م.س.م يكتب: بهاء سلطان مطرب الأسئلة الحائرة

للتواصل مع الكاتب اضغط هنـــــــــا

لا يختلف الكثيرون على كون بهاء سلطان واحدا من أفضل المواهب التي ظهرت خلال الألفية الجديدة، فبالإضافة إلى امتلاكه صوتا قويا مليئا بالشجن، يستطيع بهاء أن يحمس الأجواء بأغانيه، وهو ما جعله يمتلك العديد من الأغاني المحفورة في آذان المستمعين، ودائمًا ما يتساءل المحبون لبهاء سلطان عن سر غيابه المتكرر واختفائه عن الأضواء بعد تحقيقه لأي نجاح.

بعيدًا عن السؤال الذي تطرحه مسيرته الفنية، يجب أن نعترف أن بهاء سلطان يتحول في أغانيه إلى نموذج مثالي للفيلسوف الإغريقي المفكر الذي يغرق في حيرته وشكوكه، يتساءل احيانًا ويعبر عن دهشته وحسرته أحيانا أخرى، لكنه دائمًا لا يصدق ما يحدث حوله.

منذ بدايته الفنية وهو يطرح الأسئلة، العلاقات العاطفية تصيبه بحيرة ويعجز كثيرًا عن فهم العديد من الأمور المتعلقة بحبيبته، لذلك يقوم بالإلحاح لإجبارها على البوح بمشاعرها الدفينة. لتتحول مسيرته إلى عملية ذات ثلاث خطوات تبدأ بالحب ثم الشك ثم الفراق، وتتكرر طوال ألبوماته وأغانيه.


عرف الجمهور بهاء سلطان للمرة الأولى عام 1999 في أغنية “يا ترى” وهي الأغنية التي بدأها بجملة “يا ترى يا حبيبي يا ترى” ثم أتبعها بـ 14 سؤال لحبيبته.

انت فين يا حبيبي؟ عامل ايه يا حبيبي؟
قريب ولا بعيد؟ حزين ولا سعيد؟
فاكر سنيني ؟ قلبك نسيني ؟
الحب زاد؟ ولا البعاد خلى الغرام ولى؟
ابعد و انساك؟ ولا استناك؟
راجع لي تاني؟ غيري خد مكاني ؟
انت عارف قد ايه البعد قاسي؟ انت عارف ان انا بعدك بقاسي؟

وبعيدًا عن كون سؤال “ولا البعاد خلى الغرام ولى؟” نفسه محير لتشابه كلمة “ولى” مع  “ولا” التي رددها طوال الاغنية، وأن بهاء قام بطرح كل أسئلته بهدوء وهو يرقص في سعادة، إلا أن حيرة بهاء كانت أكبر مما نتصور، وهو ما جعله يطرح مزيدا من الأسئلة في ألبومه الأول “مش قلنا لكم هتندموا؟” مع بعض من الارتياب والشك في أغنية “إحلف إن إنت لا حبيت ولا شفت ولا قابلت في مرة ولا عرفت يا حبيبي إلا أنا”.

نجاح بهاء سلطان كمطرب- مفكر ينافس المحقق كونان في طرح الأسئلة الحاسمة، دفعه لمواصلة طرح الأسئلة في ألبومه الثاني بعدما مل من محايلة حبيبته في أغنية “ما يردش”، ليستنكر تجاهل حبيبته ثم يطرح عدة أسئلة.

أقول له يا سيدي مايردش.. أعمل له ايه؟
ولا انت بتتقل يعني؟ ولا انت ايه؟

ابعد وامشي واسيبه بناره؟

ولم يفوت بهاء الفرصة لإبداء دهشته عندما قال في أغنية “الوردة” جملة “الشوك بقى مالي الورد من أوله لآخره”.
وطوال 15 عام تلت ألبومه الثاني، ظل بهاء يمتعنا بأغانيه، كما لم يبخل علينا بمشاركته في المواقف الإنسانية التي تثير غضبه، مثل مواجهته القاسية مع حبيبته عندما أخبرها قبل فراقهما
 
مفيش فايدة معاك خالص ومش حاسس بأى أمل
وحتى الصبر بينادي ومش راضي ومنك مل
تعبت معاك كتير ياما ومش لاقي لقلبك حل
قلبك يا حول الله بقى دلوقتي فاضي
كل شيء مات من جواك وانت كده راضي

كما واصل البحث عن حل للألغاز المحيطة به، و اندمج في دور المحقق ووبخ حبيبته قائلًا “قوم أقف وانت بتكلمني، قوم اقف بص لي وفهمني“، ومع بداية قصة حب جديدة يعود ليتساءل “يعني اللي في عيني في عينك؟ يعني اللي في قلبي في قلبك؟”

وبعيدًا عن كون الأسئلة لا توجد لها إجابة منطقية بخلاف الرد التشريحي لعين وقلب الإنسان، لكن بهاء بسبب حيرته الزائدة وعدم ثقته في مصداقية مشاعره يخسر حبيبته سريعًا، ويتقمص دور المحقق مرة أخرى قائلًا
 
انا زعلتك في حاجة؟ طيب ايه يا حبيبي هي؟ بتداري عينك ليه لما بتيجي في عينيا؟ وحكايتك بس ايه؟
فيك حاجة مش عادية..قول يا حبيبي حاجة ماتصعبهاش عليا
انا مصمم مش ماشي قبل ما تتكلم


ولا يمضي وقت كبير قبل أن يعود بهاء إلى حالة الصدمة في أغنية “ومالنا”

ومالنا؟ إيه جرى لنا؟
إتغيرنا..محدش بقى عايز حد..محدش بيصدق حد

 

المدهش أن بهاء ظهر في فيديو الأغنية وهو مبتسم وسعيد بينما ترقص أمامه راقصة لا تقل عنه سعادة، لكن بالتأكيد ذلك يبدو طبيعي لشخص يعاني من كل تلك الصراعات الداخلية في أغانيه.

الحيرة الملازمة لبهاء سلطان عبر عنها في أغنية كتبها له مكتشفه ومنتج ألبوماته نصر محروس، وهو بالتأكيد أكثر من يلمس حيرة بهاء بحكم تعامله معه لما يقرب من 20 عام، في أغنية “انا” التي تقول كلماتها.

انا طول اليوم مهموم من اللي جوايا
انا طول الوقت بحاسب نفسي على اللي جوايا
انا مين من بره يعرفني و حاسس اللي جوايا
مين من جوه لو شافني هيعرف اللي جوايا
انا لو لومت الوم نفسي عشان باحكي اللي جوايا
انا عايز ايه؟ مابقيتش والله عارف عايز ايه؟ انا عايز ايه؟ انا عايز ايه؟
يارب دبرني يارب صبرني على اللي باحس به


لكن لأن بهاء انسان مفكر يبحث عن حلول لكل ما يدور من حوله، فقد قام بعدها بعامين بطرح أغنية أخرى تحمل نفس الاسم “أنا”، ضمن البوم “بدعي يا رب” قال فيها

أنا باختصار و بجد كان مضحوك عليا.. كل اللي كان عامل حبيبي ما حبنيش
ماهو أي مركب لو تميل بالناس شوية.. الكل بيروح رامي روحة علشان يعيش
بدوري أتمنى لبهاء سلطان أن يعثر على ذاته في الفترة الحالية، لكي يتوقف عن حالة الكسل التي أصابته بعد طرح أخر البوماته منذ 4 سنوات، ويعود إلى جمهوره بمزيد من الألبومات والأغاني والأسئلة الحائرة التي تبحث عن إجابات.