كريم أنور يكتب: محاولة لإرضاء الجميع

تتحقق الكثير من الأشياء المهمة في هذا العالم لأولئك الذين أصروا على المحاولة على الرغم من عدم وجود الأمل، هكذا يرى الأديب الأمريكي ( ديل كارنيجي ) أن الإصرار على تحقيق الأهداف هو أهم صفات الإنسان الناجح، ويتفق معه رجل الصناعة ( أندرو كارنيجي )، والذي يقول إن الإنسان الذي يمكنه إتقان الصبر يمكنه إتقان أي شيءٍ آخر، ويتفق معي في أن النجاح لن يأتي إليك برغبة من حولك، إن لم تكمُن الرغبة بداخلك، فيقول لا يمكن دفع أحد لإرتقاء السلم إذا لم يكن راغبًا في الصعود، ترك ( أندرو ) اسكتلندا طفلاً، ليعمل خادماً بأمريكا، ومات بعد أن أثرى الحركة الصناعية في القرن العشرين، ومن المفارقات أن نعرف أن ذلك الرجل الذي تشع كلماته بالطاقة الإيجابية والنشاط، هو صاحب فكرة تزويد القطارات بالسرائر، والتي عرفت فيما بعد، بعربات النوم.

نرشح لك.. خبير سياحي: وزير الطيران لم يتفق علي عودة السياحة الروسية

لم تجمع أي صلة للقرابة بين العظيمين ( كارنيجي )، كل ما جمع بينهما هو قناعتهما الكاملة بقيمة العمل والإصرار على تحقيق الأهداف، كذلك لم تجمع أي صلة قرابة بين ( جوزيف إديسون ) و ( توماس إديسون )، فالأول هو صحفي انجليزي أدرك أنه لا يوجد شئ نستقبله بممانعة مثل النصيحة، والثاني هو أمريكي ، لم يتمكن فقط من إضاءة العالم بإختراعه للمصباح الكهربي، ولكنه أيضاً أضاء عقول البشر بمقولاته التي تحث على الصبر والمحاولة ومقاومة الفشل، مثل : “الكثير ممن فشلوا لم يدركوا مدى قربهم من النجاح عندما استسلموا”.

تذهب بعض الآراء أن ( إديسون ) لم يكن أول من نجح في اختراع المصباح، فقد سبقه أكثر من ثلاثة علماء في هذا المجال، ولكن الذي ميز (إديسون) أنه نجح في اختراع مصباح يصلح للتطبيق على أرض الواقع بتكاليف متواضعة، ليتحول لسلعة تجارية.

اخترع ( إديسون ) أكثر من 1300 اختراع، وطوّر العديد من أجهزة التليغراف، التي أحدثت وقتها طفرة في عالم الاتصالات والتواصل بين البشر، لا ندري إن كان ذهب خيال إديسون إلى أن القرن الذي يلي وفاته سينجب عقولاً تخترع ( واتس آب ) و ( فايبر ) ، وغيرها من برامج التواصل التي حولت جهاز التليغراف لجهاز أثري مكانه المتاحف، لكنه اكتفى بأن يختتم سنوات عمره بمقولة: “أنا فخور بحقيقة أنني لم أخترع سلاحاً يقتل” .

نفسي الأمارة بالسوء حدثتني بأن تلك المقولة كانت بمثابة ( تلقيح كلام ) من ( إديسون ) على ( ألفريد نوبل) ، العالم السويدي الذي اخترع الديناميت، والذي أوصى بجزء كبير من ثروته، لتصبح جائزة دورية للمخترعين، ويرى البعض أن هذا التصرف جاء تكفيراً من نوبل عن ذنبه، بعد شعوره بتأنيب الضمير، بسبب استخدام اختراعه في القتل، في حين أنه اخترعه لتفجير الجبال للبحث عن مناجم، وإخراج ثروات الأرض.

نجح هؤلاء العلماء والمفكرين، وغيرهم الآلاف، لدرجة دفعتنا لأن نتحدث عن تجاربهم بعد مئات الأعوام التي مرت على رحيلهم، ورحلوا دون أن يصفوا لنا طريقاً واضحًا للنجاح، حتى الأديب أنيس منصور بدأ مقولة بـ “وراء كل نجاح إمرأة” واختتمها بـ “ووراء كل فشل امرأة أخرى، ليتركنا واقفين في منتصف الطريق .

من وجهة نظري الوحيد الذي اقترب من تحديد وصفة مضمونة للنجاح هو المؤلف الأمريكي ( بيل كوسبي )، حيث اعترف قائلًا: ” لا أعرف ما هو سر النجاح.. لكن سر الفشل هو محاولة إرضاء الجميع”.