5 طرق تجذب القارئ لتفعيل الاشتراك في الصحف الإلكترونية

نرمين حلمي

تأثر المشهد الصحافي بالتطور التكنولوجي الذي يأتي بمستجداته، حتى صارت لدينا نسخ مستحدثة لتقنيات قديمة اعتادنا على التواصل من خلالها فقط، مثل احتلال المحتوى الرقمي لمكانة التلفزيون والسينما من خلال منصات تقديم محتوى الفيديو، فضلاً عن صدارة الصحف الإلكترونية ليوم القارئ مقارنة بالجريدة الورقية، نظرًا لسرعتها وتحديثها المستمر على مدار 24 ساعة وقربها من المستخدم في أي زمن ومكان.

ومع زيادة عدد مستخدمي الإنترنت، انقسمت الصحف الإلكترونية لجهتين، إحداهما تعد نسخًا إلكترونية لمؤسسات صحفية تصدر جرائد أسبوعية أو يومية، وثانيهما مواقع متخصصة في النشر الإلكتروني فقط، وفي كلتا الحالتين، تنافست المواقع من أجل جذب شريحة أكبر من القراء، إذ تبنت بناء شريحة كبيرة من القراء -“كمستهلكين دائمين” “Loyal Customers”، المتابعين لموقعهم بصفة مستمرة إلى جانب رواد الموقع الذي يمكن وصفهم “بالزائر الموسمي” الذي يتردد على الموقع ما بين الحين والاَخر.

اَليات نظم الاشتراكات في الصحافة العالمية.. تغير عادات المستهلك وثقافته.. تأثيرها على الصحافة العربية والمصرية.. عائدها المادي والثقافي.. عالم كبير يشهد على تحول مثير في المجال الصحفي، يزداد تطوره يومًا تلو الاَخر.. وهو ما يستعرضه “إعلام دوت أورج” خلال السطور التالية:

نرشح لك: “فيسبوك” يُتيح خدمة ”Today In” للأخبار المحلية في أكثر من 400 مدينة

-مواضيع حصرية

إذا كنت تحرص على شراء الجرائد الورقية بصفة يومية، فمما لا شك فيه أنك تدفع حوالي جنيهين يوميًا، مما يعادل 60 جنيهًا شهريًا، ولكن هذا سيمنحك الفرصة لقراءة الجريدة كاملة، بأخبارها وموضوعاتها التحليلية وقصصها الصحفية برمتها، دون تفضيل موضوع ما عن الاَخر.

ولكنك إذا نظرت حاليًا على صفحات بعض المواقع الإلكترونية الصحفية، مثل موقع “بيزنس إنسايدر” “Business Insider”، ستجد مواضيع كاملة، متوجة بمربع صغير لونه أزرق، ومكتوب عليه باللون الأبيض “BI PRIME“، في إشارة لوجوب اشتراكك في أي من أنظمة الاشتراكات بالموقع؛ سواء كان لمدة سنة أو سنتين أو شهرًا واحدًا فقط بـ 9.95 دولارات أمريكية، أي حوالي 170 جنيهًا مصريًا، من أجل الاستمتاع بقراءة الموضوع كاملاً.

ومتى ما فكرت في أن تبحث عما يشبه تلك المواضيع في أي من المواقع الأخرى، سوف لا تجد مثيلتها، بحسب ما تحرص تلك المواقع على تطبيق تلك الرسوم على المواضيع الحصرية المكتوبة بصفة خاصة على موقعهم الإلكتروني فقط، والتي قد تشمل تحقيقات استقصائية أو مواضيع تحليلية تختص بمواضيع شائكة ومهمة.

 

-تبرعات 

وبالتوجه للنظر في حال بعض الصحف الورقية المطبوعة، سنجد أن بعضها يعاني من سوء التكلفة وعدم استطاعتهن الموازنة بين عدد المطبوعات وبيعها وتوزيعها وبين تكلفة الطباعة وارتفاع أسعار الورق، ولكن الصحافة الإلكترونية استطاعت أن تواجه صعوبة التمويل والإيرادات بدفع القارئ للاشتراك في تلك الأحداث أيضًا.

وعلى سبيل المثال وليس الحصر، ما يقوم به موقع “Buzzfeed” وموقع “الجارديان” “The Guardian” واللذان يطلبان من زوار الموقع، أن يتعاونوا معهم بالتبرع من أجل تقديم خدمة أفضل في المحتوى الإخباري المقدم،  فيوجد خانة في الموقع الإخباري الخاص بـ  Buzzfeed مسماه بـ “ادعمنا” “Support Us” والتي تنقلك لصفحة تطلب منك التبرع من خلال الاشتراك الشهري، بباقات مختلفة قد تتيح إحداهما إرسال رسائل بريدية إليك.

أما الثاني فيطلب التبرع  من خلال مربع صغير، يوجد في نهاية كل خبر أو تحقيق صحفي أو مقال منشور على الموقع؛ يدعو القراء إلى التبرع بأي مبلغ، بداية من دولار واحد، لمساعدة الموقع من أجل تقديم تغطية إخبارية وصحفية متميزة في المستقبل.

وأفادت تقارير صحفية نشرت من قبل، أن صحيفة “الجارديان-  The Guardian”، حققت 130 مليون دولار مِن عائدات القارئ، في الفترة مِن إبريل 2016 إلى مارس 2017، وهو الأمر الذي حسّن من أوضاع الصحيفة المالية.

