شاهد: تهنئة نجيب محفوظ لـ توفيق الحكيم في عيد ميلاده

نوران عاطف

في ذكرى ميلاد الأديب “توفيق الحكيم” في 9 أكتوبر 1898 نستعرض تهنئة صديقه الأديب “نجيب محفوظ” والتي كانت بمناسبة عيد ميلاده الثامن والثمانين، والتي قدمها في لقاء له ببرنامج “شموع” الذي تقدمه الإعلامية “سهام صبري” والذي أعادت عرضة قناة “ماسبيرو زمان”.

بدأت صداقة محفوظ والحكيم بعد صدور رواية “زقاق المدق” للأول، فطلب بعدها الحكيم لقاءه وذهب إليه محفوظ في مكانه المعتاد وهو مقهى أمام البنك الأهلي، ثم تجدد اللقاء بالإسكندرية حيث اعتاد الحكيم النزول بمنطقة سيدي بشر، فذهب إليه محفوظ وأخبره بمكان جديد يصلح لجلستهم وهو “بيترو” والذي ظل مكان لقاءهم لسنوات طويلة فيما بعد.

ومما يُذكر عن صداقتهم ما حكاه نجيب عن تفاصيل اللقاء الأول كما ورد في كتاب “الحكيم بخيلاُ” للكاتب “كمال الملاخ”:

“بعد التحية والابتسام قالي توفيق الحكيم اتفضل وجلست، وبعد عشر دقايق سألني تطلب إيه؟ ولا اسمع احنا معرفتنا هتبقى دايمة مش كدة؟
رديت: أرجو ذلك
قال توفيق: يعني هنتقابل كتير هنا في مصر وهناك في إسكندرية كمان فيه الصيف مش كدة؟
رديت: آمل ذلك
قال الحكيم: يبقى الطلب لزومه إيه؟”

يستأنف نجيب أنه صمت وبُهت حتى تابع الحكيم كلماته:

“يبقى أحسن كل واحد يطلب لنفسه، بدل من أني أطلب والمرة الجاية أنت تطلب وحاجات مالهاش معنى كدة.. عاوز تشرب حاجة أنت اللي تطلب وأنت اللي تدفع” ثم بدأ كلامه عن الرواية –زقاق المدق- وتعليقاته عليها.

“أحسن الله عزاءكم”

في نفس السياق، حكى “نجيب محفوظ” أحد المواقف الطريفة عندما سافر هو والحكيم و”ثروت أباظة” إلى الإسكندرية وعلموا بوفاة والدة أحد الأصدقاء واتفقوا على إرسال “تلغراف” عزاء، فاقترح الحكيم توفيراً للنفقات أن يقوموا بإرسال تلغراف واحد بتوقيع كل منهم، فكتبوا جملة “أحسن الله عزاءكم” واختزلوا في العنوان، ومع ذلك بعد جمع الكلمات وجدوا كلمة زيادة مما يتطلب التخلص من الاسم الثاني لأحدهم، فاقترح الحكيم أن يحذفوا الكلمة الأخيرة فتصير البرقية “أحسن الله” فقط.

يستكمل نجيب: “تصور إن واحد والدته ماتت نكتبله “أحسن الله” .. لم يقتنع الحكيم وأصررت أنا على الأصول مضحياً بقرش زيادة من جيبي .. والله من جيبي”.

“عيد فرح للثقافة والفن”

عبّر محفوظ عن تقديره للحكيم في تهنئته للحكيم قائلا: “عيد ميلاد توفيق الحكيم هو عيد ميلاد الثقافة والفن وأيضا عيد سرور لأبنائه وتلامذته من جميع الأجيال” ، كما تحدث عن رأيه فيما تمتاز به أعمال الحكيم وما أبرزه من علاقة إنسانية وثقافية بين الغرب والشرق فقد أكد على حقيقتين وهما إندماج الغرب في القيم المادية وتطلع الشرق للقيم الروحية ” واللي رآه وتنبأ بيه حاصل الآن في الصراع بين المعاصرة والأصالة”.

كما تحدث عن تأثره بشكل خاص بروايتي “عودة الروح” و”يوميات نائب في الأرياف” بتعبيره: “من الاتنين دول خرجت رواياتي كلها”.

جدير بالذكر أن صداقة الحكيم ومحفوظ بدأت في عام 1947 إلى أن توفي الحكيم في 26 يوليو 1987.