بين النصب والاستغلال.. قصة رامي إسماعيل الذي يتبرأ منه الأطباء

إيمان مندور قصة رامي إسماعيل

منذ 8 سنوات وحتى الآن، يتجدد الحديث كل عام عن الدكتور رامي إسماعيل، أحد أكثر الأطباء إثارة للجدل خلال السنوات الماضية، بسبب اتهامات النصب التي تلاحقه، ولا يزال صداها يتجدد كل عام، وسط تطورات في هذه الواقعة ربما هي الأقوى هذا العام، بعد استغاثته بالرئيس عبد الفتاح السيسي أمس.

نرشح لك: هل قصة العمرة وهمية؟.. تعرف على رامي إسماعيل الطبيب المثير للجدل

الطبيب المثير للجدل نشر مقاطع فيديو يبكي ويستغيث فيها بالرئيس لرفع الظلم الذي يتعرّض له في مصر، وسرد تفاصيل قصته من البداية وردوده على الاتهامات الموجهة إليه. لكن في الحقيقة ما قاله الطبيب رامي إسماعيل لم يدعم موقفه بل أثبت صحة اتهامات النصب، لأنه بالعودة لما قاله في لقاءاته الإعلامية السابقة نجد أن مبرراته كاذبة وأنه نفى أشياء قالها من قبل، ملقيًا بالتهمة على الإعلامية جيهان منصور.

إذن ما القصة الحقيقية للدكتور رامي إسماعيل؟

البداية كانت في مطلع يناير 2011 عندما استضافه الإعلامي مفيد فوزي في برنامج “حديث المدينة”، وقدّم رامي نفسه باعتباره “حفيد رئيس الجمهورية الأسبق محمد نجيب، وأصغر جراح قلب في العالم، ومساعد الدكتور مجدي يعقوب”. وبدأ رامي في سرد قصة جده الرئيس الأسبق ودراساته الطبية وعمله مع الدكتور مجدي يعقوب مدعما حديثه بصور له مع الجراح العالمي، فضلا عن نصائحه الطبية لمرضى القلب، وعلاقة الدين بالعلم، وكأنه يُقلد طريقة الدكتور مصطفى محمود في الكلام واستخدام الأحاديث النبوية ودمجها مع المعلومات الدينية.

مر اللقاء بسلام وكانت التغيرات السياسية بعد ثورة يناير تشغل الرأي العام فلم ينتبه له أحد، إلى أن ظهر مرة أخرى عام 2012 مع الإعلامية جيهان منصور عبر قناة “دريم”، وقدّمته كـ”أصغر جراح قلب في مصر عمره 27 عاما ومساعد الدكتور مجدي يعقوب وحاصل على 5 زمالات من جامعات أمريكية وبريطانية وأجرى 600 عملية جراحية خلال أول 3 سنوات من دراسته للطب”، فشكر المذيعة على هذه المقدمة وبدأ حديثه عن جراحات القلب وأمراضه.

تكرر ظهور رامي إعلاميًا بنفس الألقاب التي يمنحها لنفسه عن جراحة القلب ومجدي يعقوب، وأجرى حوارات صحفية عن نبوغه في مجال الطب رغم صغر سنه، أبرزها حواره في “الأهرام”، كما نشر مئات الفيديوهات الطبية عبر مواقع التواصل الاجتماعي. لكن مؤسسة الدكتور مجدي يعقوب نفت علاقتها به، وأصدرت بيانَا تؤكد خلاله أن هذا الطبيب “نصّاب” ولم يسبق له العمل أو التدريب بأى شكل أو صفة مع د. مجدي يعقوب أو فريقه سواء داخل مصر أو خارجها، وأنها ستقوم باتخاذ كافة الإجراءات النقابية والقانونية ضده.

الجدل الذي أثير كان بسبب حلقته مع الإعلامية جيهان منصور، ولم يلتفت المنتقدون للقاءات الأخرى، ربما لم يشاهدونها، المهم أن الطبيب المُدعى عليه رد على الاتهامات التي وجهت له بشأن هذه الحلقة، مؤكدًا أن المذيعة هي السبب وأنها من منحته هذه الألقاب فاضطر للسكوت ولم يحرجها على الهواء، موضحًا أنه ليس مساعدًا للدكتور مجدي يعقوب بل التقى به فقط في أحد المؤتمرات.

أما الزمالات التي قال إنه حصل عليها في الخارج أوضح أنها مجرد “كارنيهات” لإثبات أنه طالب هناك لكي يُسمح له بالحركة داخل الحرم الجامعي. حسنًا لو أن جيهان منصور أخطأت وقدّمته بما ليس فيه من تلقاء نفسها كما يدّعي لماذا وافق على تكرار الأمر في باقي البرامج الأخرى؟ وماذا عن لقاء مفيد فوزي قبل عام من لقاء جيهان منصور ووجود نفس الألقاب؟!

ورغم نفيه للألقاب التي أطلقت عليه، إلا أنه تقبّلها مرة أخرى في عدة لقاءات، أبرزها عند ظهوره مع الإعلامية دينا رامز عبر قناة “صدى البلد” عام 2016، والتي أكدت خلال الحلقة أنه “استطاع أن يحفر اسمه بتميز حتى أنه أطلق عليه لقب أصغر جراح قلب فى مصر، وقبل أن ينهي دراسة الطب كان قد شارك فى إجراء 600 عملية قلب مفتوح”.

