حسين عثمان يكتب: في حضرة الأستاذ.. "من لا يقرأ لا يكتب يا حسين"

الأُستاذ هو من يمارس تعليم علم أو فن معين، هو المَاهِرُ في شيء ما ويعلمه لغيره، وفي حياتي المُهَروِلَة إلى مشارف الخمسين مجموعة كبيرة من الأساتذة أو المَهَرَة، بعضهم تعلمت منه مباشرةً، وبعضهم تعلمت منه ولكن عن بُعْد، أَوَلُهُم أبي رحمة الله عليه، وآخرهم لم يأتِ بعد، فلا شيء أهم من المعرفة، وقمة المعرفة أن تعرف أنك لا تعرف، وعندها تظل تتعلم حتى آخر العمر.

لم تكن دعوة “إعلام دوت أورج” للمشاركة في كتاب مقال ضمن ملف خاص عن “الأستاذ” في حياتنا، إلا دعوة لتجديد قيمة الوفاء في الوعي والوجدان، فلولا الأساتذة ما كنت أنا، ولولا المَهَرة ما كنت هنا أكتب لكم اليوم.

نرشح لك: حسين عثمان يكتب: ملاحظات الأسبوع السبعة

كان الوالد الغالي والأب المعلم أحد رجال التربية والتعليم “من بتوع زمان”، حزمة من القيم والمباديء تمشي على قدمين، لا تملك إلا أن تهابه وتحبه في نفس الوقت، كنت طالباً في مدرسة باب الشعرية الإعدادية بنين وقت أن كان هو وكيل المدرسة، فعايشته ثلاث سنوات كاملة مثلاً وقدوةً في القيادة، رجل إدارة من الطراز الأول، إدارة السهل الممتنع، لا يعرف “واسطة” أو محسوبية، لا يجامل مرتشياً أو فاسداً، لا يتهاون مع المدرسين في حق الطلاب، ولا يرحم الطلاب إذا تجاوزوا في حق المدرسين، احترام الناس أهم من حبهم، واحد من أهم دروس “علي عثمان”، والقائمة تطول بما تضيق به القراءة.

كان عمري عشرين وقت أن ذهبت مصاباً بهوى صاحبة الجلالة إلى لقاء سليمان عبد العظيم مدير تحرير مؤسسة دار الهلال الآن، ومدير مكتب إحدى المجلات العربية بالقاهرة في هذا الوقت من مطلع التسعينيات، والوسيط صديق العمر الدكتور تامر فتحي، وبعد إجابات تفصيلية على عدة أسئلة عن أهم مانشيتات صحف اليوم، وتلك المتوقعة في صحف الغد، وأخرى تتعلق بأهم الصحف اليومية القومية والمعارضة، وكتاب الأعمدة الصحفية ورؤساء التحرير، ألحقني الأستاذ سليمان موظفاً بالأرشيف، وبعدها مقال في بريد القراء، ثم حوارات صحفية مع الكبار كرم مطاوع ومحمد صبحي وحسين فهمي، “من لا يقرأ لا يكتب يا حسين”.. حاضر يا أستاذ سليمان.

نرشح لك: حسين عثمان يكتب: علي الحجار مطرب عمري كله

أن تبدأ حياتك العملية في إحدى مؤسسات شركة “المقاولون العرب” في منتصف التسعينيات، فأنت تُوْلَد مهنياً في حضن الكبار، تحوطك سيرة المهندس عثمان أحمد عثمان السارية سريان روحه في أجواء فروع تغطي جميع أنحاء الجمهورية، وفي خواطر أكثر من سبعين ألف عامل هم قوام الموارد البشرية بالمؤسسة العملاقة، وإلى أن أجتهد في البحث في سيرته الذاتية بعد أن يبخل القدر بلقائه إلا مشيعاً جثمانه إلى بلدتي الحبيبة الإسماعيلية، “الاستثمار في البشر أهم من الاستثمار في الحجر، خلي عُمَالَك يخافوا عليك مش يخافوا منك، اخلق من الفشل فرص نجاحك”، اقرأوا (تجربتي) قصة نجاح المعلم عثمان أحمد عثمان.

ثلاث شخصيات مؤثرة ساهمت بشكلٍ فعال في تشكيل مسارات حياتي الشخصية والمهنية، ولا تزال في حياتي مجموعة كبيرة من الأساتذة والمَهَرَة، بصمات كلٍ منها واضحة في تكوين أبعاد الشخصية، إبداع يوسف إدريس، حكي يحيى حقي، وأدب نجيب محفوظ، عمق تحليل هيكل، فكر زكي نجيب محمود، وفلسفة مراد وهبة، رباعيات صلاح جاهين، مسيرة عبد الرحمن الأبنودي، ورؤى سيد حجاب، سينما عاطف الطيب، مسرح محمد صبحي، ودراما أسامة أنور عكاشة، كاريزما صالح سليم، لغة فاروق شوشة، جرأة إبراهيم عيسى، وتجربة علي الحجار الثرية المتفردة، وفهرس الأساتذة يطول حتى نصل إلى جيل من الشباب يبدأ بخياله من المستقبل على موقع “إعلام دوت أورج“.

حديث الكاتب والناشر كريم الشاذلي على هامش حفل توقيع كتاب “الملك والكتابة” للكاتب محمد توفيق