أحمد فرغلي رضوان يكتب: الخلية.. النهاية تنقذ الفيلم!

لا يمكن إعتبار فيلم “الخلية” أفضل أعمال المخرج طارق العريان ولكنه فيلم حركة وإثارة جيد الصنع ومناسب لجمهور العيد ولذلك أعطاه التفوق في الإيرادات منذ اليوم الأول على باقي منافسيه، الفيلم أقل فنيا من أخر أعماله “أولاد رزق” ولذلك الجمهور كان ينتظر عملا أكثر تميزا  ولكن القصة والسيناريو في الخلية “محدودان” بشكل كبير وتيمة العمل مكررة في عشرات الأفلام ولذلك كان سهل على الجمهور في قاعة العرض توقع الأحداث منذ البداية، وحاول المخرج بذل ما يستطيع لتقديم الجديد خاصة على مستوى الصورة واللوكشن ونجح بشكل كبير في ذلك ولكن عابه مظاهر حياة “التَرَف” البادية على البطل وزملاءه رجال الشرطة أبطال الفيلم! فالضابط المصري ليس كضباط FBI!، واتذكر هنا حياة الضابط بطل فيلم “الباشا” فيلم طارق العريان الثاني في مسيرته فكانت أقرب لواقع ضباط الشرطة وصدقها الجمهور، ولكن يظل المخرج طارق العريان واحد من أفضل من قدموا سينما الأكشن والإثارة بشكل جديد في السينما المصرية ونجح جماهيريا في معظم تجاربه والتي بلغت سبعة أفلام قدمها خلال نحو 27 سنة منذ تجربته الأولى الرائعة فيلم “الأمبراطور” لأحمد زكي عام 1990.

فيلم “الخلية” سبقته دعاية كبيرة واستغرق تصويره نحو تسع أسابيع وهي مدة طويلة جدا للأفلام الحالية، البداية كانت “ضعيفة” في تقديم شخصيات العمل فشاهدنا قفزات ونقلات سريعة لحياة البطل ورفاقه وكأننا نستكمل جزء ثاني للعمل ، وكذلك الخلية الإرهابية وقائدها كان يجب إعطاءهم مساحة أكبر ليتعرف الجمهور على فكر وطرق تواصل هذا التنظيم الدولي “الكبير” ولكن السيناريو والحوار كان أكثر تركيزا تجاه كفة “سيف” ورفاقه من رجال الشرطة.

الفيلم بالطبع مصنوع لصالح “وطني” أكثر منه “فني” ولذلك خلق التعاطف مع رجال جهاز الشرطة كان مسيطرا على المخرج وشغله الشاغل طوال الأحداث فلم يأخذ “راحته” الفنية المعتادة في الإبداع ونجح لحد كبير في إيصال هدف الفيلم وساعده ظرف الزمان الذي تعيشه مصر منذ فترة وممكن القول إن جهاز الشرطة “تعرض للظلم” في التعميم الذي طال رجاله من إتهامات فساد وسوء إستخدام للسلطة وحدث أن الدولة حاولت ولازالت “سد” الشرخ الذي حدث بين الشرطة والشعب في عام 2011 وبالفعل نجح الفيلم في خلق حالة من التعاطف الكبير من ناحية الجمهور تجاه سيف وزملاءه تصاعدت بعد إغتيال صديقه “أحمد صفوت” بين يديه ومحاولة سيف بعد ذلك تخفيف الصدمة عن ابنه وزوجته التي قدمت شخصيتها التونسية عائشة بن أحمد “صاحبة حضورها جيد”، فشاهدنا حالة إنسانية أثارت مشاعر الجمهور، ووصل التعاطف الجماهيري لذروته مع نهاية الأحداث والتي كانت الأفضل فنيا ووفق العريان في إستغلال وتنفيذ مشاهد الاكشن داخل مترو الأنفاق وتصوير المجاميع، وجاءت مشاهد الأكشن في النهاية بمثابة النهاية القوية التي أنقذت العمل، ورغم إجتهاد فريق عمل الفيلم في محاولة تقديم مشاهد أكشن كثيرة ومطولة إلا ان بعضها لم ينفذ جيدا مثل مشهد السيارة “العجيب” وقفذها من أعلى الكوبري بالبطل وزميله لتنزل فوق مقطورة على الطريق!؟ الجرافيك كان هنا سيئا، وكان سيكون أكثر إقناعا لو قفز البطل بنفسه من أعلى الكوبري، ولكنه ربما جاء من أجل التجديد في مشاهد الأكشن المصري! وهنا ممكن القول وبعد الايرادات الكبيرة التي تتحقق للفيلم أن عملية “التطبيع” بين الشرطة والجمهور تمت بنجاح.

كذلك ساعد الفيلم إسناد بطولته لنجم محبوب ولديه شعبية كبيرة وهو “أحمد عز” والذي قدم واحد من أفضل أعماله كممثل وقدم الشخصية بمزيجا ما بين الجدية وخفة الظل “المحببة” وتفاعل معه الجمهور بشكل كبير خاصة المشاهد التي جمعته مع أمينة خليل والتي قدمت أداءا جيدا لشخصيتها، وهنا لم تكن حالة الإعجاب ينقصها المشهد الدرامي الذي تم “حشره” في السيناريو ليلمع الحب في عيني “سيف” فوجدنا “فجأة” أمينة وهي تتحدث في ندوة والبطل جالس بين الحضور ثم ماذا بعد ؟! تكشف لهم انها أصيبت بالسرطان وهي في عمر ٢١ سنة وبدأت رحلتها في التغلب على المرض!

أيضا شكل عز مع محمد ممدوح “الذي قدم أداءا لافتا” ثنائي جذاب للجمهور ورغم جدية المهمة التي يتعرضان لها إلا أن روح الكوميديا سيطرت على مشاهد كثيرة جمعتهما رغم أن لي تحفظ على توظيفها في عدد من المشاهد التي لم تكن تحتمل “الهزار” فنحن أمام مطاردة مع خلية إرهابية دولية خطيرة “القتل” هو هدفها الوحيد وليس سرقة بنك مثلا! كذلك في تجربته الأولى مع السينما المصرية نجح الفنان سامر المصري في تقديم أداءا مقبولا ومناسب لشخصية قائد الخلية الارهابية، وقدمت شخصية زوجته “الانتحارية ” ريهام عبدالغفور، في مشاهد محدودة ومميزة، في النهاية ممكن القول ان فيلم “الخلية” هو الأفضل “فنيا” حتى الأن في أفلام الأكشن المصرية لعام 2017.