إسراء النجار تكتب: 6 كنوز وليس كنزا واحدا

إذا كنت تريد أن تدخل فيلما مضمونا تخمن نتيجته بعد أول مشهدين وتنظر في هاتفك كل دقيقتين أو أكثر لتتابع ما فاتك من رسائل “واتس آب” دون أن تشعر بأي صعوبة في ملاحقة ما فاتك، فأعتقد أن “الكنز” ليس هو مقصدك وعليك بفيلم آخر، أما إذا كان لديك بعض الشغف والفضول لمشاهدة “فيلم سينما” وليس فيلم صنع للعرض التجاري فقط، فلتتابع الثنائي عبد الرحيم كمال “مؤلفا” وشريف عرفة “مخرجا” في ثلاث ساعات لن تشعر معها بالملل وخيبة الأمل.

محمد سلطان محمود يكتب: فيلم الخلية.. ضحك وضرب وقتل وحب

(1)

ينتصر “الكنز” لصناعة السينما، ويحاول تقديم عمل مختلف، يبذل كل ما بوسعه ليمزج بين عنصري الجذب الجماهيري والقيمة الفنية، وهو ما تحقق جزء كبير منه من خلال الاستعانة بنجوم ذات شعبية واسعة مثل الفنان محمد رمضان، والفنان محمد سعد في ثوبه الجديد بعد خلع عباءة “اللمبي” وإخوته، إضافة إلى عدد كبير من الفنانين تفاوت أداؤهم؛ مثل هند صبري وأحمد رزق وروبي وأمينة خليل، وغيرهم.

(2)

رصيد الكاتب المبدع عبد الرحيم كمال في الدراما المصرية، يقف داعما له في ثاني تجاربه السينمائية بعد فيلمه الأول “على جنب يا أسطى” في عام 2008. “كمال” لم يختر الطريق السهل، وكتب عملا يتحرك في أريعة أزمنة مختلفة، فكان عليه مسئولية كبيرة في الدمج والانتقال بين الأزمنة مع المحافظة على الإيقاع العام للفيلم، هذه المسئولية شاركه فيها المخرج شريف عرفة، وكانت النتيجة مبشرة وجيدة إلى حد كبير.

(3)

لا يمكن الحكم على “الكنز” بذات المعايير التي قد نحكم بها على غيره من الأفلام المنافسة مثل “الخلية” مثلا، وذلك لأن الأول أراد صناعه ألا ينساقوا وراء “الخلطة السينمائية” التي صارت تغلف عددا كبيرا من الأفلام مؤخرا -حتى الجيد منها- وحاول الفيلم الارتقاء بجماليات الصوت والصورة من خلال فكرة “مبدعة”، إضافة إلى أنه يأخذك بعيدا عن كل ما هو متوقع وسائد، ويعيد تذكيرك بالتاريخ المصري ليس فقط على سبيل السرد ولكن من أجل اكتشاف “كنز” العناية الآلهية ما بين لحظات التأزم والانفراج. صحيح أن “الكنز” لم يتجل بطريقة واضحة في القصص الثلاث -باستثناء خط محمد رمضان الدرامي، وهو ما اعتبره البعض عدم توفيق في التنسيق بين الخطوط الدرامية، لكنك لن تتوقف أمام ذلك كثيرا على اعتبار أنه ما زال هناك جزء ثان قد يكشف عما لم يتضح إلى الآن.

(4)

بمناسبة الجزء الثاني، قد تشعرك نهاية الجزء الأول المفتوحة بأن صناع العمل توقفوا فجأة وبشكل غير مدروس، ما جعل الفيلم ينتهي بعدما احتدم الصراع ووصلت الأحداث أشدها وبعد 3 ساعات من المشاهدة، وهو ما حدث بالفعل، لأن الصناع صرحوا بأنه لم تكن هناك نية من البداية لوجود جزء ثانٍ، ولكن طول الأحداث وتصوير 4 ساعات جعل هناك جزءا ثانيا. لا أعتقد أن هذا السبب قد يجعلك تتراجع عن المشاهدة لأنه ببساطة خلق مزيدا من التشويق لانتظار الجزء المقبل، وخلق دافعا كبيرا لإعادة مشاهدة الجزء الأول بعناية مرة ثانية.

(5)

قدم هشام نزيه موسيقى لافتة أضفت على مشاهد الفيلم ألقًا وحياةً وأسهمت في الانتقال السلس بين عصور الفيلم، علاوة على أن الأغاني المصاحبة للقصص الثلاث جاءت معبرة وداعمة للحالة العامة.

(6)

“الكنز” –لاشك- يعد مغامرة سينمائية تحمل قدرا كبيرا من الجنون والفنتازيا، ولا يمكن أن تستمتع بها وأنت تتربص لاصطياد كل ما هو غير مألوف، لأن التفكير المنطقي التقليدي لن يكون في صالح الفيلم ولا المشاهدة الممتعة، مثل تركيز البعض على اللغة الواحدة التي يتحدث بها الأبطال في الأزمنة المختلفة.

بالطبع لا ننفي أن الفيلم واجه بعض المشكلات على مستوى التفاصيل الصغيرة مرورا بالأداء والحوار، وغيرها، ولكن هذه المشكلات لم تفسد الشريط السينمائي وتحوله لمنتج رديء، كما لم تفقد الفيلم جاذبيته واختلافه، لذا فالتحية واجبة لعشاق الصناعة القائمين على العمل، وندعمهم كي يخرج الجزء الثاني بصورة أفضل مما خرج عليه الجزء الأول.