لؤي الخطيب يكتب : للرسالة وجوه كثيرة

ما زلت أذكر هذا الطفل الذي كان يصلي على كل الرسل حتى ولو كان رسول التتار إلى مصر.

لم يكن يفهم أن كلمة رسول، وأن شخصية الرسول لا تحمل بالضرورة دلالات دينية، وإنما هي أمورٌ مُجردة تُعامل حسب كل موقف، فرسول الله مختلف عن رسول التتار إلى مصر.

تمامًا كما أن الرسالة الإعلامية ليست بالضرورة رسالة إيجابية ولا سلبية، كلمة رسالة مُجردة في ذاتها، الرسالة هي محتوى بين طرفين أحدهما مرسل والآخر مُستقبل.

الثقافة الشعبوية جعلت من كلمة رسالة مفهومًا مُقدسًا، أي أنها يجب أن تكون رسالة تحمل قيمًا وأخلاقيات كبرى، الأمر نفسه ينطبق على من ينتقدون الإعلام دائمًا لأنه لا يقدم أي رسالة.

الحقيقة أن هذا يحدث أحيانًا فنرى محتوى بلا مضمون حقيقي، ولكننا نحتاج أيضًا أن نحرر مصطلح الرسالة، فبكل أسف نحن واقعون بين شقي رحى، بين طرفين أحدهما يعتبر أن أي شيء في الحياة مهما كان فارغا يمكن أن يكون رسالة إعلامية، والآخر يطالب بمحتوى إعلامي يعكف عليه أساتذة جامعة من كل التخصصات.

المفهومان لا يمكن تطبيقهما، التصوران يقودان حتمًا إلى إعلام ماحدش بيتفرج عليه.

القيم والإخلاقيات مطلوبة، ولكن خالد عليش حينما يكون معاك في السكة ليرسم ضحكة على وجهك، بنكت ولعب وهزار، فتلك رسالة إعلامية عظيمة، أبلة فاهيتا بإفيهاتها تقدم رسالة إعلامية هامة، تمامًا كما أن برامج الفكر والسياسة تقدم رسائل لا غنى عنها.

معيار المفاضلة هنا في جودة الرسالة، فإذا كان البرنامج كوميدي بينما الإفيهات مُستهلكة “مش متعوب عليها” فالرسالة الإعلامية بلا مضمون، فارغة تماما ولا يصح أن يطلق عليها كلمة “رسالة”.

تحرير المصطلحات يؤدي إلى إنتاج محتوى غني، يقود إلى فهم أن المُتلقي بكل أشكاله مشاهدا، قارئًا، مُستمعًا، يستحق أعلى جودة للمحتوى الذي يتلقاه، أو الرسالة التي تصله.