دعوة هند رستم لابنتها بسنت: ربنا ما يحوج إيدك اليمين لإيدك الشمال

أمنية الغنام

تناولت تاريخها الفني العديد من الأقلام، وحلّل أدوارها الكثير من النقاد، وأطلق عليها الجمهور ما يُميزها من الألقاب، ومع ذلك يكفي فقط أن تذكر اسمها هند رستم، حتى تشعر أنك وبضمير “مستريح” أمام أيقونة السينما المصرية والعربية بلا منازع فهي “هنومة” في فيلم باب الحديد ليوسف شاهين و”هُدى” في فيلم الراهبة لحسن الإمام.

ولأن شهر نوڤمبر هو شهر ميلادها، أراد “إعلام دوت أورج” الاحتفاء به بشكل مختلف بشكل يعكس الجانب الخاص في علاقة الأم هند رستم بابنتها بسنت رضا، دون التطرق لتفاصيل احترافها الفن أو أعمالها الفنية أو المخرجين الذين أثروا على مسيرتها الفنية .. بل حوار يغلب عليه الطابع الإنساني .. ومن ثم كان تحديد موعد للقاء في منزل الابنة بسنت رضا التي استقبلتنا بحفاوة بالغة ودار الحوار حول ذكرياتها عن والدتها.. وكانت تلك أبرز تصريحاتها:

نشأت هند رستم في زمن كان الاحترام والالتزام في الفن هو الأمر السائد، وكان تقدّيس المواعيد والتأدب في التعامل مع الزملاء خاصة النجوم والعمالقة منهم هي السمة الغالبة لذلك عندما أخذت قرارها بالاعتزال في بداية السبعينات كان قرارًا نهائيًا لأنها لم تستطع أن تتكيف مع المناخ العام الذي ساد الساحة الفنية في تلك الفترة، ودون ذكر أسماء فإنها لم تتحمل في أحد الأعمال أن تنتظر حضور ممثل أو ممثلة للاستوديو مدة ٤ أو ٥ ساعات؛ وقالت “أنا منزلش من بيتي وأبهدل نفسي”، مثلًا كانت لا تجرؤ على الجلوس عاقدة ساقيها أمام الكبير حسين رياض أو أن تتحدث له دون استخدام لفظ حضرتك أو الأستاذ؛ فطيلة عملها منذ الخمسينات وحتى السبعينات كان هذا الأسلوب الذي اعتادته، لذلك آثرت الابتعاد وكان لديها بعد نظر عند اعتزالها حيث رأت أن مجال السينما أصبح في هبوط مع انتشار أفلام المقاولات.

نرشح لك: قال لها “اجلسي في بيتك”.. ماذا فعلت هند رستم مع هذا الصحفي؟

ومع ذلك كانت ترى أنها فترة بدأ يظهر فيها مجموعة من الفنانين بقوة مثل الفنان حسين فهمي الذي توقعت له مستقبل في السينما، نور الشريف ومحمود ياسين، لكن أكثر فنان اعتبرته ممثلًا مميزًا هو الفنان محمود عبد العزيز، وبالنسبة للممثلات الفنانة نجلاء فتحي.

عاصرت والدتي حقب سياسية مختلفة وجاء شعورها بالاختلاف كبيرًا فيما بين الملكية والناصرية، كان يزعجها تغير الكثير من الأشياء وأسلوب ونمط الحياة حتى الشعب نفسه اختلف، وبما أنها رحلت في أغسطس ٢٠١١ أي بعد ثورة يناير بحوالي ٧ أشهر، كان عندها نوع من القلق والخوف ويشغل بالها “إحنا رايحين فين” وكثيرًا ما كانت تردد “الحمد لله أننا في بيوتنا في أمان”.

رغم أن والدي هو المخرج حسن رضا وكثيرًا ما اصطحبني معه للاستوديو للمونتاج أو قراءة السيناريوهات، وبرغم ذهابي مع والدتي وهي في التصوير ٧ أو ٨ ساعات دون توقف، وحبي لمجال الفن إلا أنني لم أقوى على العمل فيه، فالتمثيل صعب جدًا وليس له مواعيد ويحتاج للتنقل والسفر لفترات، بالإضافة لأنني لم أشعر بامتلاك الموهبة الكافية لدخول هذا المجال.

