تقرير.. كورونا زاد من الإقبال على المواد الإخبارية

ايهاب الزلاقى

خلال فترة انتشار فيروس كورونا، وإجراءات العزل الاحترازية التى اتخذتها غالبية دول العالم، تتغير عادات البشر التقليدية، ويعاد توجيهها بما يناسب الأوضاع غير الطبيعية التى وجد العالم نفسه بها، ومن أبرز هذه الملامح تغير عادات استهلاك الإعلام بشكل ربما يمثل فرصة إيجابية للصناعة فى أوقات شديدة الصعوبة. الأكثر من ذلك أن الاتجاهات الدولية فى هذا الاتجاه تتوافق تماما مع الاتجاهات المحلية فى أساليب استهلاك الأخبار.

موقع Axios الإخبارى رصد ظاهرة جديدة وهى أن استهلاك المحتوى “الإخبارى” بلغ أرقاما قياسية فى الولايات المتحدة خلال الأسابيع القليلة الماضية بسبب انتشار فيروس كورونا، وأن هذه الزيادة تم رصدها من خلال تصنيفات التليفزيون، ومعدلات حركة البيانات عبر الإنترنت وكذلك مستويات التفاعل على الشبكات الاجتماعية.

هذا التطور له أسباب متعددة، أهمها بطبيعة الحال هو توقف المنافسات الرياضية المختلفة فى كل مكان، ومع توقف الإنتاج التليفزيونى والسينمائى بشكل مؤقت، يقتصر المستهلكون على النوع الوحيد من المحتوى الإحترافى الذى يتم إنتاجه بشكل يومى وهو الأخبار.

وتظهر الأرقام زيادة هائلة فى معدلات تحميل تطبيقات متابعة الأخبار فى الولايات المتحدة بشكل يصل إلى ثلاثة أضعاف فى حالة مثل تطبيق “الأخبار العاجلة” و CNN وبدرجات أقل مع تطبيقات وسائل إعلام شهيرة مثل فوكس نيوز وواشنطون بوست.

ووفقا لمسح إحصائى جديد أجرته شركة Magid للتحليل التليفزيونى، أكد 51% من العينة المستطلعة فى الولايات المتحدة أنهم يزيدون من استهلاكهم للأخبار وسط حالة تفشى الفيروس، مع قيام 49% منهم بتفقد الأخبار الجديدة عدة مرات فى اليوم.  ويتضمن هذا الأمر تنزيل التطبيقات من جميع الأنواع لكل نوع من أنواع منافذ الأخبار سواء كانت رقمية أو تليفزيون أو راديو وفقا للبيانات الجديدة التى جمعتها مؤسسة Apptopia لتحليل المشهد فى الولايات المتحدة، ويتضمن هذا الأمر تنزيل تطبيقات الأخبار العامة، والصحف الوطنية، ومجمعات الأخبار المحلية.

نرشح لك: 8 نصائح لمدمني القراءة للتغلب على تهديدات “كورونا”

فى الوقت نفسه، شهدت شبكات تليفزيون الكابل زيادة فى نسبة المشاهدة بأكثر من 50% منذ بداية العام وذلك وفقا لتحليل أجرته شركة “ألفونسو” الفرنسية التى تعمل على تحليل نسب المشاهدة التليفزيونية، كما تشهد شبكات التليفزيون الإخبارية قفزة هائلة فى تصنيفات المشاهدة، الأمر الذى جعل العديد من الشبكات التليفزيونية تتوسع فى التغطيات الإخبارية على حساب برامج الترفيه وتليفزيون الواقع وغيرها.

على سبيل المثال، حققت حلقة World News Tonight التى بثتها قناة ABC الأمريكية منذ أسبوعين معدلات مشاهدة أكبر من أى محتوى آخر بثته القناة فى وقت الذروة منذ بداية العام، حيث بلغ عدد المشاهدين 10.8 مليون مشاهد وفقا لما قدرته شركة “نيلسن” للأبحاث، وهو العدد الذى تجاوز مشاهدى الحلقة الأولى من مسلسل NCIS الشهير. وذكرت شركة الأبحاث أن قنوات التليفزيون الثلاثة ABC و NBC و CBS بلغ عدد مشاهديها مجتمعة 26.3 مليون مشاهد فى نفس يوم الخميس الذى تمت فيه القياسات.

ويقول جون هودوليك، المحلل فى صناعة الإعلام، فى ورقة بحثية حديثة: “نشهد مؤخرا العديد من الأدلة المبكرة على أن الأخبار والبرامج الإخبارية ربما تكون هى الرابح الأكبر خلال التطورات الحالية الخاصة بفيروس كورونا، خاصة مع غياب الأنشطة الرياضية العالمية، وبالنسبة للولايات المتحدة فإن تعليق الدورى الأمريكى للمحترفين فى العديد من الرياضات منح الفرصة أمام الشبكات التليفزيونية لتوسيع نطاق التغطية الإخبارية”.

