قصة طبيبة وأم رافقت أول حالة وفاة بكورونا في مصر

نور الهدى فؤاد

آية الحديدي.. طبيبة بطلة واجهت فيروس كورونا المستجد وجها لوجه بإرادتها، خلال مرافقتها للست “عطيات” أول حالة إصابة ووفاة في مصر بالفيروس.

ولكن ماذا عن تضحياتها كأم تترك ابنها ذو التسع سنوات في تلك الأيام، من أجل ما تعتبره رسالتها في الحياة؟

تمثل “آية” في شجاعتها الكثير من طبيبات مصر الغير معروفات، ليس فقط لمواجهتهن ظروف عمل قاسية وخطيرة بإمكانيات ضعيفة وتدابير وقائية متواضعة، وإنما لتركهن أبناءهن بينما حصلت جميع العاملات بالدولة على إجازات للعمل بالمنزل خصيصا لرعاية أبناءهن في تلك الظروف القهرية.

فبينما يهرب ملايين البشر مختبئين اليوم تحت شعار “ابقى في منزلك”؛ تقضي “الحديدي” رئيس قسم العناية المركزة بمستشفى الصدر بالمنصورة وقتها في المستشفى أياما كاملة.

وبالتزامن مع الاحتفال بعيد الأم.. تواصَل إعلام دوت كوم مع آية الحديدي للحديث عن تجربتها كطبيبة تحارب كورونا وتأثير ذلك عليها كأم وعلاقتها بابنها:

تقول “الحديدي”: تحمّل “آدم” معي الكثير من الصعاب، بداية من إصابتي بأنفلونزا الخنازير أثناء الحمل بينما كنت أعمل بالعزل الصحي بالمستشفى الجامعي عام 2010، إذ كان المرض حديث الانتشار، وبعد أن شفيت وتمت الولادة حصلت على أول وآخر إجازة حتى اليوم، لمدة 3 أشهر، لتضطر أختي الصغرى “هبة” لرعايته وتأتي به للمستشفى بين الحين والآخر للرضاعة، أو تضطر للمبيت به أثناء نبطشيتي التي كانت تطول غالبا لـ 24 ساعة”.

نرشح لك: بسبب كورونا.. محمود سعد يعتذر للجمهور

واستكملت: بعد بلوغه عامين وفطامه تولت رعايته جدته لأبيه، قبل أن يتم الانفصال بيني وبين والده ويتولى جده لأمه رعايته، حيث أن والدتي متوفية وخالته كانت قد تزوجت.

وعن علاقتها ب “آدم” تقول: على الرغم من تعلقه الشديد بي وغيرته أحيانا من اهتمامي بالمرضى، فإنه يعي جيدا طبيعة عملي وأهميته ولماذا أغيب كثيرا، ويفرح عندما أحكي له كيف تم شفاء مريض أو قيمة أن يتصل بي متعافي هو وذويه ليشكروني، وأذكر من ذلك اضطراري لإلغائي احتفالنا بعيد ميلاده بعد أن تم إبلاغي بحالة “كورونا” الأولى، بل وتركه في منزل والده بعد انتهاء مدة زيارته الأسبوعية هناك لعدة أيام، خوفا من احتمالات إصابتي وبالتالي انتقال العدوى له.

أما عن هدية عيد الأم فتقول آية الحديدي: اعتاد “آدم” أن يهديني وردة كل عام، ولا أدري هل سيكررها اليوم أو إذا كنت استطيع تقضية اليوم معه في منزلنا بعد ما استقللنا به عن الأسرة، حتى اعتاد أن يجلس وحيدا منذ كان في السابعة من عمره.

وأردفت : “كل أطباء مصر أبطال ومقاتلين، ليس لتضحياتهم اليوم ومخاطرتهم بمواجهة فيروس لا يعرفون حتى كيفية التعامل معه بشكل كامل، وإنما منذ عقود طويلة، يكفي أننا نعمل في ظروف قهرية وبامكانات محدودة ونحقق من ذلك نتائج جيدة مقارنة بالعديد من الدول، نحاول مساعدة الجميع قدر استطاعتنا ونتمنى لو نساهم في شفاء كل المرضى، ولكننا نتقيد كثيرا بحدود ما نملكه، كما أننا نحمي أنفسنا بأبسط الطرق.

وتابعت: “أنا شخصيا أدخل من باب منزلي ولا استطيع تقبيل أبني أو لمسه حتى اتخلص من ملابسي واستحم كلية، حتى وصلت لحل أن ارتدي ملابس خاصة بالعمل فقط، بينما تظل صعوبة تبديل الملابس قائمة فلا مجال للخصوصية في المستشفى.

وتختتم أخصائية أمراض الصدر بعدد من النصائح للشعب المصري، بداية بالحرص على آداب النظافة الشخصية وغسل اليدين باستمرار والحرص على مواجهة العطس والكحة بالمناديل، مع المكوث في المنزل قدر المستطاع، فإذا كان أحدهم مريضا أو يشعر بالمرض انتظر أسبوعين هي دورة حياة المرض في الجسم، حتى يتأكد خلال العزل الذاتي من حقيقة مرضه، فلا يعدي غيره ويشفى إذا شاء الله، وإذا كان سليما فيحمي نفسه من انتقال الفيروس الذي لم يعرف له علاج مؤكد حتى الآن؛ إلا مضادات الفيروسات وبعض المضادات الحيوية والأدوية الخاصة بالجهاز التنفسي، إذا تمكن المرض وتصاعدت حدته، مؤكدة أن الأعراض الأولى تتضمن الشعور بالارتعاش وارتفاع درجات الحرارة وصعوبة التنفس، فليس كل عرض لأمراض الانفلونزا تعد كورونا.

فإذا شعر بتلك الأعراض لا بد أن يمتنع عن المخالطة تماما ويتوجه فورا للمستشفى مع مرافق واحد مرتديا ماسك طبي.

نرشح لك: لمكافحة كورونا.. أطباء المنصورة يطلقون “جروب” للاستشارات الطبية