صورة هند رستم مع والدتها في اسكندرية

أنا أعشق الرسم وجميع من كان معي بالمدرسة كانوا على قناعة أن مجالي الحقيقي بدخول كلية الفنون الجميلة، وأذكر عندما كنت في الثانوية العامة واستعد للذهاب لامتحانات القدرات فيها، فوجئت بوالدتي تغلق باب الشقة بالمفتاح وتمنعني من النزول قائلةً “خلّصي شهادتك وبعدين ادرسي أي حاجة تانية مرتبطة بالفن، الفن في مصر ليس كالفن في الخارج، ما بيأكلش عيش”؛ لذلك التحقت بكلية التجارة وعملت بعد ذلك في مجال البنوك وظلت هوايتي الدائمة هي الرسم.

لم تشعر والدتي يومًا بعد اعتزالها بأيّ نوع من الفراغ أو الوحدة لأنني كنت وقتها مخطوبة فانشغلت بي وبالاستعداد للحياة الجديدة المقبلة عليها وبعد إنجابي لابني الوحيد محمد أو ” ميدو” كما كانت تسميه كان بالنسبة لها أحلى تعويض عن أيّ إحساس راودها بفقدان عملها بالسينما.

كانت زوجة وأم من طراز خاص تنشغل دائماً ببيتها وزوجها وكل ما يخصه، وكانت تعشق الكلاب وتمتلك منهم حوالي ٢٠، وكان عندها كمية كبيرة من الزرع تعتني به، ومن طقوسها الالتقاء بزوجات الأطباء من أصدقاء زوجها د. محمد فياض كل ١٥ يومًا في منزل إحداهن وكانت ترحب بأيّ شخص يتصل بها أو يأتي لزيارتها من الوسط الفني لكنها لم يكن لها في الزيارات الفنية حتى أيام عملها بالسينما.

لأنها كسولة لم تقدّم أيّ عمل إذاعي أو تلفزيوني أو حتى مسرحي، وأذكر هنا أن مسرحية “مدرسة المشاغبين” كانت مكتوبة في الأساس لها هي لتقوم ببطولتها لكنها ترددت في أخر الأمر قائلة: “مقدرش أقف قدام التلاتة دول.. هياكلوني”، تقصد عادل إمام وسعيد صالح وحسن مصطفى، كانت قلقة من خروجهم عن النص فلا تستطيع مجاراتهم، كما أن العمل بالمسرح قد يستمر لسنوات وبشكل يومي، وبعد اعتذارها ذهب الدور للفنانة سهير البابلي التي حرصت والدتي على حضور المسرحية لها واتصلت بها بعد ذلك وأخبرتها كم كانت موفقة وممتازة في أدائها.

ندمت أمي لأنها لم تقدّم أيّ عمل أو مسلسل للتلفزيون المصري بالرغم أنه عُرض عليها العديد من السيناريوهات وبمبالغ كبيرة جدًا لكنها كانت تحب السينما أكثر ودائمًا ما كانت تفضلها.

هند رستم وأسرتها

كانت إنسانة بكل ما تحمل الكلمة من معنى ولأقصى الحدود، كانت ضعيفة أمام المحتاج وبطبيعتها حنونة وخيرة دون التباهي بذلك، فمثلًا عندما كنا نسكن الزمالك كان كل من في المنطقة سواء حارس عقار أو مكوجي… إلخ، تواجهه مشكلة ما يعلم أنها ستُحل بمجرد ذهابه لمدام هند؛ أذكر المكوجي الخاص بنا قد أتى لها يومًا وأخبرها أن هناك من توفى ولا يوجد المال لإجراءات الدفن والجنازة فلم تتردد وفورًا أعطته مبلغ من المال، وبحكم وجود مسكننا أمام النيل كنا نشهد تعرض أحد الأشخاص للغرق وبشكل متكرر، كانت تذهب مسرعة لإحضار ملاءة سرير وتطلب من الواقفين تغطيته.

