في سباقها من أجل التغلب على نتفليكس.. الاستوديوهات تتخلى عن أرباح بالمليارات

إبراهيم أبو بكر الصديق نتفليكس

مع استعداد التكتلات الكبرى لإطلاق خدمات البث الرقمية الخاصة بها، سوف تترك تلك التكتلات رسوم الترخيص المربحة على الطاولة لكي تتنافس على اشتراكات في مسابقة من المحتمل أن تكلف الجميع على المدى القصير.

في العاشر من فبراير الماضي أطلقت قناة إيبيكس Epix وهي قناة تلفزيونية أمريكية مملوكة من قبل ستوديو 3 التابعة لشركة فياكوم، وباراماونت بيكتشرز، وميترو جولدوين ماير، وليونز جيت إنترتاينمنت، تعرض أفلام وبرامج وثائقية وموسيقى ومسلسلات وعروض كوميدية، وبدأ بثها في أكتوبر 2009 خدمة بث رقمية لتصبح أحدث شبكة – مثل CBS, Showtime, HBO – تتطلع إلي استخراج المزيد من الأرباح من مكتبتها. هذه القائمة سوف تنمو عندما تقوم ديزني وواندر ميديا بالكشف عن خدماتها في 2019 وبعدهما إن بي سي العالمية التي سوف تدخل ذلك المجال لأول مرة في عام 2020.

علي الورق، هذا شئ غير منطقي. نتفليكس أصبحت كيان ضخم قيمته 152 مليار دولار أمريكي منذ أن قدمت خدمة البث الرقمية الخاصة بها في 2007 وارتفعت أسهمها في البورصة بنسبة 8000 في المائة منذ ذلك الوقت.

ما هي تكتلات الترفيه التي لا تريد محاكاة هذا النجاح؟ المشكلة هي أنه في كل مرة يقوم بذلك كيان بمفرده، يدخل هذا الكيان مجال مزدحم ليحقق أرباح يجد أن نتفليكس تنفق حوالي 5 مليار دولار أمريكي سنويًا لترخيص المحتوى. وبعد ذلك هناك أمازون التي يمكن أن تنفق 4 مليار دولار أمريكي و 1 مليار دولار أمريكي من فيسبوك وهكذا.

وارنرميديا على سبيل المثال أقنعت نتفليكس بدفع 100 مليون دولار أمريكي لكي تبقي علي مسلسل Friends في منصتها الرقمية لمدة عام واحد إضافي، ولكن كيفن ريلي المدير الجديد لقسم المحتوى في وارنرميديا ألمح بشدة في 11 فبراير الماضي أنه لن تكون هناك صفقة أخرى مماثلة في المستقبل وأضاف قائلًا: هذا ليس نموذج جيد لكي نشارك فيه، هذا ما قاله كيفن ريلي أمام الحضور في تجمع سنوي استضافته جمعية نقاد التلفزيون، مُضيفًا أن الخدمة الجديدة التي سوف يتم إطلاقها ولم يتم اختيار اسم لها سوف تنطلق ولديها حوالي 42 ألف ساعة من البرامج الحالية من نظام تيرنر للبث و دي سي كوميكس و شبكة سي دبليو التلفزيونية وشركة وارنر برذرز. ولكن المحتوى الأصلي لن يكون موجود إلا في وقت لاحق.

مثل وارنر ميديا وإن بي سي يو، لم تكشف ديزني عن سعر أو موعد إطلاق خدمتها للبث الرقمي، علي الرغم من أنها أعلنت اسمها وهو +Disney. ريتشارد جرينفيلد وهو محلل في BTIG يتوقع أن تنطلق +Disney في 1 أكتوبر القادم باشتراك قيمته 7 دولارات أمريكية شهريًا وسوف يشترك فيها 2 مليون مشترك بنهاية العام. ولكنه يرى أن ديزني تحتاج حوالي 7 ملايين مشترك لكي تحصل علي حوالي 500 مليون دولار أمريكي والتي لن تحصل عليها كل عام عن طريق ترخيص المحتوي لنتفليكس. يقول ريتشارد جرينفيلد: ” ما زال يزعجنا أن ديزني تريد أن تنافس نتفليكس والتي تمد ذراعها لأي من يدفع أكثر من أجل المحتوي الخاص بها”.

