حسين عثمان يكتب: ما لا يفعله إلا علي الحجار

شدى موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب “جَفْنُهُ عَلَمَ الغَزَلْ” من أشعار بشارة الخوري “الأخطل الصغير”، وبعدها بسنوات طويلة وعلى أنغام توزيع موسيقي جديد للموسيقار مودي الإمام غناها علي الحجار، فكان أن ساهمت بقوة في أن تجتمع على حنجرته الذهبية أجيال طوال أكثر من أربعين عامًا مضت، حتى يمكنني القول إن علي الحجار “فَنُهُ عَلَمَ الطَرَبْ”، انحيازي لمطرب عمري كله لم يأتِ يومًا من فراغ، فإن عشقته وفنه فعذري، ليس فقط لأنه في أذني طرب، وإنما لأن علي الحجار قيمة فنية متفردة، أعطى ولا يزال متعه الله بالعمر والصحة، ما جعله ضمن صُحبة التفوق الاستثنائي، وسط أقرانه في تاريخ الغناء العربي.

“على قد ما حبينا” علي الحجار، على قد ما عشنا معه ومع فنه مختلف مراحل عمرنا، فكان أن شارك في صياغة وعي ووجدان جيلي الخمسيني، جيل فتح عينيه على الدنيا وقت ما كان علي بيقول يا هادي في دنيا الطرب، إحساس جيلي به مختلف عن أجيال سابقة ولاحقة، فمن حسن حظنا أن كنا في سن الصبا حين خاطب أرواحنا بصوته الشاب، وفي عز عنفوان شبابنا كان هو على مشارف سن النضج، وعندما وصلنا إلى سن النضج كان قد صعد إلى القمة، رحلة طويلة عشنا فيها معه انتصارات وانكسارات، لم يكن ولائي يومًا إلا له، ولم أجده أبدًا إلا صدى لصوتي.

نرشح لك: ياسر أيوب يكتب: رسالة إلى وزيرة الاستثمار

انتهت أمس أنشطة مهرجان الموسيقى العربية، وفيه أحيا الحجار ثلاث حفلات بمسارح أوبرا القاهرة والإسكندرية ودمنهور، جميعها كانت كاملة العدد بحضور نخبة من جمهوره الكبير، وإذا أردت اليوم الوقوف بكم عند أحد ملامح تفرد علي الحجار وتجربته الفنية الثرية، فيكفيني أن أسجل هنا للتاريخ، أنه أحيا أربع حفلات في ستة أيام، بدأها الأربعاء الماضي على مسرح أوبرا القاهرة، ثم على مدار ثلاثة أيام متتالية، أحيا حفله الشهري بساقية الصاوي يوم السبت الماضي، ثم حفل مهرجان الموسيقى العربية بأوبرا دمنهور أول أمس الأحد، قبل أن يختتم حفلات المهرجان بأوبرا الإسكندرية أمس الإثنين، وأدى فيها جميعًا باقتداره المعهود مطربنا الـ “عزيز على القلب”.

فإذا أضفت لها مجهود بروفات ما قبل الحفلات، وانتقاله وفرقته الموسيقية المبدعة فيما بين ثلاث محافظات في ثلاثة أيام، وعايشت عن قرب مدى تفاعل جمهوره السميع مع برامج حفلاته جميعها؛ والتي حرص فيها على اختيار أغانيه ثقيلة الوزن المواكبة لأجواء مسارح الأوبرا، وإذا حضرت حفل الساقية الشهري السبت الماضي، بعدما عرفت حرصه على إقامته باعتبار جمهور الساقية هو بمثابة عائلته الفنية التي يلتقي بها مرتين شهريًا هناك، وإذا كان الحجار قد تألق في حفل الساقية تألقًا فاق المعتاد، تأكيدًا على تقديره لجمهور الساقية حتى ولو على حساب راحة يستحقها، لأدركت عبقرية الرجل وتفرده، فهذا كله لا يفعله إلا علي الحجار.

علي الحجار هو المطرب الأنشط على الساحة الفنية، طوال أكثر من إحدى عشر عامًا الآن يقيم حفلًا شهريًا بساقية الصاوي، زاده إلى حفلين في إبريل من العام الماضي في استجابة ممتنة لجمهوره الوفي، وهو تقليد لم يأتِ به أحد سواه بعد سيدة الغناء العربي أم كلثوم، والتي كانت تلتقي جمهورها الخميس الأول من كل شهر، “كنت فاكر” إن صوت المطرب يضعف مع تقدم العمر، حتى صحح لي علي الحجار المعلومة، مؤكدًا أن الصوت هو آخر ما يشيخ في الإنسان، ولصوت المطرب لياقة تظل عالية بشرط أن يغني باستمرار، كل هذا وغيره يزيدني إصرارًا على توثيق قصة التفوق الاستثنائي لمطرب “الأحلام”.

محمود فوزي السيد يكتب: الكيمى كيمى كا .. من “مزجنجى” لـ “حمو بيكا”

شاهد: الحلقة الثالثة من #الخلاصة.. حزب أعداء #حمو_بيكا