يسرا "المُعلّمة".. صاحبة 2017

ريهام المصري
 
يختار كل عام يمر من يمثله، ومن يكون نجمه ليختص البعض عن البعض، ليكن هذا العام من نصيب صاحبة البهجة “يسرا”.
 
ليتوج العام بقرب نهايته باحتفاء جديد لها، لتكون رئيسا شرفيا لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته ٣٩ الذي تنطلق فعالياته خلال الساعات القليلة القادمة، ليكن اختيار مميز أمام دورة أصر القائمين عليها أن تتوج بالتميز في اختيار من يرأس المهرجان، ومن يخطو على سجادته الحمراء الملكية التى شهدت خطوات نجوم العالم.
 
ولكن يبقى السؤال من هي “يسرا”؟، هي ليست فقط النجمة صاحبت الإطلالة المميزة بالمهرجانات العالمية، وليست فقط صاحبة الابتسامة السحرية أمام عدسات الكاميرات، بل لمن لا يعرفها جيدا هي “المُعلّمة” بكل ما تحمله الكلمة من معاني مختلفة.
 
ليس سهلا أن تخطو خطوة واحدة خلف أسوارها الشائكة التي تحصن بها ذاتها عن الغرباء وعن صائدي الأخطاء، ولن تفتح أبواب قلعتها المميزة إلا بإرادة حرة منها.
 
ما أن تخطو خلف أسوارها حتى تتكشف لك حقائق مجهولة وتظهر إجابة لسؤال يطن برأسك ما أن تأخذ خطوتك الأولى بقلعتها الخضراء، من تكون سيدة القصر؟! ما الذي تخبئه خلف أسوارها؟! كيف تبدو؟!، حتى تظهر لك لتجيبك دون أن تنطق بابتسامتها المعهودة.
 
للوهلة الأولى يبتلعك شعور الغربة داخل أروقة قلعتها، وربما تبدو طلتها الأولى محيرة صامته ولكنها تستطلع الأمر بهدوء وصمت، لتزيل حيرتك المبررة ببساطة لن تلحظها، لتكتشف بأنك صرت ضمن مجموعة التفت من كل حدب وصوب دون أن تدرك لطلب علم الحياة.
 
وما أن صرت واحدة بين صفوفهم حتى صار الأمر جليا، هي لا تنطق بكثير الكلمات ولكن تحاصرك بكثير الأفعال، وإن كنت تمتلك فراسة كافية ستلتقط بسهولة كل ما تريد أن تتعلمه، وإن كان يهمك الاقتراب فقط استمتع ببريقها في صمت وأنت الخاسر الوحيد.
 
صرت يوما بعد يوم أتعلم منها جديد، حتى صار شغف التعلم يزداد كزيادة النهر بحلول الفيضان، عملتني الكثير ولَم تنطق بكلمة، كيف يكون التسامح بحق المخطئ في ذاتي، وأن الكراهية لن تودي بحياة شخص غير الكاره، فهي نار تلتهم مشعلها قبل المحيط المشتعل.
 
علمتني أن الإنسانية ليست شعارا تتغنى به الحضارات الغربية والشرقية، بل هي حق أحق أن يتبع هي الفطرة التي نخلق عليها، وما أن يشتد عودنا وتنضح عقولنا، حتى يكون القرار لنا اما نغير تلك الفطرة أو نحتفظ بها لتكن دافع لِغَد نختار ملامحه كما تقرره فطرتنا.
 
وضعت مفاهيم جديدة للتعامل مع الحياة، الخير أصيل بنفوسنا والشر كذلك، والفائز بينهم خاضع لإرادتك، فهي لم تدع سوء الذكريات والمواقف الأليمة حافزا لدق أعناق البشر، بل جعلته كأس سعادة تتذوق منه وتتبادل رشفاته مع من يحيط بها، لتؤكد أن سوء الفعل من صاحبه وليس رد فعل مبررة.
 
وضعت مفاهيم آخرى عن معنى النجومية والنجاح والشهرة، فنجمها يعلو كلما اقتربت من الأرض أحدثت هزة بقلوب المحبين والمريدين والأهل والأصدقاء، فهي تعلم أن كثرة الارتفاع تعني الاختفاء، هي القريبة البعيدة ستجدها ما أن تطلب عونها وستتوارى عنك حين تجد صلابتك كافية لا تحتاج دعم.
 
بين ثنايا عقلها تتوه كثير من المعاني من الصعب اكتشافها أو امتلاكها، لمن لا يعرفها “يسرا” أو “سيفا” كما يلقبها المقربون من الأهل والأصدقاء، ليست فقط النجمة اللامعة صاحبة الأرصدة السينمائية والدرامية هي الإنسانة المحبة للحياة المحبة للعطاء والمحبة للغير، هي من يلتف حولها النجوم كصغار المعجبين ولا تلف حول شخص إلا إنسانيتها.
 
من أدهشتها الحياة بصدمات متتالية وأفراح متباعدة، لم تنهش من وجدانها الخصب ولَم تعبث بأوتار قلبها ولَم تبدلها.
 
وربما كلمات قليلة تصف مشاعر مجهولة داخلي، تجاه امرأة أجهلها وأجهل اسمها وربما أجهل ملامحها، ولكن تكونت صورتها بذهني هي الوالدة لتلك المخلوقة المتفردة بذاتها، من ظننتها ولازالت عند ظني أنها من لعبت الدور الرئيسي في تكوين وجدان سيدة القصر، ومن تغنت ابنتها بالحديث عنها فمن كان لها صلابة مواجهة مجتمع أصابه الصدأ، كان لابنتها نفس القدر من الصلابة لتحويل كل ذكرى أليمة إلى أيقونة سعادة تهديها لمن حولها فهي من تحزن في صمت وتفرح على الملأ لتتغنى بفرحها غير مكترسة بالوجوه العابثة، ومن يكن مثلها فهي “المُعلّمة” دوما يسرا.