محمود يوسف يكتب: ماسبيرو التريند الأعلى

على مدى أسبوعين قرات أكثر من مقال لكتاب وأصحاب رأي وصحفيين وأساتذة إعلام كلها تنتقد الإعلام أو أدائه أو أفراده أو سياسة الدولة، وآسف إن كنت سأختلف مع الجميع ليس حبا في الاختلاف ولكن لعلي أستطيع تغيير وجهة نظر بعض هؤلاء الكتاب فيما يخص الإعلام والصحافة من أحد أصغر أفراده العاملين في هذا الحقل لأكثر من 20 عاما ولديه بعض المعرفة الاقتصادية ويستطيع تحليل الأرقام اللي هي الأساس في الإعلام جنبا إلى جنب مع المهنية والشفافية والحيادية التي يجب أن تتميز بها وسائل الإعلام عموما.

في البداية يجب أن يعرف الجميع أن إعلاما بلا معايير أو رقابة أو نقابة لا يستقيم وأن أي شخص يتمكن من الخروج إلى الشاشة دون معايير كارثة، وهذا ما حدث منذ عام 2000 مع خروج القنوات الخاصة ومدينة الإنتاج الاعلامي.

الكل اهتم بالشكل دون المضمون فلا توجد دولة في العالم الرقابة على الاعلام فيها لهيئة الاستثمار التي تدير المنطقة الحرة الإعلامية وبدون نقابة، على مدى أكثر من 25 عاما. أين كنتم يا منظرين؟ هل الإعلام ليس مهنة ولها معايير ونقابات حول العالم تحاسب أعضاءها وتدافع عن حقوقهم ولها كل الصلاحيات فيما يخرج إلى الناس من إعلاميين وأداء إعلامي؟ لماذا أرى من يتحدث عن تطوير الإعلام وأداء ماسبيرو معظمهم من الصحفيين أو كتاب الرأي؟ إن النقابات مهمة لضبط الإيقاع في كل المهن.

نرشح لك: كيانات إعلامية وهمية.. آخرهم مهرجان “ميديا كوين”

كيف قبلتم ألا تساعدوا الإعلاميين على إنشاء نقابتهم؟ كيف يمكن أن تدير إعلاما يبحث عن نسب المشاهدة بدون محاسبة فيما يتعلق بالمواد المقدمة ويتم السماح بألفاظ وشتائم وإيحاءات وتلميحات جنسية وجن وعفاريت وفقرات وحكايات ومسابقات من أجل الأعلى ترافيك مع سقوط المحتوى بسبب عدم وجود رقابة أو صلاحية لأحد على المدينة الحرة إلا لوزارة الاستثمار؟ كيف سمحتم بالأساس أن تكون الرقابة والمحاسبة لوزارة الاستثمار؛ تعتمد فقط على المخالفات الإدارية ولا يحق لها التدخل فيما يعرض على الشاشة!! أين أنتم مما يقدم لأولادنا في الفضائيات؟

يجب ألا ينساق الكتاب والصحفيون إلى فكرة الترافيك الخاص بأن كل المشكلات تبدا من ماسبيرو -عدد العاملين والأموال والديون الخاصة بماسبيرو- لأنه ليست لدى الكثيرين ممن كتبوا في هذا الموضوع القدرة على تحليل الأرقام والمقارنة وهذا جزء من قلة الوعي بمجال مهم وهو الاقتصاد الذي هو أساس المشكلات الاجتماعية في مصر. وإليكم بعض المعلومات المهمة عن ماسبيرو ونظرائه من المؤسسات التي لا توجد ضمن الترافيك:

ديون ماسبيرو 32 مليار جنيه على مدى 30 عاما

ديون السكة الحديد 40 مليار جنيه على مدى 20 عاما

ديون المؤسسات الصحفية القومية 17 مليارا على مدى 20 عاما

ديون مصر للطيران 20 مليارا من 2011 و حتى الآن

وهناك مؤسسات أخرى يمكن أن تشرح الفكرة أيضا ولكن سأكتفي بالمعروف منها.

لن أقول إني أقارن لأكسب تعاطفا لماسبيرو لكن ستجد أن ماسبيرو هو الوحيد من بين المؤسسات الأربع الخاسرة المذكورة التي لا تحصل على مقابل خدمة (مثلbbc ) وبالتالي تدفع ميزانيته الدولة التي منعت حصوله على مقابل الخدمة، بينما في المقابل تحصل المؤسسات القومية على ثمن المطبوعة وتحصل السكة الحديد على ثمن التذكرة وتحصل مصر للطيران على ثمن التذكرة، وأعتقد أن الفكرة الحسابية وضحت ويجب غلق الحديث في هذا الموضوع على الأقل فيما يتعلق بالخسائر والعمالة، الخ.. من سيبحث سيجد أن هذه الأرقام الأقرب للدقة ومطابقة لأرقام حكومية معلنة.

ولست هنا لأنتقد زملائي الصحفيين بل لأدق جرس الإنذار لتبدأ الجماعة الصحفية والنقابة بعمل دراسة حول إذا ما قررت الدولة إنهاء عملية الطباعة الورقية للصحف وكيفية مساعدة المؤسسات والصحفيين العاملين بها في ظل اقتراب عمليات هيكلة، وأن تتركوا أبناء ماسبيرو يتجهزون لعملية هيكلة ستطال الجميع كما أغلقت مؤسسات وستغلق قنوات أخرى بعد أن خسرت الفضائيات الخاصة في عام واحد 4.7 مليار جنيه ونعم هذا الرقم صحيح رغم وجود الإعلانات والمواقع والفيديوهات لأن هناك عزوفا عن مشاهدة القنوات الفضائية من قبل المشاهدين واتجاههم إلى وسائل التواصل الاجتماعي.