والدتي كانت طباخة “شاطرة” خاصة في طهي” فتة الكوارع والحمام” ومع ذلك كانت تمنعني تمامًا من دخول المطبخ فما الداعي وهناك الطباخ والسفرجي.. إلا أنه مع زواجي وسفري مع زوجي للسعودية وكان الوقت ضيق في أن أتعلم الطهي قامت بتسجيل شرائط كاسيت بصوتها فيها وصفات الطعام ـ بخلاف المحاشي طبعًا- من المقادير وطريقة العمل وإرسالها ليّ مع أيّ شخص قادم للسعودية، وللأسف ضاعت هذه الشرائط أثناء انتقالنا من منزل لأخر، كانت تأكل كميات صغيرة ومع ذلك لا تستطيع مقاومة الكحك ولذلك كان ممنوع دخوله نهائيًا للبيت.

هند رستم وأسرتها

كان من غير اللائق أن تتجاوز فنانة في حق زميلتها أو تعيب فيها خاصة على صفحات الجرائد لكن دائمًا ما كانت هناك الغيرة الفنية للأحسن خاصة أن كل نجمة كان لها ٢ أو ٣ أفلام في السنة لذلك كان هناك بعض التوتر في مرحلة ما بين هند رستم وتحية كاريوكا ظنّاً من كاريوكا أن هند بدأت تأخذ نفس خطها الذي عُرفت به من خلال فيلم “سمارة”.

يعود السر لعشق والدتي للتحف و”الأنتيك” لنشأتها وسط عائلة غنية أرستقراطية ذو جذور تركية، فألفت عيناها وجود التحف في أركان المنزل، زاد من ذلك العشق عملها وسط الاستوديوهات والديكورات المجهزة بأثاث راقي وفخم، نتج عن ذلك هواية حضور المزادات لاقتناء كل ما هو ثمين ومميز من التحف؛ سعت مثلًا بعد الإعلان عن بيع أحد القصور في منطقة جاردن سيتي للذهاب هناك وشراء كل ما يلفت نظرها من تحف.

أذكر في إحدى المزادات وكنت حاضرة معها أن كانت هناك “ترابيزة” تحفة، دخل أمامها السفير التونسي للحصول عليها لكنها ولأنها معروفة باسم “هند رستم” -كما أسماها المخرج حسن الإمام- وليست عند “رستم”؛ أصرت على الحصول عليها وبالفعل كانت “الترابيزة” من نصيبها ورسى عليها المزاد.

كانت تحلم وتتمنى القيام بدور “مريم المجدلية”، وهناك العديد من الأفلام التي كان من المفترض أن تقوم ببطولتها لكنها ذهبت لفنانة أخرى؛ ففيلم “النظارة السوداء” كانت قد اتفقت بالفعل على شراء قصته من الكاتب إحسان عبد القدوس لكن لسبب ما لم يحدث ذلك وقامت ببطولته الفنانة نادية لطفي، فيلم “المرأة المجهولة” كان لها في الأساس وقامت بالفعل في عمل وتجهيز الماكياج والملابس الخاصة به لكنها تركته لتقوم ببطولته الفنانة شادية، وبالمناسبة كانت والدتي تحب شادية جدًا لأنها فنانة جميلة من داخلها؛ ولا أنسى يومًا كنت مع والدتي نشاهد فيلمها المُذاع على إحدى القنوات “إمرأة على الهامش” وبعد انتهاء الفيلم فوجئنا بجرس الهاتف يرن وكان الوقت متأخرًا وكانت المتصلة الفنانة شادية التي قالت لوالدتي” خلّتيني أعيط يا هند”.

كانت حريصة عندما تجد ممثل أو ممثلة أجادوا أداء أدوارهم بشكل ملفت تقوم بالاتصال بهم، اتصلت مرة بالفنانة فيفي عبده بعد أدائها في مسلسل “الحقيقة والسراب” وقالت لها “كنتي أكثر من ممتازة”؛ كما قامت بالبحث عن رقم هاتف الفنانة ماجدة زكي واتصلت بها لتعبر لها عن إعجابها بأدائها في مسلسل “عباس الأبيض في اليوم الأسود”، خاصة في أحد المشاهد التي جمعتها بابنتها في المسلسل، وعندما شاهدت الفنانة نيللي كريم في فيلم “إنت عمري” قالت: “البنت دي هتكون ممثلة درجة أولى”.

