محمود يوسف: ماسبيرو وأهداف الهيكلة

ترددت كثيراً قبل أن أكتب هذا المقال لأنني من المقتنعين بإصلاح مبنى التلفزيون ولكن لأن الهيكلة حسب ما تواتر في وسائل الإعلام انحرفت عن مسارها بشكل كبير، ولأن الهدف الأساسي من الهيكلة (الحكومية) هو تقليل التبعات المالية، وأهدافي تنطوي على إصلاح إداري لهيكل العمل وليس الأمور المالية مما جعلني أكتب هذا المقال وسأبدأ ببعض الحقائق المهمة فيما حدث للمبنى بعد ثورة 25 يناير.

 
1- ارتفعت أجور العاملين في المبنى بل إنها تضاعفت وجاءت لتزيد من الأعباء المالية للمبنى (وظيفياً) وأثر ذلك على حجم الأموال الموجهة للتطوير وشراء معدات وأجهزة جديدة بعد أن ارتفعت فاتورة المرتبات.
2- البعض من العاملين في التلفزيون أصروا على مساواة الإداريين بالبرامجيين (معدين – محررين – مخرجين – مصورين – مذيعين …. الخ من الوظائف الفنية) في اللائحة المالية وهذا خطأ فادح لأن هناك فرق بين طبيعة عمل الاثنين وأيضاً لأن المبنى على عكس كل المعروف في المجال الإعلامي قد يزيد دخل الإداريين فيه عن البرامجيين وهذا من ضمن الأخطاء الفادحة مالياً.
3- ترغب الدولة في تقليل العبء المالي الملقى على عاتقها بسبب ماسبيرو وهذا حقها ولذلك كانت أفكار الهيكلة، والتي تعود أولى خطواتها إلى ما قبل الثورة، ولكن فلسفة التطوير تغيب عن الجميع والكل يتخوف فقط من التأثير المالي عليهم في حالة الهيكلة وهذا حقهم وموقفهم مفهوم.

 
وطبقاً لتصريحات وزير التخطيط فإن التلفزيون المصري لا يستطيع إلا تدبير 80 % فقط من أجور عامليه، ولكن السؤال هنا ألا يكفي تطبيق قانون الخدمة المدنية على المبنى لحدوث ذلك، فطبقاً للقانون ستلغى في المبنى وظائف أو ما يسمى كادرات مالية مثل عدد من رؤساء القطاعات وعدد من مديري الإدارات المركزية ونواب رئيس القطاع طبقاً لذلك بعد أن يتم تقليص القطاعات إلى أربعة أو خمسة قطاعات وفقاً لما تم إعلانه بالإضافة إلى خدمات أخرى ووظائف مبنية على وجود هذه الكادرات الوظيفية، كما أنه طبقاً لقانون الخدمة المدنية فسيتم فتح الباب أمام المعاش المبكر لمن وصلوا لسن الخمسين مما سيقلل من عدد العمالة بشكل معقول وكل ما يحتاجه الأمر هو عمل مدخل خاص للإدارة الطبية للعاملين المحالين للمعاش ممن يحتاجون إلى خدمات الرعاية الطبية.

 
أما فكرة الشركات المزمعة فإنها يجب أن يتم بنائها على أساس اقتصادي ويكون لها رأس مال خاص ويتم تقييم الأصول وإلغاء الديون على كل شركة سيتم إنشائها، والأفضل أن يتم عمل شركة واحدة فقط بها قناة للأخبار والمنوعات والرياضة والدراما وإذاعات تابعة في تنسيق إداري خاص بها وضمن حزمة واحدة (باقة) لتستطيع المنافسة، وأعتقد أن هذه الاقتراحات تم تقديمها ولكني أقوم بتجميعها ضمن مقال واحد مضافاً إليه بعض الرسائل الخاصة لجميع من هم يقومون بإدارة ملف الهيكلة وهي كالآتي:-

 
وزارة التخطيط:-
قانون الخدمة المدنية قانون سليم وتأخر كثيراً وكان لا بد له أن يطبق عندما قامت الدولة برفع الأجور بعد الثورة ولا يتأخر كل هذه المدة والتي أدت إلى استمرار تراخي الجهاز الإداري رغم زيادة المرتبات، وأيضاً ليس خطأ موظف الدولة ضعف نواحي التدريب والتطوير وأن ذلك هو خطأ الدولة و ليس الموظف لأنه لا يوجد موظف في العالم يكون محباً لعمليات التدريب بعد توظيفه، وأيضاً الاجتماعات التي يتم عقدها مع العاملين في التلفزيون لمناقشة خطط التطوير تتم مع القيادات (مع احترامي لكل القيادات) مع أن هؤلاء القيادات من الممكن في أي لحظة أن يتقدموا لعمل معاش مبكر بدءاً من سن الـ50 طبقاً لقانون الخدمة المدنية الجديد ولذلك يجب أن تتم اجتماعات مع شباب الإعلاميين والعاملين بالمبنى والإدارة الوسطى ممن لا تزيد أعمارهم عن 45 عاماً لتحقيق التطوير الإداري المطلوب .

 
زملائي في المبنى:-
بدون زعل أعرف أن الظروف غير مواتية للتطوير وأن هناك شبه موافقة على الوضع الحالي في المبنى كما هو ولكن عندما ننظر بعين فاحصة هناك الكثير ممن كانوا يعولون على وجود القنوات الخاصة وعلى مرتباتها أو القيام بأعمال إضافية بجانب العمل بالمبنى وعدم الاهتمام بالعمل داخل المبنى مع ضعف الرؤية الإبداعية من جانب القيادات وسيطرة البيروقراطية، ولكن مع ما نراه من القنوات الخاصة والاستغناء عن العاملين واحتمال تقلص هذه القنوات يجعلنا ننظر للموضوع بشكل آخر أن ما سيتبقى في النهاية هو هذا الكيان وأن عدم الاهتمام وقلة الحماس والتعامل بلا مبالاة مع طبيعة العمل بالمبنى سيؤدي في النهاية إلى زيادة الأوضاع المالية والإدارية سواء، وأن الأمر سيتطور بالفعل إلى هيكلة كاملة واستغناء عن العاملين، وأذكركم بما حدث في اليونان منذ فترة قريبة من الاستغناء عن العاملين في التلفزيون الوطني هناك.
إذاً علينا كعاملين أن نعيد شحن الطاقات مرة أخرى قبل أن يزيد الأمر سوءاً، وللحديث بقية مع تطور الأمور.

 

اقرأ أيضًا:

 محمود يوسف: مهنتي كما أعرفها   

محمود يوسف: حُسن البضاعة من حُسن السوق

محمود يوسف: الإعلام وإيجابية الاقتصاد

محمود يوسف: الإعلام.. وشاشة التلفزيون

.

تابعونا عبر تويتر من هنا

تابعونا عبر الفيس بوك من هنا