محمد حسن يكتب: مدحت شلبي.. بهمبولا وأُمنا الغولة

صعدنا لكأس العالم، صدق أو لا تصدق، فرحة هيستيرية، بكاء، صراخ، دموع، حنين، ذكريات سوداء مظلمة، انفراج مفاجئ، كل المشاعر الإنسانية التي خلقها الله في قلوب وأجساد البشر مرت بنا أمس، الإعصار واعتصار القلب بعد هدف الكونغو، والجنون بعد إعاقة تريزيجيه وصفارة الحكم بركلة الجزاء وتسديد محمد صلاح للكرة والدعاء والهتاف والسجود…

كوميديا مدحت شلبي بافيهاته “أوغندا مش الدبة الباندا، الكونغو مش الفرقة الكومبو، وبهمبول وراس الغول” مرورًا بهيستيريا الفرح وتردديه لأسماء لاعبي المنتخب الوطني بالروسي “مخمود كخربا ومخمود تريزيجو ومخمد صلاخ !”

وبعيدًا عن تكتيكات كرة القدم وهيكتور كوبر كانت الأقدار تقوم بطهي الوجبة على مهل وتصنع الانتصار والصعود بتأنٍ، فبعد هزيمة مفاجأة ومحبطة للمنتخب في أوغندا تتعادل غانا على ملعبها ووسط جماهيرها مع الكونغو متذيل المجموعة، بعدها نفوز على أوغندا في برج العرب بهدف وتفوز بعدها على الكونغو بخماسية ليتبقى لها بصيص من أمل وتعود من جديد فتتعادل مع أوغندا في ملعب الأخير لتترك لنا 90 دقيقة نفوز بها ونصعد مباشرةً لمونديال روسيا دون النظر للمبارة الأخيرة، وبالفعل يفوز المنتخب بسيناريو قاتل ورهيب في الدقيقة 94 بهدف محمد صلاح، أو إن شئت قل: “مخمد صلاخ” على رأي مدحت شلبي، وبعد كل العناء والغياب والألم يفوز المنتخب ونصعد وينفجر المصريين في الشوارع والبيوت ومن المحيط للخليج وفي أوروبا وفي كل بقاع الأرض فرحا بالمنتخب، بينما تجلس مجموعة هناك أمام شاشة الموبايل تجد شيئًا غير مستصاغًا في الفرحة فتتحدث عن حزنها لصرف جائزة المليون ونصف جنيها لكل لاعب.

ودون التدقيق في ملاحظات مستفيضة مثل حصول مصر على 12 مليون دولار جوائز من الفيفا للصعود وقيمة الحدث والرعاة والملايين التي تدخلها صناعة كرة القدم، وأنها تسير بتلك الأرقام في كل دول العالم وأكثر بكثير، أنت يا رجل ما يحزنك لو حصل كل لاعب على مليون أو أثنين، ماذا سيضيرك ويضرك!

سياسيًّا واقتصاديًّا الحال لا يعلم مداه إلا الله، ومن الممكن أن تلخص الوضع الداخلي بعنوان كتاب الراحل جلال عامر “مصر على كف عفريت”، وبالتالي حزنك لن يرفع الأثقال ولن يضيف احتياطيًا نقديًا يدفء جيوب الوطن، ولن تصنع 100 مليون شيئًا في وطن لا يعرف أين تذهب ملياراته أو “عارف وبيستعبط” وهذا كله حال أن الجائزة من ميزانية الدولة وليس من عائد جوائز الفيفا.

لكن فرحتك ستضيف لك وللوطن الكثير، وحزنك سيضعك ضمن مجموعة غريبة على الوطن وترابه تشتعل غيظًا ونكدًا، لأن منتخب بلادها صعد لكأس العالم وحقق إنجازًا في عهد عبد الفتاح السيسي !

في سابقة تضاف لسوابق الفُجر الدائم في الخصومة والمحدودية والعته الفكري وخلط الوطن بالنظام بالحكومة بالتوحيد والنور!

افرح واترك التحليل والنقد اللوذعي وشبح الخبير الاستراتيجي الذي يخيم على روحك وافرح، لأن الفرحة كفيلة بتغير الكثر من الأوضاع، مليون ونصف المليون وردة لمصر والمنتخب واللاعبين وشعب مصر العظيم.