أتباع حمدي الوزير في مدرجات حسناوات المونديال

محمد حسن الصيفي

أشاهدهن مستمتعات بالمباراة، أحيانًا يرقصن ويغنين في مرح وانسجام بعد الفوز، أو حتى يبكين بمرارة بعد الهزيمة، المهم أن الجمال موجود، وقيمته تنازع القبح بل تكتسحه، وأنهن يخطفن عدسات المصورين من أعتى النجوم الذين يركضون بأقدام تساوي الملايين وأحيانًا المليارات.

 أسأل نفسي لماذا؟

لماذا لا نرى هؤلاء الجميلات لدينا في المدرجات أو الشوارع بتلك القيمة؟

بتلك العين التي تلتقط الجمال بقيمته المجردة دون إعطاء النصائح أو السخرية أو الاستظراف، ومعاملته مثل جمال السماء أو الزهور أو البحار أو حتى لوحات بيكاسو؟

نرشح لك : صور الجميلات التي تناقلتها وكالات الأنباء العالمية وشاشات التلفزيون

وبعيدًا عن الأحداث الدامية التي شهدتها ملاعب كرة القدم المصرية منذ عام 2011 وكذلك بعض البلدان العربية والتي كان من شأنها منع الجماهير من التدفق إلى الملاعب المختلفة، فهناك زاوية أخرى تطل برأسها بعيدًا عن الجانب السياسي.. زاوية السلوك الجمعي.


بسهولة بعد كل مباراة حين تأخذ جولة بهاتفك في مواقع التواصل ستجد التعليقات على صور الجميلات التي تناقلتها وكالات الأنباء العالمية وشاشات التلفزيون، بالتأكيد ستجد إعجاب وحفاوة تصل حد التحرش الإلكتروني، يتحول فيها حمدي الوزير من النظرية إلى التطبيق، في نسخ متعددة وهو أمر مقزز وخلط في المفاهيم وقصور في الوعي بقيمة الجمال، وقتها أسأل نفسي ماذا لو كانت تلك الجميلة حاضرة في مباراة بين طنطا والأهلى أو الزمالك وغزل المحلة!.

وهذا الخلط بين قيمة الجمال المجرد وبين الأفكار السفلية يؤدي بنا إلى اختفاء الجمال من الظهور واحتجابه، وصولا لنقطة التحريم في أحضان الأفكار السلفية من منطلق “الدين أفيون الشعوب”.

أعود للخلف سنواتٍ طويلة لأتذكر طلب مصر لاستضافة كأس العالم 2010، وأتخيل مجازًا أيضًا أننا لم نحصل على الصفر الشهير في الأصوات، وفزنا بالتنظيم وجاءت الفاتنات من كل حدب وصوب نحو المحافظات المصرية، من المكسيك والأرجنتين وفرنسا والبرازيل وإيسلندا وألمانيا وبولندا إلى القاهرة والمحلة والإسكندرية والمنصورة وأسوان.

أتخيلهن يقطعن مسافاتٍ طولة سيرًا على الأقدام في بهجة وفي وصلات مرحة من الغناء والرقص بسعادة بالغة في شوارع المحروسة قبل الدخول إلى الاستادات أو وقوفهن عند الأكشاك لالتقاط زجاجات المياه والعصير!.

أتخيل الشباب الرابض خلف الشاشات للنظر إلى هؤلاء الفتيات على أنهن بضاعة رخيصة وأنهم في غفلة من الزمن هم القائمون على التنظيم والترحب بأصحاب الجمال الرباني الصارخ!.

بعد أن أتخيل تلك المشاهد المخيفة أعود إلى عقلي وأحمد الله على نعمه وقضاءه وإن بدا غير مفهومًا على عقول العباد الضعفاء وأحمده أكثر على الصفر الذي منحنا كل هذا الهدوء والصفاء!.

أتذكر أيضًا واقعة راموس وصلاح والتي ذهب فيها البعض خلف الغضب بمغالاة وهمجية لسب راموس على كل صفحاته الرسمية وتناقل رقم هاتفه المحمول لسبه بأمه!.

أتذكر الجميلة التي ظهرت في مباراة المكسيك وألمانيا وانتشرت “بوستات” على فيسبوك بوصول المصريون الجبابرة إلى صفحتها الشخصية ورقم هاتفها ومعاكستها على جمالها الفاتن!.

لا أحد يلتفت لمثل هذه الأمور ويربطها في مشهد واحدٍ ليجد أننا على شفا الجنون، ونستقبل أجيالاً مخيفة، لازلت تستخدم موروث الفهلوة القديم مضروبًا في خلاط التكنولجيا الحديثة لتنتج لنا عصيرًا فريدًا في الشر والجهنمية، فيقوم بنشر أرقام لاعب ليوحد المصريين على سبه بأمه، ونشر أرقام فتاة كل ما ارتكبته من ذنب وحماقة أنها جميلة!.