محمد أبومندور يكتب: رصيد مشاعر

راقب غضبك وتحسس سلاحك ولا تنتقم. احبس انفاسك وتخطى حزنك ومن ثم انطلق، تكلم واستمع وتحاور مع الجميع، افتح لروحك آفاق أرحب واوسع وتأمل حكمة الخالق في خلقه. ارسم لنفسك حياة تتمناها ولا تحزن أن لم تنتهي للنتيجة التي تأملها، فكل أمر يحدث وفق رغبة الإله وما عليك سوى الاجتهاد والسعي. تأكد من أنك سعيت واترك الباقي، فسيأخذ كل أمر مجراه.

لا نملك احياناً سوى الغضب العارم الذي لا يسفر عن شيء سوى ما نسميه بحرق الدم، فكر ملياً قبل أن يتملك الغضب، هل يستحق الأمر الغضب من الأساس أم هل يستحق الاحباط أم الشعور بالخذلان؟ تحكم في مستوى مشاعرك وما تصرفه منها وأعلم ان لك رصيد محدد منها فلا تستنفذه قبل الأوان. نعم لكل منا رصيد من المشاعر سواءً كان فرحاً، غضباً، حباً، اشتياقاً، حزناً، واكتئاباً ايضاً. لا تتعجب فكما لك رصيد من الصحة فلك ايضاً رصيد من المشاعر لا يجب أن تفرط فيه بشكل غير مدرك.

قد تتعجب من كلماتي السابقة، لكن تأمل لو أنك اهملت هذا الأمر واسرفت في الفرح المبالغ فيه، سيأتي عليك يوم وقد استنفذت فيه مشاعر الفرح الموجودة لديك وتصبح غير قادر على الفرح!! تخيل أنك لا تستطيع أن تفرح لأنك فرحت كثيراً جداً من قبل. أو تخيل أنك لا تستطيع أن تحزن لفراق شخص شديد القرب منك أو عزيز عليك لأنك كنت قبل ذلك اليوم تحزن بإسراف على أي شيء وعلى كل شيء. ولنقص الرصيد من المشاعر الإيجابية يتزايد رصيدك من المشاعر السلبية فهناك علاقة طردية بين الطرفين ينقص هذا فينمو ذاك، ونحن بالطبع ضد أن تتزايد علينا المشاعر السلبية. إذن فلنبحث عن التوازن في المشاعر والانفعالات – وهو أمر لو تعلمون عظيم – دع رصيدك في حالة توازن بشكل عام، لا تطغى عليك هذه على تلك واقتصد في غضبك وحزنك لتنمي الطرف الآخر الخاص براحة البال والفرح.

والمشاعر يتم شحنها على الهواء كما هو حال هاتفك ورصيده، وتشحن بالعدوى كما هو حال انتقال الأمراض، فقد تصاب بالاكتئاب لوجودك مع شخص مكتئب أو بالفرح لشعور صديق لك بالفرح فكلاهما يبث لك تلك المشاعر ويؤثر عليك شئت أم أبيت، ولك انت وحدك اختيار نوع العدوى التي تنشرها والتي تتلقاها أحياناً. لذا احرص على نوع عدواك واختر ما تعدى به، وارفع رصيدك منه.

بمنطق حساب الربح والخسارة وإدارة محافظ الاستثمار، عليك أن تحسب ما يحقق لك أعلى عائد استثماري لمشاعرك وأن تختار أعلى الأرباح التي يمكنك جنيها من واقع رفع الرصيد وزيادة الأرباح. ومن واقع الصحة انشر عدوى المشاعر الطيبة وتلقى عدوى بأطيب منها، انشر السلام والمحبة تجني السعادة وراحة البال.

ارفع رصيد مشاعرك بابتسامك في وجه غيرك بلا ثمن، تبسمك في وجه أخيك صدقة.