الفنان عادل إمام هو الفنان التي كانت حريصة جدًا على النزول له ومتابعة أعماله سواء في السينما أو المسرح، كما حضرت عروض مسرحيات فؤاد المهندس وشويكار.

أنا ووالدتي مختلفين تمامًا على الرغم أنني وحيدة مثلها ولنا أخوة غير أشقاء إلا أن دراستي في المدرسة الألمانية جعلتني أرى الدنيا بمنطق (١+١=٢)، أرى أن الغلط غلط والصح صح ومن أخطأ عليه أن يُعافب لكنها كانت طيبة ومن الحنان أن تبرر دائمًا.. بكلمات مثل “حرام ، غلبان، عنده عيال”، كانت مسرفة جدًا وأنا أنفق بحرص وحساب للدرجة التي كانت هي وإبني محمد يطلقون عليّ اسم ” دانيال”-هو اسم يهودي عبري- فابني نسخة منها ومن صفاتها، وكانت تقول لي “غلطة عمري إني دخلتك المدرسة الألماني”.

كانت تحب الألماس ولا تحب اللؤلؤ أبدًا لأنه لا يليق عليها عكسي تمامًا، وفي مرة من المرات عند ذهابنا للصائغ لتشتري شيئًا لها عرض عليها عقد من اللؤلؤ يتوسطه قلب فأبديت إعجابي الشديد به، فاشترته إرضاءً لي وارتدته ربما مرة أو مرتين فقط.

اختارت لي اسم بسنت وهو اسم تركي على اسم جارتها وصديقتها في العمارة قبل أن تتزوج وتشاء الأقدار ويكون ابن بسنت نفسها زميلي في الجامعة، كان يوم السبت بالنسبة لها هو يوم تجمع الأسرة بالكامل، ومازلت ملتزمة بذلك حيث أذهب لزيارة ابني وأحفادي.

سافرت والدتي معظم دول العالم لكن تبقى لباريس مكانة خاصة عندها تحمل لها الكثير من الذكريات وفي بداية مشوارها السينمائي ونتيجة لحادثة بسيطة تركت علامة أعلى جفن عينيها، سافرت إلى هناك وأجرت جراحة تجميلية.

ما زلت محتفظة بجميع فساتينها ولا أمانع أبدًا في أن تتولى جهة ما فكرة وجود متحف لمُقتنياتها، بل لقد طلبت مني إحدى منظمات المرأة في مناسبة أقيمت بالجامعة الأمريكية عرض تلك الفساتين ووافقت ولاقت ترحيبًا كبيرًا حتى أن هذه المنظمة طلبت سفر تلك الفساتين لعرضها بلبنان والأردن وتم ذلك فعلًا، ولاقت نجاحًا منقطع النظير، وكل ما هو موجود في منزلي حاليًا من أثاث وتحف وقطع ديكور هي جميعها لوالدتي.

لم تحب والدتي يومًا اللقب الذي أطلقه عليها مفيد فوزي “ملكة الإغراء” وليس معنى أن الدور يتطلب شكل الأنثى وبدلع أنها وصلت لحد الإغراء، كانت تنزعج جداً من هذا اللقب وأفضل وأجمل لقب عندها هو “مدام فيّاض”.

بعد وفاة زوجها د. فياض في ٢٠٠٩ دخلت في حالة اكتئاب شديد وكانت قد أجرت من قبل عملية بالقلب ونتيجة الحزن والحالة النفسية التي مرت بها عادت شرايينها للانسداد مرة أخرى وفقدت الرغبة في الحياة، فقد عاشا معًا طيلة ٥٠ عامًا كان فيها نعم الزوج والأب لابنتها، رحلت هي بعده بعامين فقط في 2011 كانت تحب الاستماع في تلك الفترة لأغاني الفنانة وردة وتبكي بشدة وتتأثر بكلماتها.

في سنواتها الأخيرة وخاصة فترة مرضها كانت كثيرة الدعاء ليّ بشكل مبالغ وكنت أندهش لذلك، فرعايتها واجبي الطبيعي تجاهها لكنها كانت تقول “بكرة هتعرفي قيمة الدعاء ده” وكانت دعوتها الدائمة ليّ “ربنا ما يحوج إيدك اليمين لإيدك الشمال”.

