حكايات محمد رشدي مع ليلى مراد والأبنودي وصفوت الشريف

أمنية الغنام

خلال أيام قليلة، وتحديدًا في العشرين من يوليو تحل ذكرى ميلاد مطرب “العمّال والفلاحين” كما كان يحب أن يطلق على نفسه، صاحب “طاير يا هوا”، و”ع الرملة”، و”كعب الغزال يا متحني بدم الغزال”.. الصديق الصدوق للخال الأبنودي والعبقري بليغ حمدي، ابن محافظة كفر الشيخ “العرباوي” محمد رشدي.

نرشح لك: نهايات مأساوية (1).. وداد حمدي قتلها الريجيسير

إعلام دوت أورج حاور ابنه طارق رشدي ليحكي لنا عن آخر أيام الوالد ويسرد بعضاً من ذكرياته، فكانت تلك أبرز تصريحاته:

رشدي وليلى

– يعتقد الكثيرون أن حب محمد رشدي للموسيقى والغناء نتيجة حبه لأم كلثوم وهذا الكلام غير صحيح، لأن حب والدي للفنانة ليلى مراد هو السبب الأول في عشقه للمغنى. فقد كان في فترة صباه يتخيل نفسه وهو يمشى على كوبري دسوق بمدينة دسوق كفر الشيخ مسقط رأسه ويغني لليلى مراد بل ويشاركها الغناء في الأوبريت في الأفلام قديماً.

– لعبت الصدفة دورها عندما سافر والدي للقاهرة ليكون محل سكنه في نفس عمارة الفنانة ليلى مراد، فكانت تسكن في الطابق الخامس ووالدي في الثالث وكان أول لقاء بينهما حينما كان يفتح باب الأسانسير وكانت هي بالداخل فوقف مذهولاً ولم ينطق وكان يحمل العود في يديه فسألته ليلى مراد.. إنت موسيقي؟ فأجابها: “لا مطرب”، فردت عليه قائلةً: “هو في مطرب تخين وبكرش كده”، وسألته عن اسمه الذي كان وقتها محمد الراجحي قبل أن يعرفه الناس بمحمد رشدي.

– تم اللقاء الثاني بينهما بعد فترة من الوقت حيث قالت له ليلى مراد “أنا متبعاك يا رشدي وبسمعك خليك محافظ على لونك واوعي يضحكوا عليك ويخلّوك قاهري”. ومرَّت الأيام وابتعدت ليلى مراد عن المجال نهائياً لتسكن في بنسيون ويقوم بزيارتها والدي والموسيقار حلمي بكر شهرياً لإعطائها معاش النقابة.

حقيقة اسم محمد رشدي

– محمد محمد الراجحي هو الأسم الأول لوالدي لكن تم تعديله بعد ذلك ليصبح رشدي محمد محمد الراجحي، وعندما غنى للمرة الأولى للإذاعة المصرية كان الفنان سعد عبد الوهاب وقتها هو مراقب الموسيقى والغناء، فما كان منه بعد انتهاء والدي من الغناء أن قال لجمهور المستمعين”استمعتم للمطرب محمد رشدي”. ذلك الأمر أغضب والدي وقال: “ليه كده يا أستاذ عبد الوهاب كل أهلي في البلد مستنيين رشدي محمد” فرد عليه عبد الوهاب ان اسم محمد رشدي أكثر سلاسة، فما كان من والدي سوى الذهاب لوزارة الصحة وتغيير الاسم ليصبح محمد رشدي.

نصيحة كلثومية

– تبنى فريد باشا زعلوك والدي موسيقياً فكان يحضره للغناء في حفلاته وأخبره أنه في حالة فوزه بعضوية البرلمان سيحضر أم كلثوم للغناء والاستماع لصوته، وبالفعل بعد فوزه أتيحت لوالدي الفرصة وتغنّى بأغنية للفنانة ملك بعنوان “يا أتوموبيل يا جميل ما أحلاك”، وبعد انتهائه نادته أم كلثوم وجلس بجوارها فأمسكت بأذنه وقالت “اسمها أتوموبيل وليس أوتمبيل.. يا فلاح انطق صح”. ثم التفتت لزعلوك باشا وأخبرته بضرورة ذهاب والدي لمعهد الموسيقى.