ومرة أخرى أدعو الجميع إلى نسيان الخلافات الصغيرة وأن يتركوا الإعلاميين يبنون نقابتهم ويضعوا ميثاق شرف إعلامي وإجراءات رادعة وصلاحيات فيما يتعلق بضبط الأداء الاعلامي ووقتها سيكون لدينا كيانان يستطيعان التعاون معا من أجل ضبط إيقاع وسائل الإعلام عموما وحماية أعضاء المهنة أو أن تندمج النقابتان في كيان واحد وهذه وجهة نظري المتواضعة كون الإعلام القادم يعتمد على الصورة وهي أقرب لإعلام مرئي منه للمكتوب فبالتالي لابد أن يحدث تطوير في الفكر وسرعة في التنفيذ خاصة وأن المهنتين هما مهنة واحدة في أغلب دول العالم تحت لفظ (صحفي) سواء لمطبوعة صحفية أو محطة إذاعية أو تلفزيونية أو كما يحدث الآن كصحفي أو مراسل لبرنامج على اليوتيوب.

ويبقى أن إصلاح الإعلام سيأتي من ماسبيرو وليس من مؤسسات خاصة تم بناؤها لمصلحة مالكيها دون وجود إدارة محترفة وعدم فصل الملكية عن الإدارة وفرض اتجاهات إعلامية معينة بعيدا عن المهنية وألا يرى المتحدثون عن ماسبيرو وعن الإعلام ما حدث من إغلاق قنوات واستغناء عن عمالة بدأت عملها في القطاع الخاص مباشرة وعلى مدى 10 سنوات كاملة وتم الاستغناء عنهم دون حقوق ودون سقف نقابي وندرة في فرص العمل. وهناك أيضا من يتحدث عن أن الواسطة والمحسوبية هم الأساس في ماسبيرو ويكفي أن نقول أن هناك من الإعلاميين ممن يمجدهم القطاع الخاص دخلوا بالواسطة ومنهم من دخل ماسبيرو في البداية بالواسطة دون ذكر أسماء وللدلالة على فكرتي عليك أن تتابع أرقام مشاهدة قناة ماسبيرو زمان وبدون إعلانات أو تنويهات وستعرف أن ماسبيرو تم إضافته لمصلحة القنوات الخاصة التي في النهاية أفسدت التجربة الإعلامية وهو ما نعانيه الآن ونشكو منه لأنه كان ومازال وضعا خاطئا ولكننا تعودنا عليه ونحاول أن نلصق التهمة بماسبيرو. مهنة بلا معايير أو ضوابط ولا ميثاق شرف إعلامى تبقى بالبلدي “سويقة”.

وعليكم أن تسألوا أنفسكم، ماذا يقدم الإعلام الخاص للطفل المصري أو للمراهق المصري أو للشاب المصري، أو المعلومات الاقتصادية أو المشاريع الصغيرة اللي عايزه الدولة تشجعها؟ طب يعرف إيه الإعلام عن مشاكل المحافظات؟ ماذا قدم الإعلام الخاص في كشف حساب على مدى 18 عاما وكم قناة تم افتتاحها وصارت إلى الإغلاق وكم من الحقوق تم إهدارها لعاملين بالمهنة؟

قد يفهم البعض أن هذا المقال كله هو رد فعل للهجوم على ماسبيرو ولكنه للحق إعمال للمبادئ الإعلامية والمنطق في عرض الأمور فنيا وماليا حتى لا ينسينا الترافيك والبحث عن دور أن مهنة بلا قواعد لا مستقبل لها وألا يتم حصر مشكلة الإعلام في ماسبيرو، وأتمنى أن يتفهم الجميع أن ماسبيرو ستتم هيكلته وتم وضع المشروع النهائي للهيكلة وأن العاملين في وضع صعب في انتظار الهيكلة وليس الأمر في حاجة إلى تنظير؛ الهيكلة ستطال الجميع سواء بإغلاق صحف ومطبوعات أو قنوات تلفزيونية أو إذاعية عاجلا أم آجلا لأنه ليس هناك استعداد للاستمرار في تحقيق خسائر لأن صناعة الإعلام في الأساس صناعة خاسرة وليبدا كل العاملين في الصحافة والإعلام الاستعداد لهذه الموجة القادمة لا محالة وأن نتكاتف جميعا صحفيين وإعلاميين، على الأقل لتقليل الخسائر.

معلومة أخيرة وعلى صعيد الموظفين والعاملين في المبنى وحسب الإحصاءات؛ الأعلى أجرا في الجهات الحكومية هي التأمين والكهرباء، ولسنا كعاملين في ماسبيرو في المستويات الـ 5 الأولى الأعلى في الأجر الحكومي، كما أننا لسنا الأكثر عددا في القطاع الحكومي ولسنا أيضا على رأس القائمة، لكننا كماسبيرو، تريند أو شماعة للأخطاء والمقال بيعمل ترافيك!!!!!!!!؟؟؟؟؟؟؟؟

و أعتذر بشدة عن الإطالة..

شاهد: في يوم الشاي العالمـــي.. كيف أصبح الشاي جزءًا من حياة المصريين!