طارق الشناوي: "فوبيا" الفنان العربي!!

رمضان على الأبواب، ولهذا يجب أن نستعد جميعًا لجرعة درامية وبرامجية تحتاج إلى طاقة وقدرة على التلقِّى والاستيعاب تتجاوز فى العادة قدراتنا البشرية المحدودة.

ليس هذا هو مربط الفرس، وليست هذه هى قضيتنا هذه المرة، لأن ما استوقفنى فى الأيام الأخيرة أنها «الفوبيا» التى تعنى الخوف المرضى الشديد، والتى بدأت بسببها أستمع كالعادة إلى كلمات مزعجة تتردد على طريقة «جُحا أولى بلحم تُورُه»، و«اللى يعوزه البيت يحرم ع الجامع»، فمَن هو جحا الذى يحاولون إقناعه بتناول الثور وحده؟ وما البيت الذى ينبغى أن يستولى على ميزانية الجامع؟ إنه الممثل المصرى فى الدراما الذى لم يعد وحده، وخصوصًا فى الأعمال الرمضانية، كما أن الوجه الآخر من الصورة هو المذيع المصرى، الذى أصبح ينافسه بقوة المذيع العربى، وخصوصًا اللبنانى، بينما على أرض الواقع سقطت فى السنوات العشر الأخيرة تلك الحواجز، إذ صار العمل التليفزيونى عربيًّا ولا يحق لأحد الآن أن يفتّش فى جواز السفر، ليعرف هل مثلًا سيرين عبد النور لبنانية أو جمال سليمان سورى، الدنيا تجاوزت تلك الشكليات مع تغيير قانون التسويق، إذ أصبح العمل الدرامى يُباع إلى الفضائيات العربية بأسماء النجوم. فى الماضى، أقصد فى زمن التليفزيون الأرضى، كان يكفى المسلسل العرض فى نطاق بلد الإنتاج، الآن صار هناك أكثر من جهة عربية لها رأى ينبغى مراجعته أولًا، عصر الفضاء فرض قانونه الجديد.

تاريخيًّا كانت تلك النعرات نلمحها بين الحين والآخر وهى تعلن عن نفسها بتبجّح، مثل تلك الواقعة الشهيرة فى نهاية الأربعينيات عندما هتف عدد كبير من المطربين والمطربات فى نقابة الموسيقيين المصرية: «أخى جاوز الظالمون المدى.. وجاءت صباح بعد نور الهدى»، ولم تنقذ الموقف سوى نقيبة الموسيقيين فى تلك السنوات السيدة أم كلثوم، التى تصدّت لهذه الصيحات الساذجة، التى أرادوا من خلالها إغلاق الباب أمام المطربة صباح بعد أن سبقتها بسنوات قليلة المطربة اللبنانية نور الهدى.

بعض المطربين بين الحين والآخر يتورطون فى تصريحات متشابهة، مثلًا مدحت صالح طالب من قبل بأن لا يغنى المطرب العربى إلا لهجة بلاده، رغم أنه مثلًا لو تذكر سيكتشف أن نجاح سلام اللبنانية غنّت لمصر واحدة من أشهر الأغانى «يا أغلى إسم فى الوجود يا مصر» ومن هذا الجيل تجد رصيد نانسى عجرم للغناء باللهجة المصرية ولمصر يشكل القسط الأكبر «أنا مصرى وأبويا مصرى وخفة دمى مصرى»، هل من الممكن أن نخصم من أغانينا كل ما قدمه باللهجة المصرية أسمهان وفريد ونجاح سلام وسعاد محمد وصباح وفايزة ووردة، مرورًا بسميرة ولطيفة، ووصولًا إلى أصالة ونانسى وإليسا؟ هل ننسى المطرب الإماراتى حسين الجسمى فى أكثر من أغنية وآخرها «بشرة خير» ومن فرط غنائه لمصر يطالب كثيرون بمنحه الجنسية المصرية، وديع الصافى ورائعته «عظيمة يا مصر»؟ وبالمناسبة، الراحل وديع منحوه الجنسية المصرية، ولكنى لا أتصوّر أن الأمر يختلف سواء حمل الجنسية أو ظل فقط لبنانيًّا.

قبل ثورة 25 يناير 2011 بعامين مثلًا بدأت نقابة الممثلين تفتش فى الجوازات، كنا ندرك وقتها أن الأمر يعبر عن مصالح صغيرة لعدد من النجوم غير المتحققين، يعتقد أحيانًا بعض أصحاب المواهب المحدودة أن إزاحة الآخر ستتيح له اعتلاء القمة منفردًا، ولم تتمكن النقابة وقتها من فرض قانونها، لأنه فى الحقيقة يخاصم مشاعر الناس بقدر ما يخاصم قانون وإيقاع الزمن.

تظل هذه وتلك مجرد ضربات عشوائية فى الكواليس، وكلما اقترب موسم رمضان نستشعر أنها تزداد صخبًا بطرقات على الباب.

الناس الذين يتابعون الأغنية أو البرنامج أو المسلسل لا يعنيهم البحث عن الهوية، ولكن الإبداع الذى يقفز فوق السور. «أخى جاوز الظالمون المدى» كما غناها الموسيقار محمد عبد الوهاب قبل سبعين عامًا، كانت موجهة فقط للعدو الإسرائيلى، ومرحبًا بالفنان والمذيع العربى فى مصر رغم أنوف أنصاف الموهوبين!!

نقلًا عن موقع “التحرير”

اقـرأ أيضًـا:

طارق الشناوي: سلامٌ عليك يا جورج!

 طارق الشناوي: دنيا سمير غانم هتفاجئنا 

طارق الشناوي: مواطن ورئيس وفنان!

 

 تابعونا عبر تويتر من هنا

تابعونا عبر الفيس بوك من هنا