إيمان عن والدها الموسيقار عبد العظيم محمد: حظه قليل

أمنية الغنام

ربما لا يتردد اسْمُهُ كثيراً كباقي الملحنين، وربما لا يتذكره أحد يوم ميلاده أو وفاته سوى المقربون أو القلة المهتمة بتاريخ الموسيقى والغناء، فهو لم ينل حظه من الشهرة كما ينبغي لكنه استطاع أن يجعل من ألحانه ذكرى عطرة في قلوب المصريين لعذوبتها وبساطتها.

نرشح لك: نجيب المستكاوي.. ناقد رياضي بدرجة أديب

غنى من ألحانه عمالقة الغناء أمثال عبد الحليم حافظ “الفنارة”، ومحمد رشدي “يا ليلة ما جاني الغالي”، ومحمد قنديل “ماشي كلامك على عيني”، ومحرّم فؤاد “زي ما كوّن عطشان”، وفايزة أحمد “دوبني دوب”، ونجاح سلام “بالسلامة يا حبيبي بالسلامة”، وشريفة فاضل “والله لسه بدري يا شهر الصيام”، إنه الملحن والموسيقار عبد العظيم محمد، الذي حاور “إعلام دوت أورج” ابنته إيمان للتعرّف عليه عن قرب، وكانت تلك أبرز تصريحاتها:

1– هو من مواليد ١٩٢٣ ببني مزار بمحافظة المنيا، بعد أن أنهى دراسته الابتدائية أرسله والده لمدينة المنيا نفسها لاستكمال دراسته بمدرسة الصنايع حيث مكث فيها ٤ سنوات كان مقيماً فيها مع خالته.

2– طبيعة مدينة المنيا مع وجود العديد من المقاهي المنتشرة أتاحت له فرصة الجلوس عليها يومياً، والاستماع لاسطوانات أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب وصالح عبد الحي، من هنا بدأ حبه يزداد للموسيقى وشغلت عليه تفكيره وقرر أن يشتري عوداً، وظل يدخر من مال حتى تمكن من شرائه.

3– درَّب نفسه بنفسه على العود وكان ذلك شيئاً غريباً، واستطاع أن يعزف عليه بعض الألحان وأخذ قراره باحتراف الموسيقى وهو لا يزال في المرحلة الثانوية.

4– عندما سافر إلى القاهرة عام ٤١ كان يحلم بأن يكون مطرباً، إلا أنه عمل في كلية الهندسة، وكان تخصصه قسم آلات دقيقة، وبالرغم من ذلك حاول دخول المعهد العالي للموسيقى المسرحية وفشل ثلاث مرات في الامتحان ونجح في الرابعة.

5– تخرج في قسم الأصوات من المعهد وهو قسم دخله الكثيرون ليصبحوا مطربين لكن خرجوا منه كملحنين، وكانت مشكلة والدي تتمثل في رهبة الوقوف على المسرح خاصة في حضور عدد كبير من الجمهور، وهو كمطرب لم ينجح بالشكل المطلوب.

6– أول مطرب لحن له والدي كان صديقه جلال فكري الذي كان السبب بدوره في دخول والدي الإذاعة حيث تغنّى بلحنين من ألحانه مدتهما ربع ساعة وعند الاستماع إليه طلب منه حسن الشيجيعي مسؤول ومراقب الغناء والموسيقى بالإذاعة المصرية وقتها أن يُحضر إليه صاحب هذه الألحان، وهو والدي.

7– محمد قنديل له نصيب الأسد من الألحان حوالي ١٠٠ لحن، فقد كان صاحب صوت عريض قوي وكانا صديقين متوافقين في طبيعتهما المحافظة وتقديسهما للبيت والأسرة عوضاً عن حضور السهرات والحفلات، ربما كان ذلك أحد العوامل لتعاونهما الكثير معاً.

8-عدد ألحانه الفردية حوالي١٠٠٠ لحن بخلاف الأدعية الدينية طوال شهر رمضان والأوبريتات وأغاني المسلسلات وتتراتها.

9– جاءت فرصة تلحينه ٤ ألحان من فيلم “الشيماء” عندما تم إسناد لحني “يا محمد” و”طلع البدر علينا” له، ولكن عندما قام بتسجيلهما مع إحدى الفرق الكبيرة بقيادة المايسترو شعبان أبو السعد وهو أيضاً موزع موسيقي ومتمكن في علمه وفنه، وبعد الاستماع تقرر أن يوكل أيضاً إليه لحن بداية الفيلم ونهايته “إنك لا تهدي الأحبة”، و”أشرقت شمس الهدى” بدلاً من بليغ حمدي ومحمد الموجي.

10– بعض ألحانه لم تخرج للنور ربما لأنها كانت من نصيب أحد المطربين واعتذر في اللحظة الأخيرة أو لأنه احتفظ بها لحين تقديمها للمطرب المناسب فقرر إبقاء العمل كورق.