ومن الملامح الأخرى لارتفاع اهتمام الجمهور باستهلاك الأخبار، هو زيادة التفاعل عبر الشبكات الاجتماعية مع القصص التى ينشرها 10 من أكبر ناشرى الأخبار الرئيسيين، وذلك بنسبة 56% خلال الأسبوعين الماضيين مقارنة بمتوسطات باقى العام وذلك وفقا لبيانات موقع NewsWhip. أيضا ارتفعت إجماليات زيارات المواقع بطريقة ملحوظة وفقا لبيانات موقع Parse.ly، حيث شهدت المواقع المرتبطة بتلك الشبكة زيادة بلغت فى المتوسط 61% فى معدلات مشاهدة الصفحات خلال الأسبوعين الماضيين مقارنة بالأسابيع السبعة قبلها.

نفس الأمر يمكن رصده مع مواقع الأخبار المصرية، فعلى سبيل المثال شهدت أبرز مواقع الأخبار المصرية ارتفاعات ملحوظة بلغت ضعفى أو ثلاثة أضعاف الأرقام المتوسطة للزيارات، وكذلك ارتفعت معدلات زمن التصفح لتصل إلى ضعفىة الوقت المتوسط فى أغلب الأحيان، وفقا لبيانات بعض المؤسسات تمكنت “النيوزلتر” من الإطلاع عليها، الأمر الذى يعنى أن الاتجاه العالمى فى زيادة استهلاك الأخبار يحدث أيضا على المستوى المحلي.

ورغم هذه الزيادات الملحوظة فى معدلات الزيارة واهتمام الجمهور، إلا أن المشهد الإعلانى ما يزال يعانى من التداعيات بشكل كبير، ويتوقع الخبراء أن يتأثر سوق الإعلانات بدرجة ملحوظة خلال الفترة المقبلة حيث تتراجع ميزانيات الشركات الكبرى فى قطاع التجزئة والنقل والقطاعات الأخرى المخصصة للتسويق وذلك استجابة لانخفاض الطلب من المستهلك.

الأسوأ من ذلك، وكما أفاد موقع Axios الأسبوع الماضى، فإن العشرات من غرف الأخبار فى الولايات المتحدة، خاصة المنافذ الإعلامية المحلية، تقوم بتسريح المزيد من الموظفين على الرغم من زيادة حركة المرور ومعدلات المشاهدة، ويذكر التقرير أن تلك المنافذ كانت تواجه مشاكل حادة بالفعل قبل انفجار أزمة كورونا، وتفاقمت تلك الأزمة مع تزايد انتشار الفيروس والخوف من حالة الركود واسعة النطاق، الأمر الذى يهدد بانهيار وشيك فى صناعة الأخبار المحلية فى الوقت الذى يحتاج فيه الناس إلى الوصول إلى مصادر معلومات موثوقة أكثر من أى وقت مضى.

ويذكر التقرير أن هناك أكثر من 100 حالة تسريح جماعى محلية معروفة فى المنافذ الإخبارية الأمريكية المحلية، وأن غالبية تلك الحالات تحدث فى الصحف الصغيرة الأسبوعية أو غير اليومية بالإضافة إلى مجلات المجتمع، واتخذت بعض المنافذ قرارا بإيقاف النشر تماما، بينما اكتفت أخرى بتسريح بعض الموظفين، فى حالات أخرى تم تخفيض أجور العاملين.

ورغم هذه الظروف، يشير تقرير حديث أصدره “هيئة إعلانات الفيديو” إلى أنه على الرغم من سيطرة البث الحى للرياضة، خاصة دورى كرة القدم الأمريكية على أوقات البث ومستوى استهلاك وإعلانات التليفزيون، إلا أن برامج الأخبار تحقق هى الأخرى مساحات متقدمة فى اهتمام الجمهور خلال السنوات القليلة الماضية، الأمر الذى يجعلها أكثر جذبا للإعلانات.

ويشير التقرير إلى أن الراشدين الأمريكيين يقومون حاليا باستهلاك إجمالى 40 بليون ساعة من ساعات البث التليفزيون الوطنى سنويا، وهو رقم يمثل زيادة قدرها 34% منذ عام 2014. وفى نفس الفترة زادت معدلات ارتفاع الإنفاق على الإعلانات فى تلك البرامج بشكل ثابت.

وعلى الرغم من الصعوبات التى تواجه صناعة الإعلام بشكل عام فى تلك الفترة، إلا أن الشىء المؤكد حاليا هو أنه فى زمن الوباء فإن متابعة الأخبار تصبح هى الشاغل الأول للمواطن فى أمريكا، وفى مصر أيضا كما يبدو من معدلات تصفح ومشاهدة المواقع مع غياب الأرقام الموثوقة المتعلقة بالمشاهدة التليفزيونية.

لمزيد من المتابعة على منتدى المحررين المصريين

نرشح لك: تطبيقات تساعدك على العمل من المنزل