دعوة أم

لم ينس والدي أبداً دعوة جدتي له حين توفاها الله بين يديه وعلى صدره “روح يا بني ربنا يجعل في بقك سكرة وفي حنكك جوهرة ويحبب فيك خلقه”. كان إنساناً بسيطاً للغاية لم يكرهه يوماً أحد ودائماً ما كان يدعو نفسه بمطرب العمّال والفلاحين فهو ليس ملكاً لنفسه بل ملكاً للناس التي تحب أو تكره، لم يحاول أبداً أن يخفي شيئاً عن جمهوره لدرجة أن بعض المشاكل العائلية عندما أثيرت على الملأ كانت الناس تقابله في الشارع وهو لا يعرفهم فقط لتقول له “قلبي عندك”.

أن تفقد الرغبة في الحياة

– قام والدي بالغناء في جميع حفلات السادس من أكتوبر بدء من عام ٧٣ وحتى توقفه عن الغناء ٢٠٠٢، وبعد أن أصابه المرض لم يهاتفه أو يسأل عليه أحد من الدولة حتى بدأ عبد الرحمن الأبنودي من خلال جريدتي الأخبار والوفد في توجيه اللوم للحكومة وكتب مقالاً بعنوان “نحن نقف بمفردنا أمام غرفة محمد رشدي”.

– وقبل٤ أيام من وفاة والدي فوجئت بالإعداد في برنامج “البيت بيتك” قبل إذاعة إحدى حلقاته مباشرة يتصل بي تليفونياً للاستفسار عن طبيعة مرض والدي واسم المستشفى بالرغم من مضي أكثر من ٤٥ يوماً على وجوده في الرعاية المركزة، وكان البرنامج مستضيفاً الأبنودي الذي أحرج وقتها المذيع محمود سعد عندما حاول أن يكون اللقاء عنه وأغانيه وقال له: “أنا جاي النهاردة علشان رشدي”.

– لخّص لنا الطبيب المعالج لوالدي حالته في أواخر أيامه بأنه فاقد الرغبة في الحياة، لقلة التقدير والاهتمام الذي كان يتوقعه من الدولة ولم يجده. في أواخر أيامه كان يردد “أنا خدمت البلد ٥٠ سنة غُنى هل يعقل أن رئيسها لا يتصل بي مرة واحدة وأنا لم آخذ منه يوماً مليماً واحداً”.

– أذكر مثلاً أن طُلب من والدي مرةً السفر للغناء في احتفالية دولة الإمارات بعيد تولي الشيخ زايد الحكم، وبعد أن تم الاتفاق وبمقابل مادي كبير صادف أن يكون هذا اليوم هو نفسه احتفالية ٦ أكتوبر فاعتذر للإمارات تلبية لرغبة الرئيس مبارك الذي طلبه بالاسم ليكون مشاركاً في الحفل.ل كن هذا لا ينفي أن من أكثر الشخصيات التي عرفت قيمة محمد رشدي وقدّرته على المستوى الشخصي هو السيد صفوت الشريف فقام بزيارته في المستشفى وقابل والدتي وترك لها رقم هاتفه الخاص، وعرض أن يترك سيارته وسائقه عند الحاجة بل وتوجّه لإدارة الحسابات وطلب منهم إرسال فواتير العلاج الخاصة بوالدي على مكتبه في مجلس الوزراء ليتولّاها هو.

عشرة العمر

– رابط الصداقة والعشرة بين والدي وكلٍ من بليغ حمدي والأبنودي وكمال الطويل لا يمكن وصفه، ففي مرض والدي بنزيف في المعدة عام ٢٠٠٢ دخل على إثره المستشفى قام بليغ بإحضار بطانية وافتراش أرضية البهو أمام غرفة الرعاية ورفض الرحيل بدونه.

