محمد حسن : أوعى الموضة !!

في البداية لابد أن تعرف أن كتابة المقال أمراً ليس سهلاً علي الإطلاق ، حتي ولو يبدو رتيباً من وجهة نظر القارئ ، فكرة المقال نفسها صعبة ، أن تمتلك مجوعة من الأفكار في رأسك وتجلس لتحولها إلي حروف وكلمات متناسقة وسرد سلس ومترابط لهو أمرُ خطير ، كما أني لابد أن أمدح كل الكُتّاب الذين مكثوا سنوات وسنوات في كتابة المقال اليومي دون ملل أو ضيق أو حتي تذمر مثل الطفل المتمرد علي الذهاب للمدرسة “أنا مش قادر” لكن دائماً ما تثنيه الأم عن ذلك قولاً واحداً كما يُثني عقل الكاتب قلمه ويأمره أن يستمر كالنهر دون توقف .

 
وبمناسبة التوقف ، عقلي لايتوقف أبداً عن التفكير في مسألة “الموضة” ، فيما سبق كانت الموضة تقتصر علي الأزياء أو حتي “تسريحة الشعر” ، تحديداً حتي أواخر التسعينات ، لتبدأ الألفينات بثورة حتي أصبح كل شي موضة ، وأصبح هناك موضة لكل شئ ، أعيش تلك الأزمة ، حيث أني علي خلاف كبير مع فكرة الموضة ، اعتقد أنها أفسدت الكثير من القيم المجتمعية الراسخه منذ زمن طويل ، العجيب أيضاً أن الأشخاص في حد ذاتهم أصبحوا موضة ، المتابع بدقة لمواقع التواصل سيجد أن محمد منير أصبح موضة ، لمجرد أن تكتب في السيرة الذاتية علي تويتر مثلاً “منايري” ولا “مونيريان” علي حد اللغة العجيبة سيكون ذلك جاذباً لمزيد من المُتابعين ، بينما جمهور السميعة الحقيقي لمنير في الثمانينات والتسعينات لم يكن يلتفت لشعر منير أو سرواله البرتقالي أو حتي لم يكن ليقول أبداً “منير أسلوب حياة” ، لأن منير كان يمثل له لونه الغنائي المُفضّل والمزيكا التي يريد سماعها في الراديو أو كاسيت العربية فقط ، لم يكن ليهتم أو ربما يعرف أن منير له جماهير عريضة في ألمانيا أو حتي فرنسا ، لأن ذلك لن يضيف إلي صاحب البشرة السمراء جمالاً أو بهاءاً علي بهائه ، كان ولايزال يُحب منير لأنه غنّي من كلمات صلاح جاهين “إيديا في جيوبي” وفؤاد حدّاد “الليلة ياسمرا” وعبد الرحيم منصور”حدوتة مصرية”…….والخال الأبنودي “يونس” “الذي رحل أخيراً فدفنت مصر معه قطعة من تاريخها العظيم”

 
منير مثال ، كذلك عمرو دياب وأخرين أصبحت تراهم بشكل مختلف بعد “الهوجة” ، ابو تريكة قبل الموضة أكثر إمتاعاً ، الكرة نفسها قبل الأولترا والأجساد النصف عارية أجمل ، وقبل زحف البنات من ميادين الطبيخ لتحليل المبارايات علي سبيل التفرد والإختلاف ولفت نظر الشباب أيضاً كان أجمل ، تستطيع بكل سهولة أن ترصد يومياً إشتباكات بين مؤيد ومعارض ، لايريد أحد أن يفهم أن الفن والثقافة والأدب ليسوا في إطار الموضة ، هم في إطار التذوق والهوي الشخصي ، لا أفضلية لهذا علي ذاك ، لكن سياسة التقليد والمحاكاة والموضة زاد من الجهل والتعصب فبدل من محاربتها في مسألة الدين أو ملاعب الكرة انتشرت وانتقلت للفن والثقافة مروراً بكل شئ حتي تكاد تصل لملح الطعام ، لا حلول هنا سوي أن تري مواقع التواصل وسيلة للتعبير عن رأيك دون الدخول في متاهات الكل في غني هنا ، وأن تبحث عن نفسك وما يناسبها دون النظر للأخرين والموضة التي ستجعلك مسخ بلا طعم أو لون أو هوية ، مجرد تركيبة لذوق فلان في الأكل ، وعلان في الفن ، والحاج أحمد في الإعلام الخ الخ ، فتصبح بالتقادم رأس أكبر من الجسد بكثير ، وليتها مليئة بالنافع من العلوم بل مجرد وعاء امتلئ بأفكار مشوهة ومبتورة وتجارب لا أحد يعلم أين نشأت في معمل بمواصفات قياسية أم في مقهي بلدي امتلئ بالدخان ، ليس مهماً أن تصبح مشهوراً علي مواقع التواصل أو حتي في الواقع ، المهم أن تنام راضياً عن نفسك قرير العين هادئ النفس مستقر الحال ، وتختار ما تحب دون تطفل من الآخرين

اقرأ أيضًا:

محمد الحلو ضيف فيفي عبده ..ومنين بيجي الشجن؟  

 محمد حسن : ثورة إسلامية في المرحاض ؟!!   

 محمد حسن: اللص المدهش محمد صلاح  

 محمد حسن: مصر على الشيزلونج   

 محمد حسن: هل سمع صاحب “كلب شارع الأهرام “عن هاتشيكو؟  

 

تابعونا عبر تويتر من هنا

تابعونا عبر الفيس بوك من هنا