مها ناجي تكتب: أبطال العالم مش مصريين

منذ بضعة أعوام بدأت تدريب ابني على السباحة إيمانًا مني بأهميتها بغض النظر عن استمراره فيها، وبعد سنوات من العذاب له ولي -هو بدء من عدم رغبته في ترك سُوَر حمام السباحة، وأنا لانتظامى وانتظاري لساعات طويلة فى مختلف الظروف الجوية- أصبح “علي” يحب السباحة ويحرص على حضوره جميع التمارين، بل وأصبح يتحدث عن طموحه في أن يكون مثل بطل السباحة الشهير مايكل فلبس، وهو ما قادني للتفكير في موضوع هذا المقال.. لماذا لا يوجد لدينا أمثال “فلبس”؟؟، وليس فقط في مجال السباحة ولكن في أغلب الرياضات، وبعد البحث عن أبطال العالم المصريين وجدت أننا تقريبًا غير متواجدين على الساحة الرياضية الدولية وهؤلاء الأبطال المتواجدين في التصنيفات العليا إما يعيشون ويتدربون في الخارج أو يقومون بالتدريب دون أي رعاية رسمية أو دعم كافٍ، وهو ما يعكس التناقض ما بين قدرة المصريين على الوصول لمراتب عليا رياضيًا بأقل الإمكانيات وبين ما تصل إليه الفرق المنظمة من خلال النوادي والاتحادات الرسمية.

صديقة مقربة لي سبقتني في تدريبات ابنها ذي الأحد عشر عامًا للسباحة وهو الآن جزء من فريق أحد أكبر النوادي الرياضية، وأقل ما يقال عن حياتها اليومية هي وابنها هو أنها تتمحور حول السباحة والتمرين اليومي والمرهق! وهو ما يدفعنا دائما لسؤال أنفسنا لماذا لا يصل أبناؤنا لـ البطولات العالمية؟؟ إن قمنا بقياسها بمدة التمرين وما يضحون به من وقتهم وطفولتهم وأحيانا تفوقهم الدراسي في سبيل التمارين فإنهم الأكثر استحقاقا للبطولة، ولكن البطولات تحسب بالإنجاز وليس المجهود. والسؤال الحقيقي هنا، ما هو العيب في نظامنا الرياضي في مصر؟ لا أتحدث عن فساد أو غيره مما أسمع في الأخبار عن الاتحادات المختلفة، ما أعنيه هو استراتيجية التدريب منذ الصغر. سألت بعض الأصدقاء المغتربين عن تدريبات أولادهم الرياضية فى البلدان التي يقيمون بها ووجدت اختلافًا كبيرًا في عدد الساعات والضغط النفسي الذي يمر به الرياضيين الصغار فى مصر مقارنة ببلدان أخرى متفوقة رياضيا مثل إنجلترا والولايات المتحدة وألمانيا وغيرها. ويتكرر السؤال في ذهني مجددا…ما العيب في نظامنا؟ أين الخطأ وعلى من تقع المسؤولية؟ فالأطفال والأمهات لا يقصروا وذلك عن خبرة شخصية.. فالتمارين توضع في مقدمة الأولويات وكل ما يطلب من أولياء الأمور يتم تنفيذه على أكمل وجه، سواء كان من تدريبات معينة أو أدوات رياضية مساعدة أو غيره مما تتطلبه الأنشطة الرياضية المختلفة.

أحد المصريين المقيمين بإنجلترا ذهب ليشكو مدربة الجمباز الخاصة بابنته ذات الستة أعوام وأراها فيديوهات لفتيات في مثل سنها في مصر يجيدون اللعبة بامتياز مقارنة بابنته ومجموعتها فى إنجلترا.. وكان رد المدربة أنها لا تذكر أسماء بطلات مصريات فى اللعبة أو وجود مصر بقوة في المنافسات العالمية، واستكملت حديثها أن الطفل في هذه السن ليس مطلوب منه أكثر من أن يتقن أصول الرياضة ويستمتع بالتدريب ليظل شغوفا برياضته. فعندما يأتي وقت التمارين الجادة والمؤدية للبطولات لن يكون قد فقد اهتمامه أو عزيمته للوصول للبطولة.

يتشابه هذا الرأي مع أحد التحليلات التي سمعتها من عدد كبير من أولياء الأمور وهو أن النظام الرياضي في مصر يستهلك الموهبة والطاقة الرياضية لدي الطفل منذ الصغر فيتم “حرقه” وعندما يصل إلى سن المنافسة في البطولات الدولية يكون دون المستوى المطلوب.

لا أعلم مدى صحة تلك النظرية ولكني لاحظت دفع الأطفال للتنافس ببطولات محلية تحت مسميات مختلفة منذ سن صغير جدا تصل إلى ست أو سبع سنوات أتوقع أن ترهقهم بشدة وتضع عليهم ضغطا شديدا واهتمام بمقارنة نفسهم بغيرهم دون داعٍ.

لا أدعي الخبرة فى المجال الرياضي ولكن أعتقد أن الروايات المذكورة كافية لتكون دافع للدعوة لإعادة النظر ومراجعة الطريقة التي يتم تدريب أولادنا بها، ففي النهاية كل ما يهمني أن أرى ابني يحقق طموحه وأن يكون لديه فرصة عادلة توازي ما يراه فيه مدربه الآن فلا ينتهي به الأمر شاب محبط لم يحقق طموحه برغم من تفانيه وبذله للمجهود المطلوب.

نرشح لك

مها ناجي تكتب: من يوميات أنثي في شوارع مصر