11– من المواقف التي سببت له الألم على المستوى الشخصي كان في مسلسل من إخراج حسام الدين مصطفى اسمه “الأبطال” من بطولة جيهان نصر وأحمد ماهر وكان حسام يريد البطلة تغني وتمثل في نفس الوقت وكان هناك وقتها فتاة جديدة اسمها سلوى عمر أجرى لها والدي اختبارات الغناء ونجحت فيها ولما أدت اختبار التصوير نجحت أيضاً، وسجل والدي بالفعل معها ودولها حوالي ٣ أشهر وللأسف حدث مشكلة في التمثيل بالنسبة لها فقرر حسام الدين أن يلغي الغناء تمامُا، تلك الألحان كانت تحمل روح حقبة تاريخية معينة وطابع معين وعددها ١٠ ألحان ومازالت موجودة حتى الأن، وأذكر قبل وفاته كان يستمع لها ويقول “مش خسارة الألحان والتعب والمجهود” خاصة أن والدي بذل مجهوداً كبيراً في تدريبها.

12– عندما عرض الشاعر عبد الوهاب محمد إحدى قصائده على أم كلثوم لغنائها أخبرها عن والدي ليقوم بالتلحين وكانت قد سمعت بألحانه من قبل، خاصة بعد عرض فيلم الشيماء على ما أعتقد وبالفعل أجرت أم كلثوم بروفة أو اثنتين من ألحان والدي لكنها أرادت تعديل جزء معين ولسبب أو لآخر وجد والدي صعوبة في ذلك لأنه عندما يشعر ويرتبط بالجملة اللحنية يكون من الصعب تغييرها، وأذكر أن الصحفي جلال البنداري كتب مقالاً بعنوان: “أم كلثوم وشرارة الكهرباء” كناية عن والدي ذلك الملحن الذي يشتعل ذاتياً، تغنت أم كلثوم بألحان ملحن آخر فشعر والدي أنها رسالة بعدم الرغبة في التعاون معه، بعد ذلك أعطى اللحن للفنانة سعاد محمد وتغنت به هذا اللحن هو”شيء غريب”.

13– الشاعر علي مهدي صديقه الصدوق، كانا يسافران معاً وبينهما تفاهم دائم لدرجة أنه أول ما يعرض عليه الكلمات يدخل في اللحن مباشرة ويستشعر الكلام ويتفاعل معه.

14– قضى ٤ سنوات في قطر للدراسة في المعهد القطري للموسيقى وليس الكويت كما عرف عنه ومن المغالطات التي كتبت عنه أيضاً أنه قبل الوفاة تخلى عن شغله وتبرأ من كل أعماله، وهذا غير صحيح، كل ما هناك أنه منذ صغره كان ملتزماً دينياً حتى أواخر أيامه الذي كان مصيره أنه لا يعمل فيها، وفي فترة التسعينات وحتى توفاه الله لم يعد يعمل بالشكل المطلوب، ربما مرة واحدة كل ٤ سنين. وبالتالي توجه كلياً للعبادة والصلاة والصوم وقراءة القرآن، ولم يكن يريد عند وفاته أن يكتب له نعياً في الصحف ولا حتى سرادق عزاء فقط عند الدفن فخرج البعض يقول بأنه أراد أن يتبرأ من أعماله وأنها حرام حتى إن إحدى الصحف نشرت ذلك وأنا تواصلت معهم وأوضحت لهم أنها رغباته.

15– لحن” يا ليلة ما جاني الغالي” الذي تغنى به محمد رشدي، أخذه الملحن نادر نور “حمادة بيحب غادة”، والسنة الماضية اكتشفت أن أحد المغمورين واسمه هاني فايز أخذ اللحن كاملاً كما هو في قناة “شعبيات” وأنتج فيديو كليب ولم يراعي ضرورة كتابة اسم المؤلف أو الملحن، واتخذت إجراءً وتقدمت بشكوى قبل رمضان الماضي ضد قناة شعبيات لكن تكمن المشكلة أنها غير معروفة ومن القنوات المجهولة المصدر.

16– الجميع يحب والدي لكن “حظه قليل” فلم ينل التكريم اللائق كباقي الملحنين، وكان بطبعه هو أيضاً لا يحب الظهور كثيراً في اللقاءات التلفزيونية أو الصحفية، حتى ظهوره في برنامج المذيعة سلمى الشماع “زوووم” على قناة النيل للمنوعات جاء بالضغط عليه من جانبنا، وذلك للتحدث عن فيلم الشيماء.

17– له لقاء آخر للأسف لم أشاهده أو أسجله، أجراه مع الموسيقار عمار الشريعي في برنامجه “سهرة شريعي”، عبارة عن حلقتين، تمت إذاعتهما على قناة “دريم” طلبت لاحقاً من الموسيقار الشريعي أن يجدهما لي لكنه للأسف لم يستطع بعد فترة بحث طويلة.