أحمد عبد الصمد يكتب: حكاوي سائق "أوبر" والرسائل الإلهية

الحيرة عادة ما تداهمك في خضم حياتك وأحلامك، لتفسد حلوها وتشتت بصيرتك نحو طريق رسمته وألفته وأمنته، دوامة تعيد معها نفس الأفكار فتصل لذات النتائج التى لا تسكت صخب عقلك الباحث عن إجابة، قطعة دوما ناقصة لا تكتمل الصورة بدونها دوامة كلما تركت نفسك إليها تغرقك ولا ترسيك على بر.

داهمتني الحيرة وحاصرتني الدوامة أياما وأسابيع لم أجد منها مخرجا، قررت تلبية دعوة كريمة لحفل خيري – لصالح دار للأيتام – لا طاقة لدي لأن أقود سيارتي لكن الرغبة حقا فى حضور الإفطار كانت دافعا وراء الذهاب، إذن “أوبر” هو الحل، ذلك الوافد المريح على حياتنا لينقذ من أهلكته شوارع العاصمة بحثا عن قدر من الراحة.

نرشح لك : معز وتوفيق .. هل انتهك الإعلام خصوصيتهما؟

أسفل منزلي سيارة حديثه موديل 2018، شاب ثلاثيني وسيم ذو طلة تبعث على الراحة.. “مساء الخير” .. كانت كفيلة بتبادل أطراف الحديث دون انقطاع حتى أنه استرسل يروى لي قصته باستسلام.

كان يعمل في أحد القطاعات المهمة التي تتمتع بالجاه والنفوذ لكنها لم تشفع لدى خطيبته وأسرتها أو تخفف مشاكلهما التي لا تتوقف، وكأن ما يراه من توتر جراء طبيعة عمله ليس كافيا، ومع مرور الوقت انتقل إلى إحدى المناطق البعيدة ذات الطبيعة الحساسة الملتهبة لتكن فرصة للتفكير ومن ثم القرار بالانفصال.. “كفى مشاكل”

أشهر قليلة تعرف بعدها على أحد رجال الأعمال توطدت علاقته به ثم بأسرتها وأصبحت ابنته التي أحبها من النظرة الأولى هي تعويض من الله عن سنوات من التعب وعدم التقدير. تمت الخطبة وقبل استعدادهما للفرح أصيب فى موقع عمله، كسور شديدة أبقته طريح الفراش قرابة العام. إصابة هددت حياته وعمله ومستقبله، لم يخشى من كل ذلك سوى من أن تتركه خطيبته، ولكن من كتب لك الطريق لن يتخلى عنك في منتصفه؛ لم تتركه خطيبته بل ردت له آلم خوفه حبا ورعاية وتمسكا.

لم تتركه ابنة رجل الأعمال رغم فقده عمله ومستقبله وتم زفافهما وهي الآن شريكة حياته، أما عمله فى “أوبر” فجاء رغبة منه لكسر حالة الملل التى يشعر بها بعد أن ترك عمله.

وصلت إلى وجهتي.. لا شيء بعقلي سوى قصته، من تصالح مع الحياة بحلوها ومرها كيف لا يراضيه الله؟! حتى وهو يعانى أثار اصابته تصالح مع ظروفه وخرج للعمل غير متكبر حامدا وشاكرا وهو من كان صاحب لقب وجاه.

رسائل إلهية هي مصدر للإلهام والتدبر، ليس هناك ما هو صدفة فكل خطوة تخطوها لهدف رسائل ترشدك للطريق ما عليك أنت سوى أن تهدأ وتطفئ حيرتك بيقين أن الله يدبر لك الأفضل، وما على الآخرين سوى الخروج من برجهم العاجي الذى لم ينقذ قوم نوح يوم أتى الطوفان،  ليت هؤلاء يعلمون أن المناصب والأموال زائلة بحكم سنن الحياة وتقلبات الأقدار، وأن ما بقى هو الأخلاق والعهد والوعد، إذن فما عليك سوى أن تتبع الرسائل الإلهية وتسترشد بها..