مفاهيم خاطئة وأسباب مشجعة.. قراءة في كتاب "كنت طفلا قبطيا في المنيا"

إسراء إبراهيم
صدر حديثًا كتاب “كنت طفلًا قبطيًا في المنيا”، عن مؤسسة مجاز الثقافية للترجمة والنشر، للكاتب مينا عادل جيد، وتقديم الدكتور سعيد المصري، أستاذ علم الاجتماع، بجامعة القاهرة، والأمين العام السابق للمجلس الأعلى للثقافة.

“كنت طفلا قبطيًا في المنيا” ثالث كتاب للكاتب الصحفي مينا عادل جيد، بعد كتابيه “استحمار كوكب الفيسبوك” 2019، و”يوتوبيا السوشيال ميديا” 2020.

نرشح لك: الوكالة الأدبية.. مشروع ثقافي جديد لخدمة الكاتب قبل وبعد النشر


الكتاب من تقديم الدكتور سعيد المصري، الذي يتحدث في مقدمة الكتاب عن أسباب ندرة الأعمال التي تتحدث عن حياة الأقباط المصريين، ويوضح من خلال المقدمة أهمية الكتاب في علم (الأنثروبولوجيا) الثقافية، ويقصد به بمعنى مختصر العلم الذي يدرس الإنسان من حيث كونه عضوا في مجتمع له ثقافة معينة.

يستعيد المؤلف ذاكرة طفولته في الكتاب من خلال 18 حكاية، فيحكي عن حياة أسرته كأسرة مصرية قبطية تعيش في محافظة المنيا، خلال الفترة من 1993 إلى 1999، فيرصد الكاتب عدة حكايات عن نشأته وعادات الأقباط المصريين في ذلك الوقت، ومعتقداتهم الدينية والشعبية.

مفاهيم خاطئة

1- يكشف مينا جيد خلال مقدمته للكتاب بعض المفاهيم الخاطئة لدى المسلمين عن حياة الأقباط، فيحكي مينا عن حياته في الجيش وكيف كان يثير اهتمام زملائه من المسلمين اهتمامه بنظافته الشخصية؛ لأنهم لديهم اعتقاد راسخ بأن المسيحين لا يستحمون.


2- أشار إلى أن البعض يعتقد بأن المسيحيين منزهون عن الخطأ، فلا ترى قبطيا يسرق أو يدخن أو يرتكب الفواحش، موضحا أن البعض لديه اعتقادا مثاليا عن حياة الأقباط.

3- سرد مينا قصة سؤالا غريبا تعرض له وهو (لماذا كل المسيحيين 012؟)، موضحا أنه شخصيا لا يعرف الإجابة، لكن لديه أصدقاء مسلمين يعتقدون في أن سبب ذلك هو ثراء كافة المسيحيين، الذين ساعدتهم إمكانياتهم للاشتراك في أول شبكة محمول في مصر (موبينيل).


أرجع مينا أن السبب في ذلك، يعود لعدم معرفة المسلمين الكثير عن حياة شرائكهم في الوطن من الأقباط، بعكس ما يعلمه الأقباط عن حياة المسلمين، مؤكدا أنهم لا يعرفون شيئا عن العادات والتقاليد والثقافة المسيحية بسبب التجاهل الإعلامي والدرامي، التي لا تظهر الحياة القبطية بشكل كامل وصحيح.

حكايات من الحياة القبطية


1- حكاية مولد العدرا بجبل الطير

أوضح مينا قصة الاحتفال بمولد العدرا بجبل الطير، إذ تعود الحكاية إلى قرية جبل الطير في مركز سمالوط بالمنيا، والتي يعتقد أن العائلة المقدسة زارتها أثناء رحلة هروبها إلى مصر، حيث توجد عدة أماكن أثرية بالقرية يعتقد أن العائلة المقدسة استخدمتها، منها المغارة التي اختبأت فيها السيدة العذراء والطفل يسوع ويوسف النجار، مشيرا إلى أن الملكة “هيلانة” أم الإمبراطور الروماني قسطنطين سنة 328 م قامت ببناء كنيسة خول المغارة، والتي لا تزال موجودة حتى الآن.


