مصطفى حمدي يكتب: أعلى إيراد في تاريخ السينما بـ"قرار اقتصادي" !

قل أعلى إيرادات في الموسم، أو في العام، ولا تقل أعلى إيرادات في تاريخ السينما المصرية. حقيقة يجب أن تتوقف أمامها قبل أي حديث عن نجاح فيلم “هروب إضطراري”، لماذا؟.. تعالى وأنا أقولك.
 
بلا شك حقق الفيلم إيرادات هي الأضخم هذا العام وربما بحسبة الأرقام فقط هي الأعلى في تاريخ السينما المصرية، من قبل “هروب اضطراري” حقق 44 مليون جنيهًا ؟ الواقع يقول لا، فأقرب فيلم لهذا الرقم كان “لف ودوران” لأحمد حلمي وحقق العام الماضي 42 مليون جنيه ، بنفس المنطق يمكننا أن نؤكد بضمير مرتاح أن حلمي كان الأعلى إيرادًا في تاريخ السينما المصرية حتى الإسبوع الماضي مثلًا !
 
هل معنى هذا أن فيلم “لف ودوران” هو الأعلى حضورًا وجماهيرية بين كل أفلام أحمد حلمي؟ الإجابة بالطبع لا، بل على المستوى الفني يبدو أضعف أفلام حلمي، وعلى المستوى الجماهيري لم يحقق الفيلم ضجة مقارنة بأعمال مثل “عسل إسود”، نفس الأمر ينطبق على فيلم “هروب اضطراري”، العمل يبدو فيلم الأكشن الأبرز والأكثر ثراء على مستوى الإنتاج هذا الموسم، ولكن هل عدد التذاكر التي تم بيعها يعادل مثلا عدد التذاكر التي بيعت في فيلم “مافيا” لأحمد السقا والذي حقق 17 مليون جنيهًا عام 2002؟
 
مع قرار تحرير سعر صرف الجنية المصري – تعويم الجنية- تغيرت الكثير من معطيات السوق، معدلات التضخم المتزايدة أثرت على أسعار كل شيء، السلعة التي كنت تشتريها بجنيه أصبح ثمنها في المتوسط 4 جنيهات، قس الأمر مثلًا على قطعة “كيك مولتو” الصغيرة كم كان ثمنها قبل وبعد التعويم !
 
نفس الأمر ينطبق على سعر تذكرة السينما، والذي أصبح في المتوسط 50 جنيهًا، مع العلم أن أغلب دور العرض في المولات التجارية الآن تجاوز ثمن التذكرة فيها 60 جنيهًا، أما دور العرض في وسط البلد والتي لم تعد مقصدًا للعائلات ارتفع متوسط سعر التذكرة فيها من 20 إلى 30 جنيهًا.
 
إذن بحسبة بسيطة ستكتشف أن عدد الجمهور الذي شاهد “هروب اضطراري” قد لا يوازي مثلا ثلثي الجمهور الذي شاهد “صعيدي في الجامعة الأمريكية” الذي يمثل أعلى حضور جماهيري في تاريخ السينما المصرية وظل لسنوات عديدة أعلى ايرادًا بـ 27 مليون جنيهًا، خصوصًا وأن متوسط سعر تذكرة السينما عام 1998 كان 10 جنيهات فقط.
 
التعاطي مع أخبار إيرادات الأفلام من منطلق الأعلى والأقل عُرف سائد في الصحافة منذ زمن، ولكن هذه الأرقام في حاجة لتحليل ومقارنات، الأكيد أن “هروب اضطراري” هو الأعلى إيرادا في تاريخ السينما وهذا ناتج عن نجاح جماهيري منحة صفة “القياسية” قرار سياسي أدى لتحولات اقتصادية عنيفة انعكست بدورها على سعر تذكرة السينما، وهنا نجد أنفسنا أمام معيار جديد لا بد أن تحتكم إليه المنظومة التي تدير قياس أرقام شباك التذاكر وهو “عدد التذاكر المباعة” كوسيلة قياس أكثر دقة، ولكن الطلب ربما يكون دربًا من الخيال في صناعة لاتجد جهة منظمة لها، هل تتذكرون غرفة صناعة السينما؟ ربما.