دعاء خليفة نموذجا.."التايتلات" المزيفة ظاهرة لا تنتهي

التمرد على الإخوان والتخلص من محاباة الأهل والعشيرة هو المنطق الذي جعل المصريين يسارعون بالانضمام إلى حملة تمرد، وتمويلها، انطلقت الحركة بمبادئ وأهداف انتهت مع زوال حكم الإخوان وإجراء الانتخابات الرئاسية في 2014، لينتهي الدور الهام الذي قامت به الحركة ويفترض أن يبدأ أعضاؤها ممارسة حياتهم السياسية سواء بتأسيس حزب أو الاندماج في الأحزاب أو العمل بشكل منفرد في النهاية لهم الخيارات التي يريدوها.

في الساعات الأخيرة عاد اسم تمرد للظهور بسبب عضو سابق بالحركة هي دعاء خليفه التي اتهمت أحد المسؤولين الكبار في الدولة بابتزازها عبر كلمات مرسلة لم تستطع أن تقدم لها أي دليل حقيقي، وهو ما فسره كثيرون باعتباره محاولة للفوز بمنصب بعدما واجهت تجاهل وعدم انخراط في الحياة السياسية الحالية سواء بشكل مباشر أو غير مباشر مكتفية بمقالات تكتبها في أحد الصحف بصفتها عضو في تمرد.

الأزمة التي خلقتها تمرد للسيدة دعاء خليفة وغيرها هي عدم قدرتهم على تجاوز مرحلة عضوية حركة تمرد، وما نجحت في تحقيقه من خلالها، فرغم أنها فصلت لأسباب ذكرها عدة قيادات بالحملة قبل ذلك وجددوها بالأمس بعد الضجة المفتعلة لخليفة، لكنها لا تزال تتكلم باسم الحملة وتعيش على أطلالها وهو ما يطلق تساؤلات حول تعامل بعض وسائل الإعلام معها وكأنه تمتلك “تايتل” صالح للاستخدام للأبد، بينما الواقع أن خليفة وغيرها كثيرون هم من يطلق عليهم القانونيون التعبير الشهير ” أشخاص غير ذي صفة ”

يمكن تفهم التفاخر بعضوية تمرد باعتبارها ستظل حركة مهمة في تاريخ مصر الحديث، لكن لا يمكن قبول محاولات الابتزاز التي تجري باسم عضوية الحركة التي يفترض أن مبادئها ارتبطت بمواجهة الفساد والاستغلال، وهو ما تقوم به دعاء خليفه بشكل واضح، بل وتقدم نفسها في الكتابات الصحفية باعتبارها عضوة بحركة تمرد رغم فصل بل تبروء الحركة منها رسمياً وإصدار بيان بذلك.

وجاء بيان تنسيقية شباب الأحزاب ليؤكد حاجتها لصفة جديدة على ما يبدو، حيث أكد البيان أن دعاء لم تنضم إليهم من الأساس بسبب شرط السن حيث تجاوزت 40 عاماً وهو أحد الشروط الرئيسية في الانضمام، وهو ما يعكس حالة غياب الهوية التي تعاني منها بشكل واضح وتقديم نفسها باعتبارها صاحبة فكر ورأي الأمر الذي يتطلب ضرورة الانتماء لجهة تستغل اسمها بشكل واضح.

جرت العادة منذ 2011 على اتاحة الصحف مقالات رأي لشخصيات عديدة، تطور الأمر تدريجيا لدرجة أن كثير من الاشخاص باتوا يستغلون هذا الأمر في تصفية الحسابات بشكل واضح وصريح مع اخرين ومنهم شخصيات ليست فوق مستوى الشبهات، الامر الذي يجدد المطالبة لنقابات الصحفيين والإعلاميين وغيرها بضرورة الوصول لآلية لمنع كل من ليس له صفة من استخدام ألقاب من نوعية، إعلامي، خبير، كاتب صحفي، حتى لا تتكرر أزمة خليفة كل فترة .

المساحات الصحفية والظهور كضيوف في البرامج لم تستغل فقط لتصفية الحسابات ولكنها منحت فرص لأشخاص عديمي الموهبة والمهارات مكتفين بإدعاء الانضمام لجهة أو تيار سواء مؤيد أو معارض كلاً وجد الطريقة التي يظهر بها، فكان الهدف هو المصلحة الشخصية دون البحث عن الصالح العام الذي يفترض أن يكون الأساس لذا لم يكن غريباً على أحد الشباب أن يعلن استقالته من حزب لتراجع الحزب عن ترشيحه على قائمة انتخابات مجلس النواب المقبل!.

هكذا صدرت الصورة الخاطئة عن أبجديات العمل السياسي والعمل العام، فلا يعني قيامك بدور في مرحلة متطوعاً أن تظل تحصد نتائجها بلا نهاية خاصة وأن الأمور لا تتوقف على أي شخص، ولا يعني تأييدك لإجراءات أو أشخاص في الانتخابات أنك بالضرورة يجب أن تحصد منصب معهم، فالأساس في الاختيار هو الكفاءة لأن هذه الاختيارات يفترض أن تكون قناعتك بها مرتبطة بأنها الأفضل للوطن وليس الأفضل على المستوى الشخصي لتحقيق طموح وإيصالك لمناصب لا تستحقها على حساب الآخرين.