن الحدوتة أسطورة واقعية، الشخصيات أساطير، خصوصا الأربعة الكبار: إبراهيم الأبيض وعبد الملك زرزور وعشري وحورية، وكذلك العلاقات بينهم، لكن البيئة الحاضنة لـ كل ده، هي بيئة الحارة الشعبية في أدنى درجاتها الاجتماعية، والأحداث فيها مطلوب تتقدم بـ أشد صورها واقعية، خصوصا المعارك اللي هـ تتصور بـ طريقة وكاميرا وتقنيات جديدة.

الديكور كان المدخل لـ خلق الموازنة دي، والاختيار الأول والأخير لـ الديكور، كان أنسي أبو سيف. لأ، كل عناصر الفيلم كان ممكن استبدالها، ما عدا أنسي.

لما راح السيناريو لـ أبو سيف، رفض في الأول قبل ما يقراه، لـ إنه فيلم بـ يدور في حارة، وهو عمل الكيت كات قبل كده، فـ حس إنه مش عايز يعمل فيلم تاني بـ نفس المكان، فـ اعتذر.

مروان حامد اتكلم معاه، وحصل نقاش، وبعد قراية السيناريو، وإدراك الجانب الأسطوري في العمل، تحمس جدا، وكان مدخل الحماس ده عبد الملك زرزور.

زرزور فيه حتة كده صغيرة من جبلاوي نجيب محفوظ، أكيد فاهمني حضرتك، اللي هو مسيطر على حاجة، وشايف كل حاجة، وبـ يعمل أي حاجة هو عايزها، وبـ يخلي الكل يعمل اللي هو عايزه، عنده خلاصة الحكمة وزتونة الزتونة.

بيت زرزور هو اللي أغرى أنسي بـ الفيلم، لـ إنه خلاه ساكن فوق جبل، وعمل الجبل ديكور. أيوه، الجبل اللي حضرتك شفته في إبراهيم الأبيض، واللي اتعملت عليه الخناقات ده، ديكور. معمول من الخشب والقماش وحاجات كده.

ومع إن فيه مشاهد كتير من الفيلم اتصورت في الحطابة، وهـ نيجي لها بـ التفصيل، لكن أغلب الفيلم اتصور جوه البلاتوه، وكل الخناقات مكنتش في الحطابة، كانت في البلاتوهات والديكور اللي بناه أنسي.

موقع زرزور فوق الجبل، خلى فكرة إنه شايف كل حاجة متحققة، وخلاه أعلى من الكل، وخلق تكوين بصري لـ الحارة يحقق المعنى، وخلى حورية، اللي ساكنة في التالت تبقى موجهة بيته اللي هو أرضي.

الديكور ده ساعد على تنفيذ واحدة من أجمل وأجل التقديمات لـ شخصية في السينما المصرية، لما كان إبراهيم بـ يتعارك مع سيد شيبة وباقي الزرازير، فـ خرج لهم زرزور الكبير من فوق الجبل، ووقف كل حاجة بـ جملة واحدة: “حد ليه شوق في حاجة؟”

كده الأسطورة بدأت

يالا بينا

الصفحة الرسمية للكاتب مؤمن المحمدي

اقـرأ أيضـاً:

مؤمن المحمدي: ألف مشهد ومشهد (39) إبراهيم الأبيض ..فيلم بلا ريفرنس

مؤمن المحمدي : ألف مشهد ومشهد (38) ..رحلة إبراهيم الأبيض الأولى

مؤمن المحمدي يكتب: ألف مشهد ومشهد (37)

.