لماذا يُحب الجيل الرافض لـ"النصيحة المباشرة" أبلة حكمت؟

فاتن الوكيل

تعرض قناة dmc دراما الآن، حلقات مسلسل “ضمير أبلة حكمت”، بطولة سيدة الشاشة العربية، الفنانة فاتن حمامة، وعدد كبير من الفنانين أبرزهم على سبيل المثال أحمد مظهر. يأتي هذا في الوقت الذي سعت فيه عدد من القنوات الفضائية لعرض بعض المسلسلات القديمة، خاصة عقب موسم درامي يدعو للتفاؤل في رمضان الماضي، حيث تستشعر هذه القنوات مدى شوق واحتياج الجمهور، إلى هذه النوعية من الأعمال الفنية، وهو ما ينتج عنه دون قصد، عقد مقارنات بين ما كان يُقدم وما نراه حاليا.

ومع تعاقب الأجيال وتغير الزمان وطباعه وأفكار أهله، أصبح الجمهور خاصة من الشباب، رافضا لنموذج البطل الذي يُوضع في دائرة المسئولية المطلقة، الذي يتحكم في مصائر جميع أطراف العمل، يتفضل علينا بالنصيحة، والذي من دونه لا يصير للمسلسل قيمة. لكن لكل قاعدة استثناء، من بينها مسلسل “ضمير أبلة حكمت”، وهنا نرصد أسباب متابعة وحب الأجيال الحالية لهذا المسلسل.

فاتن حمامة

هي وحدها عامل جذب قوي وهام في أي عمل تقوم ببطولته، خاصة وأن أعمالها التلفزيونية محدودة، كما أن حبها عابر للأجيال، بصفتها أيقونة للفن المصري ولجمال المرأة المصرية وقوة شخصيتها بصفة عامة.

وإن كنا نعيب على الفنانين “تفصيل” الأدوار على مقاسهم، فإن فاتن حمامة لم تحتاج لمثل هذا الفعل، بل ظهر العمل “لايق عليها” دون مجهود أو تصنّع أو مجاملة في الكتابة لصالحها، وما يؤكد ذلك هو الإقبال على مشاهدة المسلسل بقوة بعد إعادة عرضة عشرات المرات.

بالنظر لشخصية “أبلة حكمت”، لا أحد يمكنه أن يُجزم أن شخصية فاتن حمامة جادة وحازمة مثلها، بل على العكس، فعند مشاهدة حوار تلفزيوني معها، نلاحظ هشاشة محمودة في شخصيتها، البعض يُحب ان يُسميها “رقة”، رقة لا تمنع وضوح رؤيتها لفنها ومدى قوتها التي تستمدها منه، لكن فاتن حمامة أقنعتنا أنها بالفعل مديرة مدرسة، بشخصيتها الوقورة والجادة –أكثر من اللازم أحيانا- وهنا تكمن عبقريتها.

فريق مميز

الحديث عن عظمة فاتن حمامة لا يمكنه أن يُنسينا ما لفتنا إليه، من رفض “مسلسل البطل الواحد”، وهو ما كانت تدركه “حمامة” وصناع العمل جيدا، وبالتالي فيجب علينا أن نذكر أن أحد أهم أسباب نجاح مسلسل “ضمير أبلة حكمت” هو الفنانين الذين جسدوا أدواره.

على رأس هؤلاء الفنان أحمد مظهر، جار “أبلة حكمت” والمحب المخلص لها، برغم مرور سنوات العمر، والصديق الذي تلجأ إليه. كما شارك أيضا الفنان صلاح قابيل، والفنان جميل راتب، الذي برغم قلة مشاهده في هذا العمل، إلا أن شخصيته أصبحت محورية مع توالي الأحداث.

بالإضافة إلى عدد آخر من الفنانين، منهم من كان يطلق عليه وقتها “فنان شاب”، فشارك في المسلسل كل من الفنانين “عبلة كامل، سوسن بدر، نشوى مصطفى، محمود الجندي”.

الكتابة

اسم الكاتب الكبير أسامة أنور عكاشة، كفيل أن يجعلك مطمئنا على عقلك، تعرف أنه يملك رؤية، وأنك ستضمن متعة المشاهدة واكتساب قيمة. “عكاشة” لا يكتب مسلسلا على مقاس فنان بعينه، بالرغم من أن بعض أعماله بالفعل تتمحور حول أشخاص محددة، بل ويحمل العمل اسمهم أيضا، مثل “أبلة حكمت”، ومن بعده “أرابيسك”،على سبيل المثال، لكنه هنا يأخذ الشخصية المحورية “باب” للدخول إلى العالم الذي يريد أن يتحدث عنه، لا أن يُضيق العالم على قدر البطل.

الشخصية لدى أسامة أنور عكاشة لا تعني شيئا دون مجتمعها، فما قيمة “أبلة حكمت” من دون معلمي مدرستها، التي تسعى دائما لحل مشاكلهم، فالمدرسة كانت مجتمع أبلة حكمت، وليست مجرد “محل عمل”، وما قيمتها الإنسانية إذا لم تحمل هم قضية تلميذاتها وأصدقائها وأسرتها؟ وهو ما برع “عكاشة” في تناوله.

نصيحة “غير مباشرة”

أهم ما يضمن استمرارية هذا المسلسل هو قيمته الحقيقية في تأكيد أن الجيل الحالي لا يرفض النصيحة، لكنه يرفض الطريقة التي تُقدم بها، وهو ما أثر بالتالي على الأعمال التي يفضل الغالبية مشاهدتها، إما للمتعة فقط، أو تفضيل مشاهدة أعمال تقدم الواقع كما هو، وهي تُفيد في حالة “فش الغل” إلا إذا قدمت برؤية أعمق من مجرد نقل الواقع كما هو.

مسلسل “ضمير أبلة حكمت” يضع أمامك نموذج “محترم” لشخصية يُزينها القصور الإنساني الطبيعي، مما يجعلها في متناول أحلام المشاهد، ويرغب دون قصد في الاقتداء بها، كما أن العمل أدرك خطورة أن يشعر المشاهد بأن “حكمت” هي مثال للشخصية الكاملة، فأوجد مشاهد تُعاتب حكمت خلالها ذاتها، وتعترف بخطأ تنصيب نفسها قاضي على حياة بعض زملائها، كما تستعين في مشاهد أخرى برأي أحفاد أحمد مظهر “القبطان وجيه” في حل أزمتها.

يذكر أن مسلسل “ضمير أبلة حكمت” يُذاع على قناة dmc دراما، يوميا في الساعة 4 مساءً، ويُعاد عرضه في الواحدة صباحا.