عام 2014 قدّم عميد كلية طب بجامعة الأزهر شكوى للنقابة العامة للأطباء، بأن الطبيب رامي إسماعيل، ظهر في وسائل الإعلام مدعيًا أنه استشاري قلب وحاصل على عدة زمالات مصرية وأصغر جراح قلب في مصر، رغم كونه ممارس عام، ولم يحصل على أي شهادات بعد تخرجه من كلية الطب ولم يسبق له ممارسة التخصص من قبل إلا من خلال عيادته الخاصة، فأصدرت الهيئة التأديبية قرارا بمعاقبته بالوقف عن مزاولة المهنة لمدة سنة. ثم رفضت الالتماس المقدم منه بوقف العقوبة في نوفمبر2017.

قبل نحو شهر نشر رامي فيديو له مع الدكتور جمال شعبان عميد معهد القلب القومي، في مؤتمر جمعية القلب المصرية، تحدث خلاله عن استخدامات القساطر والدعامات. الأمر الذي أثار جدلا وانتقادات عن ظهورهما سويًا.

لكن ما لبث أن خرج “شعبان” موضحًا نصب واستغلال رامي إسماعيل للحوار معه، موضحًا أن اللقاء كان في قاعة كبار أعضاء مؤتمر جمعية القلب المصرية وتحدث رامي معه كمحاور إعلامي وليس بصفته طبيبًا، قال شعبان: “نصحته بإغلاق عيادته والتضحية والسفر إلي الخارج لدراسة الزمالة والتخصص، وشرحت له خلاصة القول في استخدامات القساطر والدعامات، وذلك لأفتح أمامه باب التوبة ومراجعة النفس ووعد بالالتزام بذلك. ولم يكن ذلك الڤيديو بغرض شو إعلامي لأني لست بحاجة إليه فعندي المئات علي اليوتيوب ولا لغرض إضفاء شرعية علي ممارساته ولكن لإعادته إلي جادة الصواب”.

تابع: “ولكنه للأسف أساء استغلاله واعتبرها شهادة مني علي ممارساته غير العلمية وكلف أحد المهتمين بحقوق الإنسان بمهاتفتي لأسانده في أزمته بعد أن تجاهلت مكالماته وكنت واضحا صريحا بأنه حنث بوعده وأخل بعهوده معي وبالتالي فلا ينتظر مني التأييد”.

قبل أيام طالب الإعلامي محمد الباز في برنامجه “90 دقيقة”، النائب العام، بالتحقيق مع رامي واتهامه بالنصب. كما أوضح الدكتور أسامة عبد الحي، وكيل نقابة الأطباء، أن هذا الطبيب ينقل معلومات خاطئة للمرضى، وأن النقابة سبق وأحالته للهيئة التأديبية، بعد ثبوت واقعة إضراره بمريضة بأن قال لها إن قسطرة القلب حرام شرعًا، موضحا أنه صدر حكم بوقفه عن العمل لمدة عام، كما تم إغلاق عيادته، لكنه عاد لممارسة الطب مرة أخرى، رغم صدور قرار بوقفة.

بعد تصاعد الانتقادات ضده مرة أخرى على مواقع التواصل الاجتماعي، نشر رامي مقاطع فيديو حصدت ملايين المشاهدات في ساعات قليلة، ظهر خلالها باكيًا ومستغيثًا بالرئيس عبد الفتاح السيسي، قائلاً: “والدي توفي بسبب اتهامات النصب وأخاف على والدتي نفس المصير”، مناشدًا الرئيس بأن يتدخل ليسمحوا له بإكمال دراسة الماجستير في مصر بعد أن أوقفوها عمدًا، على حد قوله، متعهدًا بالسفر فور إنهائه خارج البلاد وعدم ممارسة الطب في مصر، موضحًا أنه يتعرض لحرب بسبب “بيزنس قساطر القلب” نتيجة تحذيراته من تجارة القساطر التي يكرهه الأطباء بسبب حديثه عنها، على حد تعبيره.

الطبيب المثير للجدل خرج للدفاع عن نفسه، فأثبت للجميع أنه “نصاب”، إذا ما تمت مقارنة حديثه الأخير بما قاله في حواراته السابقة، فيما يتعلق بدراساته وألقابه. هذا بالطبع بعيدًا عن أي تناول طبي للمعلومات التي يذكرها والتي انتقدها الكثير من الأطباء بأنها منقوصة وتضر المرضى، فهذا الأمر نتركه لأهل التخصص يردون عليه. لكن اللافت هو الدفاع عن رامي إسماعيل في التعليقات عبر مواقع التواصل الاجتماعي في أداء أشبه بما يُعرف بأداء “اللجان”، حيث تجد تعليقات متشابهة “ربما بنفس الصيغة” من حسابات لا تحتوي على صور حقيقية، وأغلبها ذات محتوى ديني. كما توجد صفحات للمعجبين به وكأنه نجم سينمائي، في ظاهرة غريبة من نوعها على العاملين في المجال الطبي.

الحملة ضد رامي إسماعيل تتكرر من آن لآخر، ثم تهدأ ويعود كما كان، ثم تثار مرة أخرى وهكذا وهكذا على مدار عدة سنوات، إلا أن التصعيد هذه المرة من الطرفين، سواء رامي أو منتقدوه، أكبر من السابق، فهل تتدخل الجهات المعنية وتحسم الأمر نهائيًا؟ أم ستظل دوامة الاتهامات تتكرر دون إجابات شافية؟!

قصة رامي إسماعيل

نرشح لك: محمد رشاد ومي حلمي.. حوار غير مقنع في “الصباحية”

شاهد: يوم #مش_عادي في ضيافة الإعلامية سالي عبد السلام