هناك أيضًا عدة عمليات تسويق باهظة يجب القيام بها، حيث أن 50% من الأمريكيين البالغين يعرفون القليل أو لا يعرفون أن +Disney سوف تنطلق قريبًا ونسبة أكبر لا يعرفون أن وارنرميديا – 55% – وإن بي سي يو – 53% – سوف يقوما بإطلاق خدمة بث رقمية قريبًا وذلك كما ظهرت نتيجة استطلاع رأي حديث قامت به مجلة هوليوود ريبورتر وشركة مورنينج كونسلت المتخصصة في أبحاث السوق. في المقابل17% فقط لم يسمعوا من قبل عن نتفليكس والتي لديها 58,5 مليون مشترك في أمريكا.
بالإضافة إلى ذلك، فإن الشركات الثلاث الكبرى التي تقوم بتطوير منصاتها، لديها منصة رقمية بالفعل: هولو والتي يديرها راندي فرير المدير التنفيذي لشركة هولو. عندما تقوما ديزني وفوكس بإكمال عملية الدمج الجزئي بينهما، سوف تسيطر ديزني على 60% من هولو بينما سوف تحتفظ إن بي سي يو بنسبة 30% وتمتلك وارنرميديا نسبة 10%. “من الأفضل أن يقوم مالكي هولو بترخيص المحتوى الخاص بهم” هذا ما يقوله مايكل باتشر المحلل في شركة ويدباش سيكوريتيز المتخصصة في الخدمات المالية، الذي أضاف قائلًا: “إنهم لا يحتاجون إلي بناء خدمة بث رقمية مستقلة خاصة لكل منهم، وأعتقد أن الحروب القادمة في مجال خدمات البث الرقمي سوف تكلف الجميع أموال”.

عندما أعلنت ليونزجيت إنترتاينمنت وهي شركة كندية لإنتاج الأفلام السينمائية عن أخر أرقام شبكة ستارز وهي شبكة كابل وشبكة تلفزيون فضائية أمريكية في 7 فبراير الماضي، فقد تكون كشفت تلك الأرقام كم هي مكلفة منافسة نتفليكس.

شبكة ستارز أنهت الربع الأخير بإضافة 1,1 مليون مشترك من العملاء التقليديين ليصل إجمالي عدد المشتركين إلي 25,1 مليون مشترك وذلك بسبب نمو قوي فوق المعتاد في عدد المشتركين كما قالت الشركة، وبينما حققت ستارز أرباح قيمتها 136 مليون دولار أمريكي، فإن الجزء الخاص بخدمة البث الرقمي خسر 1,4 مليار دولار أمريكي.

في الواقع، في أول 9 شهور من العام المالي لشركة ليونزجيت إنترتاينمنت خسرت خدمة البث الرقمية لشبكة ستارز 31,1 مليون دولار أمريكي وذلك مقارنة بأرباح قيمتها 346 مليون دولار أمريكي حققتها شبكة ستارز عن طريق اشتراكات الكابل.

وبالمثل, كشفت ديزني في يناير الماضي عن خسارة 1 مليار دولار أمريكي في العام المالي الأخير وذلك في مجال البث الرقمي – والذي يشمل ESPN+ والإنفاق المبكر علي +Disney والتكاليف المرتبطة بأصول BAMTech.

في حديثه إلي محللي وول ستريت في 5 فبراير الحالي، قال بوب إيجر الرئيس التنفيذي لشركة ديزني إن هدفه النهائي هو تقديم منتج واحد يشمل Disney+, Hulu, ESPN وقد اشترك 2 مليون مشترك في الشبكة الأخيرة منذ إطلاقها في 12 إبريل الماضي بإشتراك قيمته 5 دولارات أمريكية في الشهر. وأضاف بوب إيجر قائلًا: “نفس بطاقة الائتمان واسم المستخدم نفسه وكلمة المرور نفسها.. إذا أرادوا شراء الثلاثة، سوف نمنحهم تلك الفرصة ومن المحتمل أن يكون ذلك بسعر مخفض”.

نتفليكس تستجيب للمنافسة بالطبع وإلى الخسارة المحتملة للكثير من المحتوى المرخص لديها عن طريق ابتكار برامج حصرية وأفلام تصل قيمتها إلي حوالي 8 مليار دولار أمريكي في السنة. إن المنتظرين لخدمات البث الرقمية التي سوف يتم إطلاقها من ديزني ووارنرميديا وإن بي سي يو يلاحظون أن هؤلاء الثلاثة لديهم مكتبات ضخمة من الأفلام والمسلسلات والبرامج لبثها والكثير من المحتوى الجديد سوف يحصل على الأموال أولًا من شباك التذاكر وعبر التلفزيون التقليدي، لذلك فإن العائد من خدمة البث الرقمي سوف يكون أكثر جاذبية على المدى الطويل من خدمات بث تلك الشركات، وذلك بدلًا من ترخيصه إلي طرف ثالث.

كل ما يأمله الوافدون الجدد أن يدفع المستهلكون لأكثر من خدمة بث رقمي واحدة، وهذا ما يحدث في حوالي 43 مليون منزل في أمريكا كما يقول المحلل بروس ليتشمان: “المشتركين الذين لديهم أجهزة بث رقمية مستقلة سوف يخلقوا عائدات أكثر ولكنهم سوف يتأقلموا ويختبروا نماذج الأعمال، إن سيناريو إلغاء اشتراكهم في خدمات البث الرقمي المستقلة لديهم سوف تجعلهم كما هم اليوم، وهو ليس مكان سيئ ولكنه لن يسمح لهم بالبحث عن الفرص المستقبلية”.

المصدر

نرشح لك: مسؤول سابق في باراماونت بيكتشرز وفوكس: نتفليكس كسبت اللعبة

شاهد: يوم مش عادي في ضيافة الإعلامية رنا عرفة

نتفليكس