محيي الدين أحمد: أنغام الأولى والأخيرة.. أنغام الوحيدة  

(1)

m
محيي الدين أحمد

ذلك المشهد الفضائي لأحدهم يسير على شاطيء البحر حاملاً كاسيت “دبل باب” على كتفه يستمع إلى أغانيه، أنتهى أخيراً بظهور المعجزة الصغير الـ “واكمان” ليصبح عدد “اتنين حجارة قلم” يكفي للاستماع إلى أحد الألبومات “رايح جاي” مرتين أو ثلاثة.

بالتأكيد كان لابد من أن يجلبه أحدهم إلى المدرسة ليتم تحريزه، واستعادته مرة أخرى تعني الذهاب إلى حجرة الاخصائية الاجتماعية والتعرض لأبشع أنواع العذاب النفسي، وإحقاقاً للحق لم تكن “ريهام سعيد” هي من بدع “مش ندمان إنك عملت كدة؟!” ريهام ما هي إلا ضحية لأحد الاخصائيات في مدرستها قديماً، لكن كانت المفاجأة هي أن ذلك الفتى المؤدب الذي لا يوجد بتاريخه سابقة استدعاء ولي أمر، أو أي نوع من أنواع الشغب الطلابي السخيف، لذلك تحولت غرفة التعذيب النازي إلى عيادة دكتور “عكاشة” للطب النفسي البديل، وبدأت النصائح تنهال كالسيل لكنها أيضاً كانت من نفس نوعية نصائح ريهام سعيد “إنت مش عارف إن الواكمان ممنوع في المدرسة” حتى قامت أحداهن، بإخراج “الشريط” ليصمت الجميع من هول المفاجأة، ابن الثالثة عشر يستمع إلى أنغام، ظهر الشريط بلونه البني الفاتح وشعار صوت القاهرة، وقتها كانت “بتحبها ولا بتفكرك بيا”، هي البطل للعوام من المتفرجين على “طلباتك إيه ميه مسا على القناة الخامسة” لكن الفتى الصغير وقتها بدأ يحكي لمدرسينه عن “إلقالك حد”، “ساعدني واساعدك” “مافهمتنيش” و”الدنيا دروب” فكانت النتيجة هي مصادرة الشريط لمدة أسبوع حتى يتسنى للمدرسات نسخه.

(2)

في أسرة يحمل كل فرد فيها ذوق موسيقي خاص به ومجموعة من شرائط الكاسيت التي يتطلب الاقتراب منها تصريح من الجهات العالية، كان لابد أن يتكون ذوق خاص لذلك الطفل الصغير، بين خال صغير السن يهوى تجميع شرائط محمد فؤاد وعمرو دياب وقت ما كانت المنافسة بينهم على أشدها، ويكون مكتبة من شرائط الحجار وإيمان البحر درويش، وخالة تستمع لذكرى وسميرة سعيد ونادية مصطفى، وأم تجد ضالتها في أصالة بعد سنين من الغرام مع أم كلثوم، أختار الطفل بمنتهى الحرية أن تكون أنغام هي مشروعه الخاص، سنوات بدأت بـ “لا لي لي لالي” توسطها “شنطة سفر” و”بتحب مين” لتكون الانطلاقة الحقيقية مع خروجه من تحت سيطرة رأس المال، وتمكنه من مصروفه ليصبح له الحق في شراء ألبوم “ليه سيبتها” مرتين بعد ضياعه في المرة الأولى عند أحد الأصدقاء، ووضع بوستر كبير الحجم في غرفة نومه ليتوسط بوستر “حازم إمام” و “عمرو دياب” بعد أن ربح الأخير سباقه مع “محمد فؤاد” بالضربة القاضية “تملي معاك”.

(3)

طفل صغير: أنا عايز أبقى مايسترو فرقة أنغام

الأم: في أجازة الصيف أبقى أتعلم مزيكا

مرت أجازة صيف تلو الأخرى بلا أي تحرك حقيقي نحو التمكن من التفريق بين الـ “دو” والـ “الصول”، ليتحول الحلم إلى “طيب ألعب جيتار في فرقتها” ثم ليتحول الأمر إلى تعلم كتابة الشعر والاستفادة من ذلك المخزون الكبير من حفظ كلمات الأغاني.

مجرد رؤية ما بينها وبين “أمير عبد المجيد” قائد فرقتها في ذلك الوقت، كان مبرر لبدأ الشرارة الأولى نحو البحث عن طريقة للعمل معها، للتحول إلى جزء من المشروع المسمى “أنغام”، كان بينهم تفاهم غريب على المسرح يحرك داخل ذلك الطفل الصغير الطموح، فكانت البداية بغلق باب الغرفة واستخدام “المسطرة الـ 20 سم” في توجيه فرقة وهمية تقف أمامه في احترام شديد، يتخلل توجيه الفرقة نظرات جانبية إلى الكاسيت متخيلاً إياه “أنغام” ليطمئن أن كل شيء يسير على ما يرام.

