محمد عبد الرحمن يكتب: يحدث في برلين

نقلا عن مجلة صباح الخير

تبدأ بعد يومين الدورة التاسعة والستين لواحد من أهم مهرجانات العالم، مهرجان برلين السينمائي الدولي، أو “البرينالة” كما يطلق عليه الألمان وكذلك الكثير من محبي هذا المهرجان، وسط درجة حرارة تصل للصفر في بعض الأحيان، وتساقط للثلوج، وأمطار متقطعة، يشاهد محبو السينما أكثر من 400 فيلم عدد كبير منها عرض عالمي أول، ليستفيد برلين دائمًا من كونه ينطلق في فبراير ليكون أول المهرجانات الكبرى التي تعرض الأفلام في العام، يليه كان الفرنسي ثم فينسيا الإيطالي وغيرهم من المهرجانات التي تحولت منذ عقود إلى صناعة متكاملة تجني الأرباح وليست فقط فعالية ثقافية لا تهدف للربح.

وإذا حسبنا فقط عدد التذاكر التي تباع سنويًا والتي تتجاوز 300 ألف تذكرة بمتوسط يبدأ من 20 يورو يمكن أن نتخيل حجم الدخل الذي يحققه المهرجانات بجانب الرعاة الكبار الذين لا يتخلون عنه وكذلك الانتعاش الاقتصادي الذي تحققه الأحياء المجاورة لقصر المهرجان والفنادق التي ترفع لافتة كامل العدد حتى قبل نهاية العام المنصرم.

عندما تبدأ الدورة التي تنتهي يوم 17 من الشهر الجاري، بالتأكيد سيكون هناك الكثير من الملاحظات ورصد الظواهر، لكن لو أردنا التوقف عند المقدمات، فبالتأكيد يلفت الانتباه استمرار حرص المهرجان ورئيسه ديتر كوسليك على احترام المرأة، سواء بطرح قضايا تخصها وتشغل بال المجتمع بشكل عام كما حدث في الدورة الماضية التي سيطرت عليها حملات مواجهة التحرش ضد المرأة في الوسط السينمائي، وفي هذا العام يأتي الاهتمام فنيًا، حيث تشارك 7 أفلام بتوقيع مخرجات في المسابقة الرسمية من أصل 17 فيلمًا، كما أن فيلم الافتتاح “طيبة الغرباء” بتوقيع المخرجة الدنماركية لون شيرفيج، وكانت جائزة الدب الذهبي في الدورة السابقة مباشرة قد ذهبت للمخرجة الرومانية أدينا بينتيلي عن فيلمها “لا تلمسني”، ويدور فيلم “طيبة الغرباء” حول قصة أربعة أشخاص يعانون من أسوأ الأزمات في حياتهم، وهم يحاولون العيش في شتاء نيويورك، في أجواء من الحب والطيبة والضحك فيما بينها.

يضاف لما سبق أن رئيس لجنة التحكيم للمسابقة الدولية هذا العام هي الفنانة الفرنسية جولييت بينوش، وتعد بينوش من أهم الممثلات الفرنسيات في الثلاثين عامًا الأخيرة، تبلغ من العمر حاليًا 54 عامًا، حصلت على جائزة الأوسكار أفضل دور مساعد عن فيلم “المريض الإنجليزي” عام 1996، وفي عام 2000 قدمت فيلم “شيكولاتة” الذي رُشحت عنه لجائزة الأوسكار وفازت كأفضل ممثلة عن مهرجان الفيلم الأوروبي للمرة الثالثة، وقدمت ثلاثية الألوان للمخرج البولندي “كريستوف كيسلوفسكي” “أزرق” حازت على جائزة السيزار الفرنسية بالإضافة إلى ترشحها لجائزة الجولدن جلوب.

ومهرجان برلين، ككل المهرجانات الكبرى ليس فقط مساحة واسعة لعرض الأفلام عبر عشرات الشاشات وإنما يفتح سنويًا المجال أمام صناع السينما الباحثين عن الدعم للالتقاء مع المنتجين وعرض أفكارهم ومشروعاتهم وتم بالفعل الإعلان عن تفاصيل الدورة السادسة عشر لسوق الإنتاج المشترك بحضور 600 منتج وخبير تسويق الأفلام، بعد قبول 37 مشروعًا لعرضها على شركاء الإنتاج.

اللافت والمزعج في نفس الوقت هو غياب السينما العربية عن المسابقات الرسمية الكبرى، وهو أمر بات شبه متكرر في الدورات الأخيرة بل بات المشاركة العربية هي الاستثناء، والأفلام المشاركة في المهرجان لمخرجين عرب هي الفيلم العراقي القصير “موصل 980” عن محنة النساء الإيزيديات للمخرج علي محمد سعيد، والسوداني الوثائقي “خرطوم أوفسايد” لمروة زين، وفيلم “وردة” للمخرج اللبناني غسان سهلب، و”لقاء لم يذاع” للمخرج المصري محمد صلاح وهو فيلم وثائقي، يتناول الفيلم حياة “إبراهيم”، وهو رجل مصري يعاني من متلازمة النجاح، مثل معظم المصريين، ومع ذلك لا يملك أي قوة ليكتشف لماذا لم ولن يتم بث المقابلة أبدًا، إبراهيم يعمل نادل في مقهى مصري محلي، تم استضافته في برنامج، ومن خلال بعض اللقطات المختارة منه، يتم التعرف أكثر على إبراهيم وأرائه السياسية وكيف يتعامل مع المرأة والأطفال في حياته.

نرشح لك: لماذا ارتفع عدد مشتركي “نتفليكس” في 2018؟