أحمد فرغلي رضوان يكتب: بني آدم.. وفلسفة السينما!

كنت مهتمًا بمشاهدة تجربة يوسف الشريف التي يعود بها للسينما بعد غياب نحو تسع سنوات، رغم أنه رصيده السينمائي يحمل عدة مشاركات منها بطولة مطلقة وحيدة، لكن ما حققه فيما بعد بالدراما التليفزيونية يجعلنا ننتظر تلك العودة، خاصة في ظل وجود مخرج متميز هو أحمد نادر جلال وكذلك المؤلف عمرو سمير عاطف.

بداية الفيلم سريعة وبها مشاهد أكشن جيدة تشعر منها أنك ستشاهد فيلم مغامرة وأكشن من البداية للنهاية! ولكن كعادة صناع الفيلم  في أعمالهم”الدرامية” بدأت الالغاز سريعا بظهور شخصية “بيومي فؤاد” لا تعرف في البداية إذا كان ضابط يحقق مع المتهم “يوسف الشريف” أم لا وسريعا يتحول التخمين إلى أخر كونه طبيب نفسي يروي له البطل حكايته وتتصاعد الأحداث والألغاز بعد ذلك، ويظل المشاهد تائه ما بين الحقيقة والخيال من خلال رسائل و”عظات” إنسانية عن الخير والشر والموت والحياة وضحت منذ البداية من اسم الفيلم “بني آدم” الذين نزلوا إلى الأرض وفعلوا بها ما فعلوا من صراعات!

وهنا أقول لصناع الفيلم من الصعب تقديم “فلسفة” مبالغ فيها على شاشة السينما فالجمهور ظل طوال العرض وحتى النهاية غير مدرك لأهداف الفيلم “النبيلة” ووصلت لحد “الضحك” والسخرية في مشاهد الفيلم الأخيرة!

ذكرني ذلك بفيلم عالمي عرض بمصر العام الماضي هو mother لجينفر لورانس وخافيير بارديم وذهب أيضا البعض في تحليلاته لعوالم غيبية ولم يحقق نجحا جماهيريا، أيضا فيلم “بني آدم”، يحدث عن تلك العوالم الخاصة بالحياة والموت وما بعدهما! لذلك مثل تلك الأعمال يكون لها عادة مستويات فهم مختلفة ويفضلها جمهور متخصص.

وممكن القول إن الفيلم نجح في شغل أذهان الجمهور حول تفسير فلسفة الفيلم ورسائله خاصة جمهور يوسف الشريف الذي يحب مشاهدة ألغازه في الدراما التليفزيونية.

لكن هل نجح يوسف في كسب شعبية تؤهله للعودة السينمائية بهذا الفيلم، ممكن القول نعم ولكن بنسبة “مقبولة” فكان الأفضل ومعه مخرج مثل أحمد جلال البحث عن شكل فني جديد بعيدا عن صورته الدرامية التي اعتاد الجمهور عليها طوال السنوات الماضيىة كي يخوض تجربة السينما.

التشويق أم الدراما

الفيلم به قدر جيد من التشويق في بعض أجزاءه مع أداء جيد للثلاثي أحمد رزق ومحمود الجندي مع يوسف الشريف ولكن كان ذلك على حساب معظم شخصيات العمل التي ظهرت مثل الفيلم “الغاز” غير واضحة خاصة شخصية الزوجة “دينا الشربيني” واحد من أسوأ ادوارها السينمائية ويبدو أنها نسيت التمثيل رغم موهبتها الكبيرة!

ورغم أن الشخصية كانت لها تأثير في تغيير شخصية المجرم المحترف من الشر إلى الخير إلا أنها ظهرت دون خط  درامي واضح يشرح شخصيتها وحياتها معه التي امتدت لـ 12 سنة وحتى مشهد اكتشافها لمكان الخزنة كان ساذجا إخراجيا وكأنهم كانوا متعجلين في إنجاز العمل! كذلك عملية شحن الذهب والسطو عليه في صندوق خشبي كأنه لعب أطفال! وليس ثروة قومية، تلاحظ أن صناع الفيلم لم يبذلوا مجهود لكي يتقنوا تلك المشاهد.

كذلك الخط الدرامي لابنة زعيم العصابة “هنا الزاهد” والتي لا نعرف لماذا تحب آدم وتطارده بهذا الشكل سوى أنها فتاة مدمنة مستهترة لذلك الشخصيات النسائية من أضعف شخصيات الفيلم مع ان هنا الزاهد اجتهدت وحاولت تقديم شخصية جديدة عليها بشكل جيد.

أيضا كشف شخصية المجرم مبكرا بسبب الاختلاف على الغنائم! كان الطبيعي أن يقتل زميله في العصابة الذي يعترض عليه ولا أن يتركه مرتين بطريقة تبدو غير مقنعة دراميا! ولكن صناع العمل كان يشغلهم أكثر الغاز العمل وتفسيرات الجمهور لها وكيف يحافظوا على الغموض لأخر مشهد!

هي تجربة مقبولة سينمائيا لثلاثي ناجح تليفزيونيا وعليهم أن يفكروا في شكل فني أخر يتم تقديم به يوسف الشريف الفيلم القادم، لأن جمهور السينما لن يكرر مشاهدة نفس “اللعبة” الدرامية.

أحمد فرغلي رضوان يكتب: الكويسين.. التريلر يكفي!