(4)

تتوالى قصص الحب التي يبدأ فيها ذلك المراهق تعريف نفسه بأنه يحب الاستماع إلى أنغام، في ذلك الوقت، كانت تلك الصفة دليل على الاختلاف والتميز، في فصل يتكون من 50 طالب لم يكن هناك من يستمع لأنغام بمحض إرادته قبل قنبلة “سيدي وصالك” وحتى بعدها لم تكن “راحت ليالي” و”نجوم الليل” مألوفة لأصدقاء “الديسك” ليكون هو مدخل “شلته” في الاستماع إلى أنغام بإنصات شديد، لتبدأ شهرته بعد واقعة “غرفة الاخصائية” السابق ذكرها، لتصبح أغاني أنغام بمثابة الموسيقى التصويرية في حياته، في بداية ونهاية كل قصة حب أنغام حاضرة بقوة، لتذهب تفاصيل القصة نفسها أدراج الرياح، وتبقى الأغنية وما تحمله من مشاعر، يتذكرها كلما يستمع إلى الأغنية مرة أخرى.

(5)

كانت الطقوس الخاصة بقرب ميعاد إصدار ألبوم أنغام الجديد غريبة بعد الشيء، تتوقف الأغاني العربية من جميع مشغلات الصوت، لتصبح الأغاني الإنجليزية بديل مؤقت، والسبب هو أن ألبوم أنغام على الأبواب، ولابد من تهيئة النفس شيء يشبه “تنضيف هيد الفيديو” قبل تشغيل فيلم جديد، ليصبح “عمري معاك” ألبوم العمر، مجموعة كبيرة من الاسماء الشابة، موسيقى عصرية جداً، كلمات مختلفة عن ثلاثية “ليالي وغالي وبالي” وأحياناً ما يلازمهم “حالي” حيث كان يلجأ جميع الشعراء بلا استثناء في نحت كبار المغنيين من خلال تلك القافية، حيث يمكنك بمراجعة بسيطة للأغاني في فترة 1999_2004 يمكن الاستماع إلى أغنية بها تلك القافية لأي مغني ناجح في تلك الفترة، لكن أنغام ليس لها شبيه أو مثيل، هي من ظهرت في وجود كبار النجوم وحافظت على تواجدها واختفى الجميع.

(6)

يتحقق الحلم، ويتم التعارف، وتكثر الجلسات، يرن الهاتف فيظهر اسمها، يعلو الوجه إبتسامة طفولية، يطول الحديث فأستمع إلى القصص التي قرأتها سابقاً في الصحف، لكن برواية صاحبتها، أسرح مراراً وتكراراً في كيفية سير الأحداث بهذا الشكل، أبعد أحلامي يجلس بجانبي يحكي جزء محوري من ذكرياتي، لكن من منظوره هو، لتحتفظ ذكرى لقائتنا لدي دائماً بـ “شبورة” كالتي تحيط الأحلام، وبالرغم من ذلك يعجز الزهايمر المبكر في محو تفاصيل تلك اللقائات وما بها من أحاديث.

أتذكر كل هذا وأنا أشاهد “هاني فرحات” يوجه عازفي الوتريات في بروفة حفل أوبرا القاهرة 2013، أتذكر ذلك الحلم القديم بهذا الدور، فأبتسم بشدة، شيء ما بداخلي ينحاز نحو تجربة هاني فرحات، أشعر نحوه بأنه حقق حلمي الخاص، فهو صغير السن المحبوب من جميع أطراف الوسط الموسيقي، موهوب يستحق أن ينال تلك المكانة، لتنتهي البروفة وأنا أتجه نحوه لأصافحه في جذل طفولي شديد.

(7)

كل ذرة من وجداني تعشق أصالة، أتحمس لأمال ماهر وأراهن عليها، أتابع صعود جنات بشيء من الرضا، يأتي ويذهب الكثير والكثير من الأصوات، أستمع إليهم جميعاً بأهتمام، لكن لم يستطع أحد يوماً أن يحل محلها، تبقى هي الأولى والأخيرة، تبقى هي الوحيدة بقلبي.

اقــرأ ايضــا : 

الحسيني عن وقف إبراهيم عيسى: بتموتونا من الضحك

تامر أمين: إسلام بحيرى متكبر ومبيحترمش حد

السيسي يرسل برقية تهنئة لمراسل cbc بمناسبة زفافه

محمد حليم بركات : هل يفكر إسلام أم يشكك ؟

 إبراهيم عيسي: ليس أمام مصر إلا المشاركة في عاصفة الحزم

القرموطي يدخن “الشيشة” على الهواء

 هل يحق لساويرس إدارة ontv عبر تويتر؟  

 مفاجأة.. برنامج إسلام بحيري مستمر علي “القاهرة والناس”   

4 بدائل أمام إسلام بحيري للعودة من جديد

وقف برنامج إسلام بحيري خلال 15 يوماً‬ 

تأجيل دعوى إغلاق 62 قناة فضائية غير مرخصة لـ 3 مايو

27 جنيه سعر الإعلان لمدة دقيقة على القنوات ” الشمال”.

رفض دعوى السب والقذف ضد أحمد موسى

تأجيل محاكمة منى عراقي وطارق نور بتهمة إذاعة أخبار كاذبة

مناظرة القاهرة والناس : 6 أخطاء لإسلام بحيري‬‫

وفاة والدة الكاتب الصحفي مصطفى بكري

مظهر شاهين يطلب شراء قناة الشرق.. ومعتز مطر يرد

عمرو أديب : الجيش موجود للحرب مش لرصف الشوارع

عكاشة: الإعلام المصري سيُصيب مصر بنكسة

بسمة وهبة : بغير من كل واحدة محجبة

تابعونا عبر تويتر من هنا
تابعونا عبر الفيس بوك من هنا