أرادت مرةً أن تشكرني على خدمتي ورعايتي لها وهي تقول لي “أنا مكسوفة منك” اطلبي مني هدية وأخبرتها برغبتي في الحصول على “لاب توب” وبالفعل أهدتني واحدًا ما زال لدي حتى الآن وأعمل عليه ولا يمكن أن أفرّط فيه.

كانت تحرص على إجراء الفحوصات الطبية الشاملة بشكل دوري، قبل الوفاة بأسبوع كانت تتمنى السفر لباريس وبالفعل كانت صحتها جيدة جدًا حتى أن طبيبها صرح لها بالسفر وبدأت بالفعل في تجهيز الإجراءات وكان شهر رمضان على الأبواب وقررنا السفر في عيد الفطر، وأذكر أن الفنانة إلهام شاهين اتصلت بها تليفونيًا أول يوم رمضان- والدتي توفت ٨ رمضان- وعبرت لها عن رغبتها في أن تعزمها لتفطر معها يومًا في منزلها والعجيب والغريب أن وافقت والدتي وكانت هذه سابقة لأنها لم تعتد زيارة أحد لكن أهلًا وسهلًا بأي ضيف يزورها.

والد هند رستم الضابط بصحبة شقيقها الذي استشهد في حرب 1967

ومع صحتها الجيدة والاستعداد للسفر فوجئت بها تطلب مني الذهاب للمدافن الخاصة بجدها لوالدها وتجهيزها وأخذت توصيني ببعض الأمور عن ابني محمد وأولاده آدم وزياد، كما أوصتني بشدة عن صديقة عمرها المقيمة في الأسكندرية وأنا أتعجب لذلك فليس هناك أي علامات لتعب أو مرض لكنها أصرت بشدة لتجهيز المدفن، وجاء يوم الخميس مساءً حيث داهمها سعال قوي يضر بعملية القلب التي أجرتها وهاتفت طبيبها ودخلت المستشفى صباح اليوم التالي وكانت بحالة جيدة حتى أنها كانت تضحك معي ومع صديقتها ونحن نتابع إحدى المسلسلات.

ظلت بحالة جيدة حتى ظهر يوم السبت، فوجئنا بضرورة عمل غسيل كُلوي لها دخلت من بعده في غيبوبة فتذكرت رغبتها في تجهيز المدفن وتركتها صباح يوم الأحد، وتوجهت هناك ووجدت المدفن قد تحول لمخزن من الأخشاب والأسمنت فطلبت من المسئول سرعة تجهيزه في ٢٤ ساعة لأن هناك حالة وفاة؛ ولم أبكي أو تدمع عيناي ولم تكن والدتي قد توفيت بعد بل حدثت الوفاة في نفس اليوم الأحد بعد المغرب قرب الساعة ٧، وفي اليوم التالي كان كل شيء معد وجاهز وقمت بالمشاركة في غُسلها وكانت تحب السيدة نفيسة فصلينا عليها هناك وبالمصادفة كانت هناك ٦ جنازات أخرى فكان المسجد ممتلأ على آخره.

بعد رحيلها بعدة أشهر لم أتحمل البقاء في منزلها بالزمالك حيث كنا نقيم معها فانتقلت لمنزل أخر وتقريبًا لا أتوقف عن البكاء مع كل ذكرى لي معها منذ وفاتها من ٧ سنوات، لا أحب عيد الأم، ولا أسمع إطلاقًا أغنية ست الحبايب للفنانة فايزة أحمد من شدة تأثيرها عليّ، وأتمنى أن يُرزق ابني ببنوتة لأقوم بتسميتها هند.

كثيرًا ما أراها في المنام حتى أنني رأيتها مرة ترتب لي بعض الأوراق وتطلب مني ألا أخاف أو أقلق، وكنت أواجه وقتها بعض قضايا الأملاك في المحاكم وبالفعل حكم فيها لصالحي.

شاهد: لمحات من حياة الفنان الراحل ممدوح عبد العليم في ذكرى ميلاده..