طارق الشناوي: مواطن ورئيس وفنان!

تداخَل كثير من العوامل الموضوعية والنفسية، بل والتخمينات والتأويلات فى تفسير وتحليل رحلة عدد من الفنانين على طائرة خاصة ليصبحوا الظهير الشعبى لرئيس الجمهورية. مؤسسة الرئاسة حرصت على أن تؤكد (وهو بالمناسبة حقيقى) أنها غير مسؤولة لا عن فكرة أو ترشيح أو نفقات الوفد، حتى الإعلاميون والصحفيون لم تعد مؤسسة الرئاسة فى عهد السيسى تتحمل أى مسؤولية مادية فى وجودهم لتغطية رحلات الرئيس.

لكن بالتأكيد مؤسسة الرئاسة مسؤولة أدبيًّا عما حدث، فقد وافقت على الأسماء، كما أنها قبل ذلك استملحت الفكرة، فمنحتها الضوء الأخضر، ربما ولا أدّعى اليقين، فقط أشعر بأن المخرج خالد يوسف، القريب من مؤسسة الرئاسة هو صاحب الاقتراح، وكان يريدها للنجوم فقط، وكالعادة انفرط العقد، والباب الموارب أصبح مفتوحًا على مصراعيه أمام الجميع، لا يملك أحد الاعتراض على فنان أراد أن يشارك، بحجة أنه لم يتحقق كنجم، هذا يتعارض مع إطلاق صفة شعبى على الوفد الفئوى، وهكذا وجدت أسماء لديها رغبة بأن تتقدم الصف، حيث إن الكاميرا هناك، والشهرة هناك، ولا تنسى أن تضع دائما عندما تتحدث عن الفنان معادلة «قوة تأثير جاذبية الضوء»، تلك البقعة السحرية التى تجعل الكل ينتظرها، ويلهث وراءها من القاهرة إلى برلين.

عديد من الاعتبارات تداخلت، لكنها فى نهاية الأمر اصطدمت بحائط صلب وهو: ما الذى من الممكن أن يصل إلى المواطن؟ أسوأ ما حدث ليس الاعتراض على الفكرة، فأنا أراها -كما أشرت فى مقال سابق- مجرد «افتكاسة» فى غير موضعها، ولا محل لها فى الإعراب السياسى، إلا أن الهجوم للمواطنين فى أغلبه لم يكن موجهًا ضد الفكرة، لكن بسبب تلك النظرة الدُّونية عند قطاع لا بأس به من الناس للفن، بل ولدور الفنان، وتلك قضية أخرى تحتاج إلى أن نرصد ونفند الأسباب.

كان دور الوفد ليس فقط الهتاف للرئيس، ورفع صورته فى برلين، لكن الهدف الأساسى هو حث الآلاف من المصريين، وربما العرب المقيمون فى برلين وباقى المدن الألمانية بل والأوروبية للمشاركة والوقوف خلفهم والهتاف وراءهم، إلا أن ما شاهدته من صور كان يشير إلى أنهم تقدموا الصف الأول، وبعضهم وقف فى الثانى والثالث، أين الجمهور الذى ذهب إليهم، وردد الهتاف وراءهم؟ لن تجد إلا عددا محدودا جدا، إلا إذا اعتبرت أن محمد كريم وفتوح أحمد ومحمد الصاوى هم الجمهور.

المقصود لم يكن بالتأكيد أن ترفع يسرا أو إلهام أو عزت فقط صورة السيسى، هاتفين باسمه، أو يغنّى هشام عباس «تسلم الأيادى»، أو ياسمين الخيام «المصريين أهمّه»، لكن أن يأتى المصريون المقيمون هناك من كل صوب وحدب، بفعل تأثير جاذبية النجوم إلى تلك الوقفة لتصل الرسالة بأن المعترضين على السيسى هم أقلية ليس لها وزن رقمى.

هل كانت شعبية الرئيس فى امتحان خارجى فى برلين، وهؤلاء سافروا إلى هناك من أجل أن يشاركوا فى تحسين مجموع شعبية الرئيس؟ هل مؤسسة الرئاسة بحاجة إلى هذه المظاهرة؟ ولو خرجت مظاهرة ترفض السيسى يتصدرها عدد من الإخوان، هل يعنى ذلك أنه بالضرورة أن يتم الرد عليها فورًا فى برلين من مؤيدى الرئيس الذين جاؤوا من القاهرة؟ إنه يبدو رد فعل به نزق المراهقة الفكرية والسياسية.

أشعر أن الدولة وتحديدا مؤسسة الرئاسة تورطت، عندما منحت تلك الخزعبلات، التى لم تراعِ فروق التوقيت ولا التفكير، ضوءا أخضر. أمام الدولة خطة وحيدة للخروج الآمن من هذا المأزق، ليس فقط بإخلاء مسؤولية مؤسسة الرئاسة عن لعب هذا الدور، بل بإغلاق الباب تماما أمام القادم من تنويعات ساذجة على نفس «التيمة»، فمن المستحيل أن يُلدغ النظام من نفس الجحر مرتين!
نقلًا عن موقع “التحرير”

اقـرأ أيضًـا:

ألبرت شفيق لإعلام.أورج: خبر الاستقالة صحيح

السيسي يداعب يوسف الحسيني: الكلمة دى مش هتعجبك

خالد الجندي لمهاجمي الصحابة: مش هسيبكوا

مصير غامض لـ”الحياة اليوم”

خطأ جسيم لأصوات مصرية

عمرو دياب.. “هرم مصر الرابع” في روسيا

‫7 إعلاميين على تترات مسلسلات رمضان

 

تابعونا عبر تويتر من هنا

تابعونا عبر الفيس بوك من هنا