​وليد رشاد: الله يرحمك يا عم "مبروك"

كان أحد أكبر أحلام حياتي، هو دخول كلية الإعلام، بجامعة القاهرة، منذ أن سمعت اسمها سريعًا عندما كنت في المرحلة الابتدائية وأتابع بشغف مناسب لتلك المرحلة نتائج الثانوية العامة،وعرفت أن هناك كلية للإعلام وسألت الكبار فأوضحوا لي إنها الكلية المخصصة لتخريج الصحفيين.

ومرت الأيام حتى وصلت لمرحلة الثانوية العامة وصممت بعد ظهور النتيجة على دخول كلية الإعلام، رغم المعارضة الشديدة من كل المعارف والأهل بدعوى أنها كلية مجهولة وان مجموعي كبير ويناسب كلية الهندسة ! ورغم إيماني واقتناعي بحلمي إلا اننى انتابتني الشكوك في مستقبلي بعد تلك المعارضة العنيفة وتأكيد الجميع على أن عملي ونجاحي سوف يرتبطان ارتباطاً وثيقاً بالواسطة، إلا إننى عندما دخلت الكلية أحسست براحة غريبة وكأن الله يريد ان يؤكد لي على صحة اختيارى، وكانت هناك أسباب عديدة لذلك الشعور الغامر بالراحة.

أولاً: إننا في دفعة عام 1994 كنا الدفعة الأولى التي تدرس في المبنى الفاخر الخاص بكلية الإعلام وما أجمل الشعور ان تدرس في مبنى انت أول من يستخدم قاعاته ويتجول فى ردهاته والأهم يجلس على سلالم هذا المبنى! وخاصة حينما تعرف ان أجيال رائعة من طلبة الإعلام كانت تحلم بهذا المبنى، ولكنها تركت الجامعة قبل تحقيق حلم المبنى.

ثانياً: الاستقبال الحافل لنا من الدفعات السابقة فيما يعرف جامعيًا باستقبال الأسر المختلفة للدفعات الجديدة ولا أنسى أول أيامي في الجامعة واستقبال الأعزاء من أسرة النيل لأبناء دفعتي، ولا زلت اذكر خفة دم الزميل العزيز وقتها والصحفى الكبير حالياً “زين العابدين خيري” وطريقته اللطيفة في تعريفنا كل ما يتعلق بكليتنا، وكذلك الزملاء المنتمون للأسر التي كان يطلق عليها فى ذلك الوقت التيار الديني كانوا ايضاً غاية في الذوق والتهذيب لأن طبيعة الدراسات الإعلامية فرضت نوعا من التقارب والتفاهم بين الجميع.

ثالثاً: طبيعة المواد الدراسية في كلية الإعلام والتي أصابتني بنوع من السعادة الممزوجة بالراحة لأنها كانت خلاصة للعلوم الإنسانية المختلفة من تاريخ وجغرافيا سياسية وسياسة واجتماع وفلسفة وعلم نفس وادب عربي واجنبي وغيرها من المواد اللطيفة التي كانت تعد نوع من الرفاهية بالنسبة لخريج ثانوية علمي مثلي !!

رابعاً: الحفاوة البالغة التي قابلنا بها أساتذة الكلية وتعمدهم فتح نوع من الحوارات الجانبية مع الطلاب خلال المحاضرات، أكسبتنا نوع من الثقة بالنفس خصوصًا عندما يتعلق الأمر بالحديث لأول مرة أمام مدرج كامل يضم ما لا يقل عن 150 طالب وطالبة.

خامساً: عم “مبروك” رحمة الله عليه، وهو كان فراش الكلية المسئول عن الدور الأول الذي يقع فيه المدرج الرئيسي لطلبة السنة الأولى بالكلية، كان رجل أسمر البشرة دمث الخلق لا ادري كيف ومتي تعرفت عليه، بل وصرنا أشبه بالأصدقاء كان يحب الحديث معي بدرجة قوية أو ربما كان كذلك مع الجميع.

ولكنى أذكر حواراته الطويلة معي خصوصًا فيما يتعلق بنادي الزمالك الشئ الوحيد الذي كان يعشقه في حياته، كان يكلمني عن الزمالك بحالة من العشق والحسرة على نتائجه السيئة خاصة اننا في ذلك العام كنا مع بداية احدى الانهيارات المتكررة لنادى الزمالك، بعد الصحوة المفاجئة التي حدثت ايام الاسكتلندي “ديف مكاي” ومساعده “فاروق جعفر” وبعدها البطولات التاريخية التي حققها الجنرال الراحل “محمود الجوهرى” والتي انتهت بانتصار تاريخي للزمالك على الاهلى في مباراة السوبر الشهيرة في جوهانسبرج في يناير 1994 قبل دخولي الجامعة بثمانية شهور، ليبدأ الزمالك بعدها سنوات عجاف لم تنته الا (بعد تخرجي) بفوز الزمالك باخر بطولة كأس مصر في الألفية الثانية.

وكان عم “مبروك” يتحسر مع كل هزيمة للزمالك ويسألني باعتباري من الفاهمين كورة هو الزمالك حيكسب امتى؟! بل ويناقشني في الاختيارات والصفقات! وكم كان حزني شديداً حينما قرأت موضوعاً صحفياً لإحدى المتخرجات من كلية الإعلام عن وفاة طيب القلب عم “مبروك”، صحيح اننى في السنوات الدراسية الأعلى قلت مقابلاتي مع عم “مبروك” بحكم انتقالي لقسم الصحافة وقاعاته الصغيرة وابتعادي عن المدرج الرئيسى، إلا إنني لا زلت أذكر أجمل الأيام ولحظات البواكير في بداية تحقيق حلمي بالدراسة في كلية الإعلام بجامعة القاهرة وأترحم على عم “مبروك”.

 

اقـرأ أيضًـا:

 أخر تقاليع المحامي سمير صبري.. الحرق بعد الإعدام  

 أول تحذير من اغتيال السيسي‎

 الحسيني يهاجم هاني المسيري: عربيتك بفلوسي

مفيد فوزي تعليقاً على حبس “بحيري”: أرفض محاكمة أى شخص “يفكر”

إبراهيم عيسى: التعليم في مصر “وهم باذنجاني”

عكاشة: مصر بطة وفرحانة انها بطة

.

تابعونا عبر تويتر من هنا

تابعونا عبر الفيس بوك من هنا