رحلة باسل خياط.. أن تصبح فنانًا "على نار هادية"

إيمان مندور

 

يُعد الفنان باسل خياط نموذجًا للممثل الجيد الذي أخذ رحلة نضوجه فنيًا “على نار هادية” إن جاز التعبير، وصارت الخطوات الكبرى في مسيرته الفنية التي بدأت قبل أكثر من عشرين عامًا، تتويجًا لكل المجهودات السابقة. وها هو يخوض السباق الرمضاني الحالي بمسلسل “الرحلة”، الذي يشاركه بطولته الفنانة ريهام عبد الغفور، ويقدم من خلاله مستوى جديدًا من الأداء الفني المُتقَن.

بالطبع لا يمكن الحُكم على عمل فني من خلال 11 حلقةً فقط، لكن في الحقيقة، وبخلاف أن المسلسل ككل يعد واحدًا من أهم الأعمال التي تنافس في الموسم الحالي، إلا أن ما قدَّمه باسل حتى الآن في تجسيد شخصية “أسامة” بكل ما تحمله من اضطرابات حب وكره، غموض وخوف، معاناة وانتقام، أظهر انفعالات وقدرات تمثيلية جديدة في أدائه، وفي مستوى التقديم الفني للشخصيات المضطربة نفسيًا عمومًا.

إذن.. هل تستطيع الموهبة _مهما كانت براعتها_ أن تثبت جدارتها منفردةً؟.. سؤال معروفة إجابته بالتأكيد، لكن الرد العملي من خلال أداء باسل خياط في “الرحلة” أنسب ما يُقال في هذا الشأن كدليل عملي. فبمتابعة العمل نجد أفضل المشاهد التي أدَّاها في المسلسل، هي التي تجمعه بريهام عبد الغفور، وكأن مواجهة المواهب تُظهِر تميزها وتحمِّس الفنان وتمنحه قوة إضافية لأدائه.. لذلك تقمص باسل لشخصيتيّ “أسامة” و”إنجي” في آن واحد خلال أحد المشاهد مع ريهام يتضح فيه المعنى السابق ذكره حرفيًا.

أيضًا النص الجيد يثبت جدارة الموهبة (المسلسل قصة نور شيشكلي وسيناريو وحوار عمرو الدالي وأحمد وائل)، فنجد أن المشاهد “المكتوبة حلو” مثلما يقولون، تظهر قدرات باسل التمثيلية بوضوح. فمثلًا مشهد حديثه عن أهمية دراسة مضادات السموم وربطها بحياة الإنسان ومشاعره، كان انفعال الأداء فيه _رغم هدوءه_ في نفس قوة تأثير الكلمات.

“اللزمات” الخاصة بشخصية “أسامة” أجاد باسل الحفاظ عليها خلال الحلقات السابقة، فضلًا عن تأديتها بمرونة، فنجد طريقة سيره التي بها عرج إلى حد ما موحدة في كل المشاهد، حتى المشهد الذي كان يركض فيه ليمسك بـ”صلاح” الذي يجسده الفنان نور محمود، حافظ على إظهار العرج أثناء الركض فكان الأداء جيدًا للغاية. أيضًا طريقة الاهتزاز والحركات والالتفات وتكرار بعض الكلمات، يؤديها بدون تكلف، فتبدو طبيعية في الشخصية، رغم كونها علامات اضطراب نفسي واضح.

الخلاصة أن تناقضات شخصية “أسامة” ساعدت على إظهار كم كبير من الانفعالات بشكل جيد، وبأداء فني متقن يجعلنا نتذكر باسل خياط الذي دخل التمثيل مصادفة في سن الثامنة بدافع “الغيرة” من زملائه، وتم رفضه في معهد الفنون المسرحية عندما قرر الالتحاق به، واصفين إياه بـ”غير الموهوب”، ثم عودته مرة أخرى ليأخذ طريق الفن “واحدة واحدة”، لندرك أن كل تجربة لها وضعها الخاص ومسارها، وأنه مع الإصرار والموهبة يمكن أن يصل الفنان بأدائه لما هو عليه باسل الآن في “الرحلة”.