ما فعلته الميديا بـ أحمد التباع

نورا مجدي

في وقت ما.. كان يعتقد البعض أن وسائل الإعلام في العالم العربي تعاني من بعض السياسات التي جعلت “الإعلام” يناقش ما تريده الحكومات فقط، إلا أن التحول إلى الديمقراطية الإعلامية قد طالته بعض الاتهامات هو الآخر، حيث وجدنا في السنوات الأخيرة إعلامًا يقول ما يريد وينشر ما يريد، بصرف النظر عن جودة وأهمية ما يُقدم للجمهور، وانطلاقًا من تلك الحقيقة يمكننا القول إن وسائل الإعلام قد اتخذت حرية التعبير سببًا لإلقاء الضوء على العديد من الموضوعات غير الهامة، ومن بينها نجد بعض الأشخاص الذين اقتحمت أخبارهم الإعلام عنوةً، حيث سار محرروا الأخبار في الميديا خلف هؤلاء بقصد جلب المشاهدات، دون الانتباه إلى ما سيستفيده المواطن العادي من متابعة قضايا هؤلاء الدخلاء على “الميديا” والذين تصدرت أخبارهم المشهد في القنوات والصحف، ووصلت أسماؤهم إلى الـ “تريند” كما لو كانوا أبرز المشاهير.

مع الإيمان بدور الإعلام وأهميته في تناول أهم الأخبار، وإيصال الرسائل بمصداقية بعيدًا عن الإخلال بالمحتوى الإعلامي أو تشويه الرأي العام بموضوعات تنأى عن الأهمية واحترام المشاهد والقارئ، من هذا المنطلق يرصد إعلام دوت أورج بعض القضايا التي أثَّر تناولها سلبًا على المتلقي وكذلك على الوسيلة الإعلامية التي يقتضي تواجدها احترام عقلية المشاهد والقارئ ويناقش:

القضية الثانية.. أحمد التباع 

 (أضغط هنا للتعرف على القضية الأولى)

هبة-ليكس

اشتهر أحمد التباع سائق عربيات النقل الثقيلة بسبب تسرب مكالمة “جنسية” له مع فتاة تدعى “هبة” على الإنترنت عام 2011؛ كانت المكالمة تحتوي على الكثير من التلميحات والألفاظ الخارجة، وقد لاقى ذلك التسريب رواجًا سريعًا حيث انتشر بصورة كبيرة على مواقع التواصل الاجتماعي مما جعله أحد أبرز مشاهير السوشيال ميديا في ذلك الوقت الذي ظهر فيه، ووصل الأمر بشهرته إلى ظهور اسمه على لوحة تحمل اسم شارع متفرع من شارع حافظ وهبة أحد أبرز الشوارع في طنطا.

 

بعد تسريب المكالمة ظل “التباع” يظهر ويختفي، من خلال بعض مقاطع الفيديو المسجلة، والتي عُرف من خلالها بعدة تعبيرات تحتوى على العديد من عبارات السباب.

لم تكن السوشيال ميديا سبب شهرته الوحيدة حيث تم استضافته في عدد من البرامج التليفزيونية باعتباره نجمًا يريد الناس الاستماع إلى ما يقوله، كما أصبح نجمًا لعدد من فيديوهات السوشيال ميديا التي يقدمها عدد من مشاهيرها.

 

 

كما ظهر في إحدى حلقات رامز جلال في برنامجه، الأمر الذي تسبب في زيادة شهرته حيث إنه قبل تلك الحلقة لم يكن كثير من المصريين يعرفون من هو “أحمد التباع” أصلا، إلا أن ظهوره في البرنامج الأكثر مشاهدة في الوطن العربي خلال شهر رمضان، أكسبه شهرة كبيرة.

 

 

لم تكتفِ وسائل الإعلام بظهور “التباع” في البرامج المصنفة للكبار فقط لكنه ظهر أيضا في الكارتون، حيث قامت إحدى قنوات يوتيوب المخصصة للرسوم المتحركة بتصميم صور كارتونية لشخصية التباع وهبة، وبأكثر الجمل الطريفة التىي وردت في المكالمة.

 

 

ومن الغريب أن أحمد التباع قد تحول بجملته الشهيرة “أهبة أحبيبت قلبي” إلى رمز ساخر لإثارة الضحك، فقد تم تقديم فقرة حوله في مسرح مصر بعنوان “مداخلة أحمد التباع”.

 

ومع كل ذلك الاهتمام من قبل وسائل الإعلام نجد أن أحمد التباع قد تصدر “تريند” موقع التواصل الاجتماعي “تويتر” حينما جاء في المركز الأول بأكثر الكلمات المتداولة على الموقع بعد عرض حلقته مع رامز جلال.

 

كيف أخفق الإعلام في التعامل مع أحمد التباع ؟

من الأمور اللافتة، ذلك الاهتمام الإعلامي الكبير وتسليط الضوء على قضية أحمد التباع، لكن الغريب في الأمر هو ظهوره في البرامج والقنوات والتعامل معه على أنه أحد المشاهير بينما كان من المفترض ألا تهتم وسائل الإعلام بمثل تلك الأحداث وإذا حدث وتم تناولها كان لابد من التركيز على الخطأ الذي ارتكبه، لا أن يظهر كأحد النجوم السينمائيين ويتم استضافته في البرامج وزيادة شهرته دون لوم أو تأنيب.

ذلك الاهتمام من جانب وسائل الإعلام وتصوير “التباع” كأحد النجوم المشاهير، قد يمنح الفرصة للعديد من الأحداث المشابهة والتصرفات الخاطئة في الظهور، ففي الوقت الذي يبحث فيه الكثيرون عن الشهرة بأسهل الطرق، تظهر أمامهم تلك القضية التي أصبح محركها الرئيسي نجمًا يتصدر اسمه صفحات مواقع التواصل، وتحقق مقاطع الفيديو والتسجيلات الخاصة به نسب مشاهدة عالية، الأمر الذي يؤثر على تفكير الشباب ونظرتهم لكيفية التعامل مع مثل تلك الأمور والقضايا.