عماد الدين حسين: فقاعة الفضائيات توشك على الانفجار
قبل نحو أسبوع تلقيت اتصالا هاتفيا من سائق فى قناة فضائية وبعد السلامات والطيبات سألته عن أحواله فقال لى نصا: «كلنا فى القناة بنكح تراب» ثم استفاض الرجل الذى يحمل مؤهلا فوق المتوسط فى شرح الحالة المالية البائسة للقناة.
لم اتفاجأ بكلام السائق بل لفت نظرى تعبير «نكح تراب»، وقبل هذا الاتصال كنت ــ بحكم عملى وترددى على معظم القنوات ــ اعرف غالبية تفاصيل الأزمة، وان حال أكثر من نصف الفضائيات الكبرى هو نفس حال هذه القناة فالجميع تقريبا فى الهم شرق.
قبل ثورة يناير كانت هناك قناتان فضائيتان أساسيتان هما دريم والمحور بجانب قنوات التليفزيون المصرى. وبعد الثورة شهدنا انفجارا فى عدد الفضائيات. وكانت تلك هى الفترة الذهبية للفضائيات المصرية من حيث الاستقرار المالى وهامش الحرية الذى وصل إلى حد الانفلات خلال تلك الفترة.
بعد ثورة ٣٠ يونيو اغلقت القنوات الدينية التى دعمت الإخوان والمتطرفين، وفى المقابل رأينا طفرة فى القنوات التى تدعم الثورة الجديدة.
رأينا أموالا كثيرة يتم ضخها فى سوق الإعلام، بعضها من رجال الأعمال المحليين بحثا عن نفوذ أو لـ«التنقيط» للنظام الجديد، وبعضها رءوس أموال عربية وربما أجنبية.
هذا الضخ المبالغ فيه خلق نوعا من التشوه فى سوق الإعلام ومبالغ فلكية تدفع لنجوم هذه المهنة، ثم رأينا فضائيات كثيرة تنشأ وكذلك صحفا.
كان من اللافت للنظر أن غالبية وسائل الإعلام تقدم نفس المنتج وأحيانا نفس الضيوف لنفس المستهلكين، بل إن بعض أصحاب الفضائيات كانوا ينافسون أنفسهم بكل ما تعنيه الكلمة، ويطبقون شعار أحمد حلمى مع حسن حسنى وغادة عادل فى فيلم «جعلتنى مجرما» وهو «عليك ان تأكل نفسك حتى لا يأكلك الآخرون».
ولأن السوق كانت مشوهة ولا تعبر عن عرض وطلب فعلى، فكان لابد للحظة الحقيقة ان تجىء خصوصا مع التطورات السياسية محليا واقليميا.
هذه اللحظة حانت الآن، فضائيات لم تصرف رواتب موظفيها منذ خمسة شهور، قنوات قررت الإغلاق تماما، وأخرى قررت ان تطبق أقصى معايير التقشف من خفض الرواتب إلى تقليص أعداد الموظفين، إضافة إلى تخفيض ميزانية الإنتاج والتى اثرت بشكل واضح على المضمون، حيث تمت زيادة البرامج المسجلة والغاء او تقليص برامج وتحقيقات ومقابلات الهواء الحية.
بالطبع التوسع المبالغ فيه وعدم إجراء دراسات جدوى اقتصادية حقيقية والاكتفاء «بدراسة الجدوى السياسية السريعة» كان أحد الأسباب الرئيسية للأزمة، لكن المشكلة الاقتصادية العامة فى البلاد لعبت دورا فاعلا فى الماسأة بعد تقلص حجم ميزانيات الدعاية والإعلان فى غالبية الشركات.
والآن فإن «عاصفة الحزم» والاصطفاف السياسى الجديد فى المنطقة قد «يلخبط» العديد من التحالفات ويوقف العديد من البرامج بل ويغلق بعض الفضائيات.
البعض يقول إن ما شهدته الفضائيات من رواج فى السنوات الماضية كان مختلقا، وفى أحسن الأحوال كان ظرفا طارئا، وان التوصيف الأفضل لهذه الفترة انها كانت أقرب إلى «الفقاعة» منها إلى الصناعة الحقيقية التى تعبر عن واقع فعلى.
يعتقد هؤلاء ان المصير المحتوم لأى فقاعة هو الانفجار ان آجلا أو عاجلا. أما البديل فهو أن سوق الإعلام لابد ان تبدأ فى مرحلة تصحيح نفسها وإلا ستتعرض لكارثة لا تجعل «كح التراب» قاصرا على فضائية واحدة.
هذا التصحيح لابد أن يقوم على مبادئ أساسية أهمها دراسة الجدوى الفعلية وإعادة دراسة السوق وأذواق المستهلكين ثم تقديم مواد إعلامية حقيقية عبارة عن أخبار متميزة وتحليلات معمقة بدلا من التطبيل أو التدجيل.
قد يسأل البعض: هذا عن الفضائيات فماذا عن الصحف؟! الإجابة لاحقا ان شاء الله.
اقرأ ايضا:
ريم ماجد تعود عبر برنامج مُسجل
لميس الحديدي: تغور الفلوس اللي تيجي من الحشيش
بسمة وهبة: ساكتين ليه على طريق المريوطية؟
“كلمة حق” يختصم لسيدة أقرضت جارتها فضربتها
الحسيني عن وقف إبراهيم عيسى: بتموتونا من الضحك
تامر أمين: إسلام بحيرى متكبر ومبيحترمش حد