أحمد آدم واستنساخ القرموطي للمرة الخامسة.. "معلش إحنا بنفشل"

نرمين حلمي
 
أعلن الفنان أحمد آدم، قبل أيام قليلة، عن بدء تصوير فيلمه الجديد “قرمط بيتمرمط”، ونُشرت صورة له تجمعه بالمنتج أحمد السبكي والفنان بيومي فؤاد، حيث يظهر الأول بهيئة قريبة الشبه إلى حَد كبير بشخصيته المشهورة “القرموطي”.


 
ظهر في الصورة بـ”الصلع” الذي يتوسط الرأس، والشعر الأبيض، مرتديًا جلبابًا رماديًا، وواضعًا شاربًا كثيفًا فوق فمه؛ وهو الأمر الذي أشار إلى استحداثه لشخصيته الكاريكاتورية من جديد، والتي اعتاد أن يقدمها في بطولاته الفنية، دون وضع عين الاعتبار لرغبة المشاهد في تغير جلد تلك الشخصية، والرغبة في مشاهدة رؤية كوميدية جديدة لـ “آدم”، بعيدًا عن النمطية المستهلكة لكوميديته.
 
فيما يلي نستعرض الأعمال الفنية، التي استعان فيها “آدم” بشخصيته المُكررة، ليجذب المشاهدين له من جديد، وكأنه يُكرر شخصية “اللمبي” ذاتها، والتي فرضت في الآونة الأخيرة على الفنان محمد سعد البعد عنها، ليستعيد ثقة الجمهور في أعماله الفنية من جديد.
 
“سر” النجاح الأول
 
خلال حوار سابق له مع الإعلامية راغدة شلهوب، في برنامج “100 سؤال” عبر فضائية “الحياة”، قال “آدم” إن شهرته بدأت منذ ظهور شخصية “القرموطي”، وهى الشخصية التي أحدثت صدى كبيرًا لدى الجمهور، وبالفعل هذا صحيح؛ فشخصية “القرموطي” ظهرت لأول مرة من خلال مسلسل “سر الأرض”، من إخراج أحمد بدر الدين وعز بدر الدين، والذي بدأ عرضه على شاشة التليفزيون المصري، منذ عام 1994، واستمر لعدة سنوات بعد ذلك.
 
كان هذا المسلسل مُعدًا لفئة خاصة من المجتمع، وهم الفلاحين وأهل القرى الريفية، ولكنه نجح في استقطاب فئات أخرى مختلفة، وعمل على نشر التوعية الخاصة بالأرض الزراعية، وإعطاء النصائح والإرشادات الخاصة لهم، لتساعدهم في العناية بأراضيهم، فضلاً عن المشروعات الزراعية الأخرى مثل تربية الحيوانات، وكان اختيار شخصية “القرموطي” في هذا العمل، اختيارًا موفقًا، فقد ألف المُشاهد حركاته الكوميدية، حتى ذاع صيته وحفظه الجمهور أكثر من شخصية “آدم” الحقيقية.
 

 
 

“معلش إحنا بنتكلم”
 
قدَّم “آدم” العديد من الأعمال الفنية بشخصيات مختلفة، ثم عادت شخصية “القرموطي” مرة أخرى بعد أربع سنوات من خلال مسلسل “ست كوم”، باسم “القرموطي في مهمة سرية”، وهو مسلسل من تأليف مهدي يوسف ومن إخراج أحمد بدر الدين.
 
لكن العودة في تلك المرة، كانت أشد وطأة من سابقتها، حيث أصبح “القرموطي” يتصدر المشهد بأكمله، بدءًا من اسم الفيلم وصولاً لمحور القصة، والذي كان يدور في إطار كوميدي بوليسي، حيث جسد “آدم” في المسلسل شخصية “فراش” يعمل في وزارة الخارجية، ويقومون بتكليفه بمهمة وهمية، لكشف ملابسات واقعة تسرب أسرار اقتصادية، ليُكتشف في النهاية أن الجاسوس موظفة سابقة داخل الوزارة، ومن ثمَّ ذاعت شهرة لازمة “معلش إحنا بنتكلم” تزامنًا مع زيادة شهرة “اَدم” متخفيًا في عباءة “القرموطي” بعد هذا العمل الدرامي.