 -استمرارية الدفع

لم يقف طلب الخدمة مدفوعة الأجر للصحف الإلكترونية عند حد التبرعات أو دفع مبالغ محددة مقابل مواضيع حصرية، بل باتت المواقع تتنافس من أجل زيادة المتابعة من شريحة أكبر من الجمهور، عن طريق إرسال “نيوزليتر” للمشتركين بأهم الأخبار والمواضيع اليومية، على أن يتم ذلك مقابل رسوم شهرية أو سنوية يدفعها المشتركين.

“الجارديان” والعديد من مواقع الصحف الأجنبية الإلكترونية، سارت على هذا النهج أيضًا، حيث تقدم تلك المواقع عروض مختلفة من أجل جذب الجمهور للاشتراك، ولكن يوجد أيضًا بعض المواقع التي تطبق الحد على عدد المقالات المتاحة للقراءة مجانًا عبر الموقع الإلكتروني، مثل صحيفة “واشنطن بوست” والتي تستقبلك برسالة تنبهك بوجوب الاشتراك من أجل قراءة القصة الصحفية التي اخترتها أو لقراءة أي قصة أخرى، بعد نفاد فرصك لقراءة عدد الموضوعات المجانية المسموحة لك، موضحة رسوم الاشتراك دولارًا أمريكيًا للتجربة لمدة شهر واحد فقط، ومن ثم الاختيار من باقات العروض الأخرى.

وانطلاقًا من المبدأ ذاته، اتجهت بعض المواقع الأخرى، مثل اَخر العروض الحالية لأحد أكبر الصحف الأمريكية “نيويورك تايمز” الشهيرة بطلب الاشتراكات، من أجل قراءة جميع الموضوعات، والتي تتيح أن يدفع المشترك دولارًا أمريكيًا واحدًا في الأسبوع، مع منح الموقع بجانب الخدمة الإخبارية، خدمة لعبة الكلمات المتقاطعة وبعض النصائح المتخصصة في الطبخ ووصفات الأكل، للمشتركين أيضًا كعرض خاص، وهو الأمر الذي ينتهجه الموقع من أجل تشجيع القراء على الاشتراك  أيضًا.

-عروض متجددة

وتحرص “نيويورك تايمز”  على تجديد عروضها ما بين الحين والاَخر، فيذكر أنها قدمت عرضًا سابقًا لزوار سلسلة مقاهي “ستاربكس” Starbucks” في أمريكا، تشمل إمكانية قراءة 15 مقالاّ بالمجان من محتوياتها يوميًا، وهو الأمر الذي نفذته إدارة “ستاربكس” أيضًا بعروض مختلفة مع مواقع صحفية أجنبية أخرى، مثل موقع “وول ستريت جورنال” منذ عدة سنوات ماضية.

وفي هذا الإطار، يمكن الجزم بأن الصحافة الإلكترونية الغربية أو الأجنبية هي مَن كان لها السبق في تطبيق ذلك، حيث بدأت “نيويورك تايمز” في تطبيق خدمة الصحافة المدفوعة فيما يقرب من 7 سنوات حتى الاَن، وعلى غرار تلك الخطى الناجحة، قامت بعض الصحف العربية باتخاذ خطوات مشابه، مثل الموقع الصحفي الإلكتروني لجريدة “المقال” المصرية والتي كانت طبقت فرض بعض الرسوم والاشتراكات على محتواها التحليلي ولكنها تعرضت لبعض العقبات الاقتصادية والمتعلقة بالثقافة الاجتماعية، التي حالت دون نجاح تلك الإستراتيجية الإلكترونية الجديدة.

وتلاها مؤخرًا مواكبة جريدة “النهار” اللبنانية للتجربة العالمية المدفوعة على محتواها الإلكتروني، والمشهورة عالميًا بـ “جدار الدفع” Paywalls”؛ بتخصيص مواد من محتواها الصحفي الإلكتروني، حيث إنها تطلب 6 دولارات عن الاشتراك الشهري، مع إتاحة الاشتراك مقابل دولار واحد في الشهر الأول كنوع من تشجيع القرّاء على الاشتراك، في حين تبلغ قيمة الاشتراك السنوي 60 دولارًا، و33 دولارًا لنصف سنوي.

 

-الهروب من المعلومات الزائفة 

أخيرًا وليس اَخرًا، مفردات الصحافة تتغير وفقًا للتكنولوجيا الحديثة؛ بدلاً من الاعتماد الكلي على الاستثمار الإعلامي على الإعلانات، بات الاستثمار الإعلامي على الاشتراكات يشكل حيزًا كبيرًا في الهيكلة الإدارية الخاصة بالمؤسسات الصحفية، وبالتبعية تتغير معها عادات الاستهلاك وطبائعه.

وفي ظل انتشار المعلومات غير الموثقة والأخبار الزائفة عبر الإنترنت، لاسيما مواقع السوشيال ميديا، والتي ساعدت على تداولها بشكل سريع وعلى نطاق واسع، صار لفوائد نهج الصحافة الإلكترونية المدفوعة سبيلان: إحداهما لزيادة عائدات الجريدة والتغلب على المشكلة الاقتصادية، وثانيهما لضمان جودة المعلومات المنشورة عبر قصصهم الصحفية الحصرية.

نجاح تجربة الصحافة الإلكترونية المدفوعة ينقسم بين أهمية تقديم محتوى فريد، وتوجهات الجمهور وذائقته؛ فهل سيرغب قارئ الصحف المصرية في الدفع أيضًا مقابل خدمة محتوى الصحافة الجيدة مثلما اعتاد على ذلك قارئ الصحف الأجنبية؟

“Buzzeff” تطلق الجيل الجديد من الإعلانات لحماية المعلنين

شاهد: تظاهرات السترات الصفراء.. ما هي وكيف بدأت؟