موقف مندوب إسرائيل في حفل تأبين السادات - E3lam.Com

في هذه الحلقة من مذكرات السياسي عمرو موسى، التي ينشرها موقع “الشروق” على عدة حلقات، وفي الحلقة الثالثة، يكشف موسى عن تفاصيل الحرب الدبلوماسية التي وقعت بين مصر والدول العربية عقب توقيع مصر اتفاقية “كامب ديفيد”، وسعى العرب لعزل مصر دوليا بطردها من المنظمات الإقليمية والدولية.

قال “موسى” إنه وقت حادث المنصة واغتيال الرئيس السادات، كان يترأس الوفد المصري في الأمم المتحدة، مضيفا: “اتصلت بوزارة الخارجية في السابعة صباحا بتوقيت نيويورك (نحو الثانية بعد الظهر في القاهرة) لأسأل عما حدث في مصر، فوجدت تحفظا في الرد؛ فطلبت مدير مكتب الوزير، وقلت له: أنا أسأل عن مصير الرئيس السادات ولا أحد يجيبني، وأنا عندما أسأل عن هذا الأمر، فذلك ليس مرده الفضول الشخصي من جانبي، ولكن لأنه في حالة ما إذا كان الرئيس قد قتل فعلا، فلابد أن نرتب له حفل تأبين يليق به في الأمم المتحدة، وإذا بدأنا في هذه الإجراءات والترتيبات مبكرا فسوف نستطيع عقد جلسة خاصة للجمعية العامة اليوم، ندعو فيها وفود الدول لتأبين الرئيس؛ ولذلك أرجو أن أحاط علما بالأمر في ظرف ساعة على الأكثر”.

تابع: “كلمت الأمين العام للأمم المتحدة كورت فالدهايم، فوجدته على علم بالتطورات التي وقعت في القاهرة، لكن لا علم له بمصير الرئيس السادات. قلت له: يبدو أن الأمر خطير واحتمالات وفاة الرئيس السادات تبدو قائمة، وأطلب من الآن عقد جلسة خاصة للجمعية العامة لتأبينه، فوافق الرجل، وقال لي: سأبلغ مساعدي ليستعدوا لذلك، وسأكون على اتصال بك”.

استكمل موسى: “في هذه اللحظة كلمني أحد السفراء من القاهرة، قال لي: أنا أتحدث إليك من مكتب الوزير وأود أن أخطرك بأن الرئيس قد مات بالفعل، لكننا لا نريد إعلان ذلك الآن. قلت له: أنتم لا تريدون إعلان مقتل الرئيس الآن؟.. لكنني أود أن أبلغك بأن هذا الأمر أصبح شائعة/ معلومة تدور في أركان العالم الأربعة”.

أضاف: “جلست أتابع التحضيرات لجلسة الجمعية العامة في مكتبي بمقر البعثة قرابة الساعتين، توافد خلالها كثيرون لتقديم العزاء، كان على رأسهم: السيدة جاكلين كيندي، وعمدة نيويورك، وشخصيات أمريكية رفيعة، وعدد من أعضاء مجلسي الشيوخ والنواب الأمريكيين الموجودين في نيويورك بمناسبة دورة الجمعية العامة”.

وعن جلسة التأبين قال “موسى”: “في جلسة التأبين التي انعقدت في الثالثة عصرا كانت المفاجأة بالنسبة لي هي أن مندوب إسرائيل طلب الكلمة. لم أشعر بالارتياح. كان بإمكاني ببعض المناكفات أن أمنع ممثل إسرائيل من التحدث، لكنني أردت أن تمر المسألة في هدوء، وأردت للجلسة أن تمضي في جو من المهابة التي تليق بالرحيل المفاجئ لرئيس مصر. بعد أن انتهى من كلمته جاء مندوب إسرائيل مهرولا في اتجاهي والكل ينتظر ما سيحدث، لكنني وقفت متوقعا أن يظهر عواطفه الجياشة والواضحة بعناقي. طلبت من أحد الزملاء أن يلتقي بالسفير الإسرائيلى قبل أن يصل إلىّ بمترين أو ثلاثة ويسلم عليه ويعطله ولو لثوان تتراجع خلالها حماسته، وهو بالفعل ما تم، ثم مددت يدي بصلابة وسلمت عليه بطريقة رسمية. شعر الرجل بأنني غير مستعد لأن أذهب أبعد من ذلك، فشد على يدي وتمتم ببعض عبارات العزاء وعاد إلى مكانه”.