القرموطي VS آدم
ألَّف السيناريست يوسف معاطي عملاً فنيًا جمع ما بين موهبة “آدم” التمثيلية وشخصية “القرموطي”، التي قد تخطت مرحلة الانتشار والمعرفة للجمهور ودخلت في مرحلة اختيارها في الأعمال الفنية عن قصد، وأصبح على عاتق المخرج شريف مندور مسئولية كبيرة لتوجيه الأداء ما بين الدورين اللذين قام بهما “آدم”، من خلال تجسيده لدور الابن والذي يُدعى “وحيد” ودور الأب في هيئة “القرموطي”، في فيلم “معلش إحنا بنتبهدل”، عام 2005، ولكن تلك المحاولة أيضًا لم تجلب ثمارها بالشكل الكافي، حيث أنجذب الجمهور أكثر، إلى شخصية “القرموطي” في الفيلم، بالرغم من اعتيادهم على حركاته الهزلية المعتادة من أعماله السابقة.
 
لكن ظهور “وحيد” في هيئة شخصية ضعيفة وسطحية، لم يساعد “آدم” في ظهور إمكانيات تمثيلية لدور آخر ينجح في مبارزة “القرموطي” ويلفت نظر الجمهور، حيث كان “وحيد” في الفيلم يعاني من ضياع حلمه في السفر إلى الولايات المتحدة، فضلاً عن عدم قدرته على الزواج من الفتاة التي أحبها، وتدور مغامرات الفيلم في العراق ثم ينخرطا في الكثير من المشاكل السياسية، ويفقد الابن “وحيد”، إلى أن يعثر عليه أباه ويعود به مجددًا إلى مصر ويزوجه من الفتاة التي أحبها، وهو الأمر الذي ثبت أقدام “القرموطي” مجددًا في عقل المُشاهد، وجعل “آدم” يخسر منافسته الأدائية في دور “وحيد” أمام شخصية “القرموطي”.

القرموطي والسياسة
 
منذ عام 2005 وصولاً إلى 2017، شارك “آدم” في عدة أعمال سينمائية وتليفزيونية ومسرحية، جميعها أعمال فنية، تناقش قضايا اجتماعية وإنسانية بقصص مختلفة، ولكنها لم تتطرق إلى مناقشة أية قضايا سياسية، حتى ظهر “القرموطي” مجددًا، في فيلم “القرموطي في أرض النار”، وهو فيلم قد أدى إلى تغير حديث في شخصية “القرموطي”، فبدلاً من ظهوره المعتاد بـ”الجلباب الصعيدي” خلع العباءة وظهر على أفيش الفيلم مرتديًا “بيجامة” يتخللها اللون الأزرق بدرجاته وألوان أخرى، في إشارة لرمز الحداثة، الذي يتضمنه الفيلم ضمن سياق الأحداث.
 
الفيلم كان يتحدث عن استخدام شخصية “القرموطي” للتكنولوجيا، ومن ثمَّ يظهر دورها في الأحداث التي تقع، وتأثيرها الكبير في حياة الناس، إلى أن يقع له حادث يجعله أسيرًا لتنظيم “داعش”، ويظهر من خلال الفيلم مدى فهمهم الخاطئ للدين، وتأثير الجهل عليهم وعلى من يتبعهم.
 
ليبدأ من هنا نقطة النقاش السياسي، ويندرج الفيلم ضمن قائمة الأفلام ذات البُعد السياسي، على أن نعيش اللحظات التي يتعرض فيها لصراعات داخلية وفكرية، ما بين الانضمام للتنظيم أو محاولة تصحيح وجهات النظر أو الهروب، وكان الفيلم من إخراج أحمد البدري، وتأليف محمد نبوي وعلاء حسن.

التكرار “يحرق” الأدوار!
الجو التفاعلي الذي يخلقه الممثل مع الجمهور، كي يجعل الأخير ينسى عباءة الأول الحقيقية وشخصيته الأصلية، وينسجم مع تلك الشخصية الدرامية خلال صراعتها ومشاكلها في العمل المروي أمامه، هو الأمر الذي يعلن نجاح الممثل من عدمه، وهو الأمر الذي لم يوفق فيه “آدم” مؤخرًا، حينما اعتاد على أن يقرر نفس الشخصية النمطية، وكأننا نرى سلسلة أفلام متتالية، لبطل واحد، بشخصية واحدة، وأداء واحد، وردود أفعال واحدة، فبات المُشاهد يتوقع تصرفه من قبل أن يحدث داخل إطار العمل الفني، ومع العودة مجددًا للمرة الخامسة، بشخصية “القرموطي” في فيلم “قرمط بيتمرمط”، تُطرح الأسئلة حول ماهية هذا الدور وما جديده؟، على أمل ظهور قدرات “َآدم” التمثيلية خارج إطار “القرموطي” البطل الأوحد للأداء الهزلي الكوميدي، المتعارف عليه.