هشام المياني: "لجنة سياسات" السيسي لحكم مصر!

نقلا عن جريدة المقال

الرئيس عبد الفتاح السيسي عقد اجتماعا الثلاثاء الماضي مع الدكتور أشرف العربي، وزير التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري، الاجتماع كان لاستعراض ملامح استراتيجية التنمية المستدامة بعيدة المدى حتى عام 2030 التي تهدف إلى بناء مصر جديدة قائمة على العدالة والاندماج الاجتماعي، وذات اقتصاد تنافسي متوازن ومتنوع يعتمد على الابتكار والمعرفة، ولديها نظام بيئي نقي، وتستثمر كافة مقوماتها الاقتصادية والبشرية لتحقيق التنمية المستدامة وذلك حسب بيان الرئاسة عقب الاجتماع.
لكن اللافت في ختام بيان الرئاسة أنه تضمن هذه الفقرة ” وجَّه الرئيس باِختيار مجموعة منتقاة بعناية داخل كل وزارة ومحافظة ليتم تأهيلها وتدريبها على أعلى المستويات لتتولى عملية تنفيذ استراتيجية التنمية في مختلف القطاعات المعنية”.

ولعلك تلاحظ أن توجيه الرئيس هنا لم يشمل توضيح أية أسس لاختيار تلك المجموعة مما يفتح الباب واسعا بالقطع وكالعادة ليقوم كل وزير وكل محافظ باختيار أهل الثقة أو شلته او المقربين منه ليقدمهم على انهم المجموعة المنتقاة بعناية.

ولعلك تعلم أن تلك المجموعات التي ستكون في كل وزارة وفي كل محافظة ستكون هي الحاكم الفعلي لمصر على أرض الواقع خاصة أنه مطلوب منها تنفيذ استرتيجية التنمية التي تتعلق بكل القطاعات، أي أنهم سيتدخلون في كل كبيرة وصغيرة بكل الجهات، وليس مستبعدا أن تتحول تلك المجموعات إلى جماعات نفوذ أشبه بمجموعات أمانة السياسات أيام جمال مبارك والحزب الوطني الله لا يرجعها أيام.

ثم يحق لنا أن نتساءل: هل تكفي تلك المجموعات فعلا لتنفيذ استراتيجية متعلقة بجميع قطاعات الدولة؟

بالقطع ووفقا للمنطق والواقع مهما بلغ حجم هذه المجموعات فلن يكون بحجم قطاعات الدولة وجميع مرافقها، ومن ثم ستتحول تلك المجموعات إلى مجموعات تتكلم وتتحكم باسم الرئيس وفي هذا أزمة كبيرة في مصر على وجه التحديد، أن كل شخص يتصور أنه محسوب على الرئيس يجعل من نفسه فوق البشر ويأمر وينهي ويحقق وجهة نظره الشخصية البحتة، وفي الغالب لا يرضى عنه المنفذين على أرض الواقع وهم ملايين الموظفين بالدولة الذين سينظرون إلى تلك المجموعات على أنهم مجرد أناس “يتمنظرون عليهم باسم الرئيس” والمصري لديه حساسية مفرطة ممن “يتنمظر عليه” وسينتهي الحال بأن موظفي الدولة سيتعمدون إفشال هذه المجموعات حتى لو كانت ناجحة فعلا.

والحل ايه؟

الحل بسيط جدا، بدون مجموعات ولا غيره، لابد من وضع آليات وخطط تنفذها كل جهات الدولة وبالقانون ومن يخالف التعليمات يأخذ عقابه، ويستلزم الأمر اختيار مشرفين فقط على التنفيذ في كل جهة ومن نفس الجهة لا يفرض عليها من خارجها، وتكون هناك معايير معلنة وواضحة للاختيار وليس وفقا لأهواء كل وزير أو محافظ أو أي مسئول كان.

أما مسألة المجموعات فستتحول إلى ما يشبه اللجان التي تتشكل يوميا في مصر لحل أزماتها فأصبحت هذه اللجان أكبر أزمة وتحولت إلى عالة على الدولة، يحصل أعضائها على رواتب دون أي فائدة.

ولا يفوتنا هنا أن نشير إلى مسألة خطيرة ومهمة تضمنها بيان الرئاسة أيضا عن نفس الاجتماع الذي ذكرته في أول المقال حيث جاء بالبيان الرئاسي أن :” الدكتور أشرف العربي أوضح خلال اجتماعه بالرئيس أنه تم إعداد تلك الاِستراتيجية وفقاً لمنهج التخطيط بمشاركة مائتي خبير معظمهم من الشباب الذين يعمل بعضهم في القطاع الخاص والمجتمع المدني”.

فنحن لم نعلم شيئا عن هؤلاء الخبراء المائة التي يقول عنهم الوزير للمرة الأولى في هذا الاجتماع ولا على أي أساس تم اختيارهم؟.. ومن قال إنهم الأكثر خبرة والأفضل؟ ولماذا لم يتم الإعلان عن الحاجة لوضع خطط تنموية بشكل شفاف ويتقدم كل من لديه فكر بخططه ويتم اختيار الأفضل منهم لوضع الاستراتيجية؟

كل هذه الأسئلة تجعلنا نتأكد من مخاوفنا وهي أنه سيتم اختيار المجموعات التي ستشرف على تنفيذ تلك الاستراتيجية في الخفاء ودون أي شفافية مما يفتح الباب واسعا للأهواء، و”كأنك يا أبو زيد ما غزيت”.

 

اقرأ أيضًا:

“العهد” النسخة الصعيدية من Game of Thrones

إيهاب التركي يكتب: العهد ..حتى التتر مسروق !!

أحمد عز “أب” بحكم المحكمة

5 ملاحظات على أضخم حملة إعلانات لـ”أم حسن”

إسراء النجار تكتب: 9 أسباب لتميز “تحت السيطرة”

نقدم لكم : جميلة عادل محمد عوض 

8 معلومات عن إعلان عمرو عبد الجليل