وليد رشاد: ابتسم .. انت فى "كولن"

سافرت فى شهر فبراير فى رحلة سريعة لزيارة شقيقى فى الاراضى الالمانية .. وكانت واحدة من اجمل المفارقات ان يصادف تواجدى القصير هناك مهرجان مدينة كولن. ورفض شقيقى ان يخبرنى عن تفاصيل المهرجان باعتبارها مفاجأة وتصورت انها مبالغة فماذا يمكن ان يكون مختلفاً فى ذلك المهرجان عن اية مهرجانات اخرى !! وانتظرت حتى يوم المهرجان واول ما وطأت قدمى ارض كولن شعرت بشئ مختلف فالناس كلهم مبتهجون والشمس ساطعة على غير العادة وكنت على موعد مع عدة مفاجأت ..

المفاجأة الاولى: وهى ان ذلك المهرجان عبارة عن اسطول من عربات زاهية الالوان تعبر عن كل مقاطعة او مدينة ويرتدى راكبوا تلك العربات الزى التقليدى ويعزفون موسيقى كلاسيكية. ولكن الاغرب انهم يلقون من فوق العربات بالحلوى والشيكولاتة والزهور والهدايا عشوائياً على المتواجدين، والجميع يتصايحون ويتدافعون فى ذوق ولطف لحثهم على ان يقذفوا لهم بالحلوى.

ووجدت نفسى فجأة اعود الى سنوات الطفولة واتناسى كل شئ واندفع معهم فى محاولة التقاط الحلوى والشيكولاتة باعتبار ان عملية القفز والتقاط الحلوى هى مغامرة ممتعة فى حد ذاتها عبر فاصل من خفة الدم والفانتازيا الالمانية، فالالمان ليسوا كما يشاع عنهم شعب جامد لكنهم فقط يعرفون جيداً اهمية استغلال وقتهم وتوزيعه ما بين العمل الجاد والاستمتاع المطلق. فوجئت حينما وجدتهم يحملون حقائب كبيرة من القماش لجمع الحلوى وتسائلت هل يمكن ان تكفى الحلوى كل هذه الجموع ؟!

وكانت الاجابة من شقيقى بان هذا المهرجان مدعوم من جهات محلية وبلدية وان الحلوى وحدها تتكلف ملايين اليوروهات وانه يعد ربما ثانى مهرجان من تلك النوعية فى العالم بعد احد المهرجانات البرازيلية.

وبعد ان كنت ارغب فقط فى التقاط اى قطعة حلوى والسلام وجدت جيوبى بها الكثير من الحلوى بل لم اعد مكترثاً بالتقاط الحلوى وكنت اشير الى من حولى لالتقاطها من الارض.

لكنى لم ولن انسى اول قطعة حلوى التقطتها بصعوبة بعد منافسة شيقة مع شقراء المانية واضطررت نزولاً على نصيحة شقيقى باهدائها لها على اعتبار انى كنت باهزر معاها !!

ولا انسى ايضاً تلك الهدية الطائرة والتى افلتت منى ومن شقيقى لتذهب لشخص المانى ظل ينظر لها بازدراء ودهشة تحولا الى سعادة غامرة حينما لمح نظرة الحسرة فى عيونى فقد كانت عبارة عن قبعة علم المانيا على غرار تلك القبعات التى كان البعض يرتديها فى بطولة كأٍس الامم الافريقية بمصر 2006.

وكانت اللقطة الاهم حينما فوجئنا براكبى العربات يتعمدون الاطاحة بالحلوى بعيداً حتى تصل الى عمال النظافة وهى لمحة تحمل معانى كثيرة.

وكانت تلك العربات تمر بشكل متتابع ولاكثر من مرة حتى تنتهى منهم الحلوى فى حين يصطف الناس على الجانبين والكل مبتسم سواء من يلقى الحلوى او من يحصل عليها او حتى من تفلت من بين يديه.

المفاجأة الثانية: منظر الشوارع بعد المهرجان والتى تحولت لما يشبه الاحياء العشوائية عندنا حيث اغلفة الحلوى وبقايا الطعام والزجاجات المكسورة واظهرت علامات الاستياء لكن كان شقيقى تعلو وجهة ابتسامة ثقة من تلك الابتسامات التى يجيدها الواثقون من الفوز فى اللحظات الاخيرة، وفعلاً بعد نهاية المهرجان بدأ الجميع فى الرحيل الا عمال النظافة والذين بدأوا رحلة غسيل بالمعنى الحرفى للشوارع لتعود الشوارع فى دقائق اجمل مما كانت.

المفاجأة الثالثة: حينما بدأت افتح تلك الحلوى واجربها وكانت اغلفتها تحمل عبارات تذكارية وكنت اتوقع كما هى العادة عندنا فى حلوى المهرجانات والاحتفالات ان تكون من ذلك النوع الردئ على اعتبار ان الناس فى مهرجان ومعدتهم حتهضم الزلط والمهم الهيصة وخلاص !!

واندهشت حينما اكتشفت انها لا تختلف كثيراً عن تلك الشيكولاتة التى اشتريناها بكثير من اليوروهات من احد معارض الشيكولاتة فى مدينة ديورين !!

وفكرت فى امر خزعبللى وهو كمية التسمم التى كان يمكن ان تصيب الاطفال المصريين لو نظمنا هذا المهرجان فى مصر وفاز احد مخروبى الذمم بمناقصة توريد تلك الحلوى والشيكولاتة لادارة المهرجان كما يحدث فى المدارس والجامعات !! وحمدت الله ان المهرجان فى كولن وليس فى القاهرة او الاسكندرية او السويس !!

اقـرأ أيضًـا:

وليد رشاد: استاذى العزيز .. “لويس جريس”  

​وليد رشاد: الله يرحمك يا عم “مبروك”

 .

تابعونا عبر تويتر من هنا

تابعونا عبر الفيس بوك من هنا