أحمد عبد الصمد يكتب: مهمة خاصة.. من لغة الضاد إلى "الفرانكو"

على مدى 70 عامًا هي مدة الاحتلال الإنجليزي لمصر وقبلها سنوات الاحتلال الفرنسي، لم يترك الاحتلال أثرا على الثقافة المصرية واللغة العربية، بالعكس “إحنا اللي علمنا عليهم”،  فخرجوا من مصر ينطقون العربي مكسر.

حقائق تعلمناها صغارا، تذكرتها وأنا أرصد ضمن عملي كمراسل، لردود أفعال أولياء الأمور إزاء  نظام التعليم الجديد، فانتفضوا دفاعا عن اللغة الإنجليزية -اللغة الثانية- لزوم الوجاهة الاجتماعية، متناسين أن أبناءهم لم يعد بمقدروهم كتابة اللغة العربية أصلا، واستبدلوها بكلمات من وحي الجيل الجديد.

“واللهى”.. “طبعن”.. كلمات تطاردك ما إن تدخل العالم الافتراضي على الفيس بوك أو تويتر وتجد خلطة لغات مضروبة فى بعض، هي دي لغة الجيل الحالي.

نرشح لك : وزير التعليم ينفي التراجع عن النظام التعليمي الجديد

 وكيف تصمد اللغة العربية أو حتى اللهجة المصرية –كتابيا– أمام الفرانكو أراب مثل “masa2 el fol” وغيرها من الجمل، التي أراها شفرة تضاهى شفرات مورس ابتدعها الجيل الجديد الرافض لكتابة الحروف العربية وهو لا يتقن الإنجليزية أصلا، وبدلا من أن يرفضها الآباء حفاظا على اللهجة المصرية ومن قبلها اللغة العربية، تعلموها وفكوا الخط وأصبحت مدخلهم لعالم أبنائهم.

أفكار ظلت تراودني طيلة الطريق إلى جامعة مصر،  حيث موعدي مع دكتور هشام عطية عميد كلية الإعلام بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا، وهناك التقيت أيضا الخبير الإعلامي ياسر عبد العزيز . حوار لطيف بدأ بالحديث عن حال الإعلام في مصر، لكنه سريعا اتخذ نفس منحى أفكاري، لغتنا وهويتنا وثقافتنا، حديث جذب أساتذتي الأفاضل وكأنه ضغط على الجرح.

نرشح لك : رد وزير التعليم على أزمة تعريب المناهج في 3 نقاط

فاللغة ليست وحدها من تغيب عن الجيل الجديد، بل كل ما شكل هويتنا ووجداننا على مدار سنين، جيل لم يسمع كوكب الشرق أم كلثوم، فقط سمع موسيقى “أنت عمري”  ريمكس ، ولا محمد عبد الوهاب موسيقار الأجيال، جيل لم ينتظر مشهد “نورماندي تو” وهى تغرق في “ابن حميدو”. ليست هذه الأزمة فقط، فعوامل الزمن قد تكون كفيلة بذلك، لكنه جيل لم يشاهد فيلم “الكيف”، لا يعرف عن أحمد زكي سوى أنه كان شغال عامل في ألمانيا واسمه “مهمد”، فما شكل قوة مصر الناعمة! على مدار عقود توقف عن المرور لعالمهم.

نرشح لك :  أحمد عبد الصمد يكتب: مهمة خاصة.. الفارون من الحياة إلى المجهول

أي ثقافة تشكل هذا الجيل؟ أى هوية يعرفونها؟ أى لغة يكتبونها؟ أى أعمال سنيمائية او درامية تشكل وجدانهم؟ سؤال سيظل حائرا طالما لم يطبق نظام تعليمي يحفظ الهوية واللغة، ولم يتواجد إعلام وأعمال فنية تشكل يوما قيمة في ذاكرة أجيال قادمة.