كما يوجد في دير العدرا منطقة (الماجور) التي يُعتقد أن العذراء مريم استخدمتها في عجن وتخمير الخبز لأسرتها، ويوجد بالمنطقة صخرة يقال إن كف المسيح غرز فيها وترك أثرا، ويوجد أيضا مغارة ضيقة بها يعتقد المسيحيون أن المرأة التي حرمت من نعمة الأطفال عليها أن تمر بها وسترزق بطفل بالتأكيد.

يستمر مولد العدرا لمدة أسبوع في المنطقة، ويترك القادمون للمولد بيوتهم ويستأجرون بيوتًا عند أصحاب القرية، ليقضوا فترة المولد هناك، والتي تشبه طقوسها نفس الطقوس المخصصة لموالد المسلمين، مع اختلاف الطقوس الدينية فقط.

2- وشم الصليب

سرد الكاتب حكاية وشم الصليب في يد الأقباط، مشيرا إلى أنه لا يجد أصل لهذا التقليد المتبع، إذ نشأ ووجد أن القبطي يوشم بوشم الصليب، ورجح الكاتب عدة معتقدات لأصل الوشم منها أن الأقباط خاصة الفلاحين منهم كان لديهم اعتقادا بأن أحباش (الميسحيين) سيغزون مصر وسيقتلون الأقباط مع المسلمين، إذا لم يظهروا لهم تلك العلامة. ويوجد سبب آخر يميل إليه الكاتب يعود إلى عصور الاستشهاد إبان الاحتلال الروماني، الذين كانوا يقتلون الأقباط، فاتجه المسيحيين لوشم الصليب على يد أطفالهم حتى يضمنوا أن ينشأوا على الدين المسيحي بعد وفاتهم، كما ذكر عدة ترجيحات أخرى.

3- حكاية عيد الغطاس

أحد أبرز الأعياد القبطية، يحتفلون به بسبب تعميد المسيح على يد يوحنا المعمدان في نهر الأردن بفلسطين، وتشير المصادر إلى أن الأقباط كانوا يغسلون أبناءهم في ماء النيل في عز البرد ذلك اليوم، وأصبحت بعدها شعيرة دينية أقرب للتسلية ويقام فيها الصلوات في الكنائس.

 

4- حد الزعف

حد الزعف أو السعف يحتفل به الأقباط يوم الأحد الذي يسبق أحد القيامة، ويعرف كنسيا بأحد الشعانين وهي كلمة عبرانية تعني “يا رب خلص”، خرجت فيه جموع اليهود حاملين سعف النخيل وأغصان الزيتون لاستقبال السيد المسيح، الذي دخل أورشليم على حمار، ولا زالت تلك المظاهر الشعبية متوارثة بين الأقباط، إذ يخرجون فيه من الكنائس حاملين الشموع والمجامر والصلبان.


5- الجمعة الطويلة أو الحزينة

هي الجمعة التي تختم أسبوع الآلام وتسبق عيد القيامة، ويحتفل بها المسيحيون لأن المسيح صلب فيها، ويصوم فيها الأقباط عن الطعام والماء حتى خروج المصلين من الكنيسة في السادسة مساء، ويفطرون فيها على فول نابت وطعمية وسلطة خضراء والبعض يُعد محشي ورق العنب، ولا يوجد تفسير متفق عليه لاختيار تلك الأطعمة بالذات.

أسباب تدفعك لقراءة الكتاب

1- الكتاب خفيف ومقدم بأسلوب بسيط لا تتجاوز عدد صفحاته الـ124 صفحة.
2- يرصد الكثير من التفاصيل عن حياة المسيحيين المصريين، التي قد يدفعك فضولك لمعرفتها.
3- يشهد الكتاب عدة حكايات متشابهة للغاية مع المسلمين مثل حكايات الشفاعة والنذر والمعجزات والحسد، وحتى الخرافات التي يعتقدها الطرفين.