– يوم وفاة بليغ حمدي كنت أستقبل والدي في محطة القطار قادماً من الأسكندرية، وعندما أخبرته برحيل بليغ لم يتماسك نفسه ودموعه وسقط على الأرض، ومن المفارقات أن بليغ يوم وفاته قام بالاتصال تلفونياً بمنازلنا حوالي ٣ مرات لسماع صوت والدي والتحدث إليه لكن للأسف لم يكن قد عاد من سفره بعد.

– أما الأبنودي عندما حضر للمستشفى كان والدي قد فارق الحياة فدخل عليه الغرفة وقبّل يده ورأسه وقال: “خلاص يا رشدي ..مشيت.. يعني أنتوا سيبتوني فرع شجرة وحيد انت وبليغ وكمال وعبد الحليم”.

رشدي والسينما

– “السينما أخذت مني ولم تعطني”.. كان هذا رأي والدي في السينما فهو لم يعتبر نفسه يوماً ممثلاً بالمعني المعروف، وكان يعتبر نجاح أغانيه كمطرب السبب في دخوله هذا المجال، على سبيل المثال بعد النجاح الساحق لأغنية “عرباوي” من تأليف شاب صغير هو حسن أبو عتمان ومن تلحين حلمي بكر وكان وقتها عسكري بالجيش ،استغل القائمون على فيلم الزوج العازب للفنانة هند رستم والفنان فريد شوقي هذا النجاح، وقاموا بضم الأغنية لأحداث الفيلم وتصدر اسم والدي محمد رشدي واسمها أفيش الفيلم.

– كذلك أغنية “كعب الغزال” من إنتاج الفنانة نجوى فؤاد سنة ٦٧ والتي تغنى بها والدي في فيلم “نورا”، كانت السبب في غنائه في الأفراح خاصة في أواخر السبعينات وبداية الثمانينات، لأن هذه الفترة كان يُصنف والدي فيها من ضمن الفنانين النّاصرين المغضوب عليهم وكان هناك شبه توقف عن العمل.

آخر ما أغضبه

– أغنية “العيون الكدابين” من ألحان عبد العظيم محمد وكلمات الأبنودي تغنى بها الوالد في بداية التسعينات تقريبا 1993 أعاد تسجيلها مرة أخرى في ألبومه الأخير وكان مريضاً ومجهداً، وبرغم من ذلك قام بتأديتها بمنتهى القوة، لكن للأسف اتهمه البعض بأنه قام بتركيب صوته في التسجيل القديم على جمل لحنية جديدة وإنه لم يقم بغنائها مرة أخرى وهذا أغضبه كثيراً.

الليل وآخره

– “يا بويا على الليل وأخره لما تصحى جروحي”.. هذه العبارة للشاعر سيد حجاب كان يصف بها والدي مشاعره تجاه الليل، ففي فترة مرضه وتعبه كان يكره الليل وسكونه فيسهر مستيقظاً حتى يشعر بالونس مع استيقاظ أفراد الأسرة في الساعات الأولى من الصباح فيبدأ هو في النوم. كما كان يشعر بالونس مع صوت ليلى مراد وصوت أم كلثوم وهي تشدو برباعيات الخيام ونجاة الصغيرة في أغنيتها”أنا بستناك”.

الوصية والأمنية الأخيرة

– حقق الله لوالدي أمنيته في أن يموت وهو يعمل وكانت دعوته “يارب يوم ما تفتكرني افتكرني وانا شغال”. وقد كان ففي شهر إبريل ٢٠٠٥ في مدينة الإنتاج الإعلامي لتصوير أخر أغنياته “قطار الحياة” التي خرجت للنور بعد ذلك دون أن يستمع إليها، كان الجو حار جداً فيقوم بتصوير أحد المشاهد ثم يدخل سيارة مكيفة ثم يعود للتصوير مرة أخرى، حتى أصيب بالتهاب رئوي وتم نقله للمستشفى رغم رفضه ذلك، وكانت تلك بداية النهاية ورحيله في ٢ مايو من نفس العام.

سبب قراءة محمد رشدي للتوراة والإنجيل!

شاهد: سبب قراءة محمد رشدي للتوراة والإنجيل! حوار وتصوير: أمنية الغنام #صوت_الميديا

Posted by ‎إعلام دوت أورج – e3lam.org‎ on Saturday, July 14, 2018