محمد سيد ريان يكتب: كشك القراءة والفرض الغائب !

لم أفأجئ بالصورة التي ملأت مواقع التواصل الاجتماعي  ولا بالخبر الذي تناقلته الصحف نقلاً عن المتحدث الرسمي لشركة مترو الأنفاق، عن بدء لجنة الفتوى التابعة لمجمع البحوث الإسلامية عملها كتجربة أولية داخل محطات مترو الأنفاق من خلال استقبال الجمهور داخل كشك بمحطة الشهداء للاستماع إلى أسئلتهم والإجابة عليها، ضمن البروتوكول الذي تم توقيعه بين المجمع وشركة مترو الأنفاق.

ففي تلك الأوقات الصعبة التي تمر بها بلادنا يبحث الناس عن جبل يحميهم، ومع تراجع المبادرات من وزارات هي بالأساس تسعي لتثقيف المواطنين، تزداد الجهود المقابلة نحو عالم الغيب والروح التي يعلم الله وحده إلي أين ستذهب بنا في هذه الأيام ؟!!

ورجعت لسنوات طويلة اشتغلت فيها على مشروعي الثقافي الذي اخترته بإرادتي وهو “تسويق المنتج الثقافي”، وكيف رصدت مئات التجارب العالمية في مجال القراءة، وكان من بينها أكشاك القراءة في الكثير من الدول المتقدمة.

لو شاهدت أكشاك القراءة بمترو طوكيو أو مدريد ستكشف أنك أمام كشك المعرفة المبهج والساحر، تصميم رائع وتكنولوجيا متميزة وإبداع في التفكير وإبتكار في المحتوى الثقافي.

الثقافة ليست ترفيه أو نشاط لأوقات الفراغ، بل هي وسيلة مهمة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وكسب ربح مميز في كثير المجالات، وتتجه معظم الدول في الوقت الحالي إلى الصناعات الثقافية والإبداعية، والتركيز علي الاستثمار الثقافي في الفنون والأداب، وأصبحت الثقافة رقم مهم في الدخل القومي لدول كثيرة متقدمة ونامية، ومعياراً مؤثراً في السعي نحو السباق العالمي، وبات واضحاً أن الابتكار في الحقل الثقافي هو الحصان الرابح في المستقبل القريب والبعيد.

أنا لا أقلل من المجهود المبذول في معارض الكتب أو غيره من الأنشطة التقليدية وكثافتها وتنوعها، ولكن المبادرات والإبداع والتسويق الثقافي شيء آخر مختلف تماماً، الأفكار الجديدة تجذب الأطفال والشباب والكبار وتساعد علي الرواج الكبير وهو ما نحتاجه في معركتنا ضد الإرهاب والأفكار الظلامية.

العالم كله الآن يتحدث عن مفاهيم مهمة ومؤثرة، مفكرو العالم يجتمعون ويتناقشون حول الهندسة الثقافية والتسويق الثقافي والإدارة الثقافية، ونحن نبني أكشاك للفتوي ونبحث عن صكوك الغفران.

وتبقي كلمة أخيرة.. فعندما نتأمل الواقع الحالي في العالم ونقارن بين أوضاعنا العربية المتدهورة وبين دول العالم التي تشهد تقدماً ملحوظاً في احترام الإنسان قبل الازدهار العلمي والثورة المعرفية والتكنولوجية في حين نظل نحن متمسكين بأفكار متخلفة ليس لها عائد إلا تراجع مستمر، نكتشف أهمية تحقيق التنمية الثقافية وتطبيق سنن الحياة والواقع والحاجة البشرية  في تطورها لتلاءم وتواكب مجريات الحياة المعاصرة والسريعة والجديدة.